دبي - محمد أبو عرب: تواصلت مساء أمس الأول فعاليات ورشة "أشكال الكتابة السردية من الذات إلى التخيل" التي يقدمها الروائي والناقد التونسي كمال الريحي، في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، بالاشتغال على اليوميات الحميمة بوصفها جنساً إبداعياً يمكن الاستفادة منه في كتابة الأجناس السردية كافة: القصة، والرواية، والسيرة الذاتية . وتناول الرياحي في ثاني أيام الورشة التي يشارك فيها خمسة عشر مبدعاً ومبدعة، من الإمارات والخليج العربي، التقنية التي تكتب بها اليومية من حيث الشكل واللغة، وتوظيف الأحداث، والجنوح إلى البوح، والكشف عمّا لا يمكن الحديث فيه علانية، مشيراً إلى أن اليومية لا تزال حتى اليوم جنساً إبداعياً حائراً لا يصنفه النقاد عملاً أدبياً يمكن لأي شخص كتابته . وأوضح الرياحي أن كتابة اليومية تتبدى في أشكال عدة أبرزها، السرد القصصي، والحوار، والنص التأملي، وعرض الأسئلة والاستفسارات، مبيناً أن الشائع هو الشكل السردي القصصي، حيث يقوم الحوار على سرد المواقف التي جرت بين الكاتب وشخص آخر، أو بين الكاتب ونفسه، والتأملات غالباً ما تكون في أيام المراهقة واصطلح عليها بالخواطر، أما الاستفسارات فهي طرح مجموعة من التساؤلات عن ما مر في يوم الكاتب . وأشار الرياحي إلى أن ما تقدمه اليوميات يمكن حصره في نقاط عدة أبرزها، كتابة المحظور، والحميمي، والتأملات، والكشف عن الحالات النفسية، والآراء السياسية، والبوح عن الاختلافات الجنسية والعرقية، والمشاكل العائلية، وأسرار العمل، وغيرها من الأغراض . وانطلق الرياحي من ذلك للكشف عن إمكانية تحويل اليوميات إلى أجناس سردية أخرى، مشيراً إلى أن الكاتب التونسي محمد العريبي كان أول من حول اليوميات إلى نصوص قصصية في العالم العربي، والعريبي هو واحد من جماعة "تحت السور الأدبية" التي شكلت سيرتها أسطورة في حركة الأدب التونسية والعربية . ولفت الرياحي إلى أن اليوميات بوصفها تسجيلاً لأهم الأحداث التي تمر بكاتبها، وتوثيق لمشاعره في تلك اللحظات، تمثل مادة خاماً لمنتج سردي آخر، كأن تتحول إلى سيرة ذاتية، أو رواية، أو مجموعة قصصية، وهذا يعيد طرح القضية التي ينشغل بها الوسط الأدبي في العالم، وهي أن الأجناس الأدبية ترجع إلى السيرة الذاتية . وقرأ المشاركون خلال الورشة يومياتهم التي كلفهم بها الرياحي في اليوم الأول للورشة، فتنوعت القراءات، بين يوميات تأملية، وأخرى شعرية، وقصصية سردية، كشفت عن لغة المشاركين وجانب من عوالم بناء النص لديهم، حيث ناقش الحاضرون نصوص يومياتهم وتوقفوا عند لغتها وتقنيات كتابتها، فاتحين بذلك المزيد من الأسئلة عن بناء نص اليومية . وخلصت الورشة إلى اعتبار الدقة في رصد الزمن: اليوم والتاريخ والساعة، ضرورة لليومية، ونص اليومية بما يمكن التنويع في كتابته قابل لكي يتطور إلى نصوص سردية، وشعرية، وتأملية، ورسوم توضيحية، وملاحظات، وخواطر ذهنية، يمكن تقديمها في متن اليومية الواحدة، من دون مراعاة للحجم . الخليج الامارتية