بعدسة الكاميرا؛ سلاح العزل، اختار المصور الفلسطيني أسامة سلوادي أن يخوض معركته من أجل حماية الموروث الثقافي والتراثي الفلسطيني بمختلف مكوناته، من بينها الثوب الفلسطيني التقليدي الذي اختاره سلوادي موضوعاً لمعرض «ملكات الحرير»، الذي افتتح مساء أول من أمس في المسرح الوطني بأبوظبي، بتنظيم من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي. ضم المعرض الذي افتتحه نائب رئيس مجلس العمل الفلسطيني في أبوظبي جمال أبوبكر، ويستمر حتى 12 الجاري، 38 صورة فوتوغرافية، 18 منها من كتاب سلوادي الذي يحمل عنوان «ملكات الحرير»، و10 صور لأبواب وشبابيك فلسطينية قديمة، و10 صور لبدو وفلاحين طاعنين في العمر. حياة مع الكاميرا ولد أسامة سلوادي في رام الله - فلسطين عام 1973، بدأ حياته المهنية في مجال التصوير الصحافي قبل 20 عاماً، أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وفي ال19 من عمره بدأ العمل مع العديد من المؤسسات الصحافية المحلية، ثم انتقل الى العمل مع وكالة الصحافة الفرنسية أربع سنوات، وانتقل إلى العمل مع وكالة «رويترز» خمس سنوات، ثم عمل مصوراً رئيساً في فلسطين لمصلحة وكالة «جاما» الفرنسية. وفي عام 2004 أسس وكالة أبولو، وهي أول وكالة تصوير فلسطينية. في عام 2009 أسس مجلة وميض ورأس تحريرها. وبالإضافة الى التصوير الإخباري عمل سلوادي على توثيق الحياة اليومية للشعب الفلسطيني من خلال العديد من القصص والمشروعات التوثيقية المصورة، وصدرت له ستة كتب: «المرأة الفلسطينية عطاء وإبداع» 1999، «ها نحن» 2005، «فلسطين.. كيف الحال» 2008، «الحصار» 2008، «القدس» 2010، و«ملكات الحرير» 2012. معارض وإصابة أقام أسامة سلوادي العديد من المعارض محلياً وعالمياً، حيث عرض أعماله في فلسطين ومصر وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. وفي عام 2006 تعرض أسامة لإصابة خطيرة، إذ أصيب برصاصة طائشة خلال مسيرة وسط مدينة رام الله، أدت لإصابته بشلل نصفي في الأطراف السفلى. وحرص سلوادي في الصور التي ضمها المعرض، والتي جمعها أيضاً في كتاب «ملكات الحرير» الصادر باللغتين العربية والإنجليزية، على توثيق الثوب الفلسطيني بكل أشكاله، عبر المراحل الزمنية المختلفة، وكذلك رصد الاختلافات التي تميز الثوب في كل منطقة من مناطق فلسطين بداية من الجليل في الشمال إلى النقب. وقال في الندوة التي أعقبت افتتاح المعرض وقدمتها الإعلامية سحر الميزاري، إن «لكل منطقة في فلسطين ثوباً خاصاً بها يختلف عنه في المناطق الأخرى، فعلى سبيل المثال؛ كلما اتجهنا إلى الجنوب زاد التطريز والحرير المستخدم في الثوب، كما تتميز أثواب منطقتي النقب وبئر السبع باستخدام اللون الأحمر بشكل أوضح من المناطق الأخرى، أما الثوب في شمال الضفة وفي منطقة المثلث فيقل فيه التطريز، وفي بعض المناطق يختفي تماماً من الثوب الذي يصنع من القماش فقط مع ربطة الخصر، وهذه الاختلافات مرتبطة بأسباب اجتماعية واقتصادية، فالسيدات الأكثر ثراء وتفرغاً يقمن بتطريز أثوابهن بغزارة، أما في المناطق الزراعية فتعمل المرأة في الزراعة فلا تمتلك الوقت الكافي لتطريز ثوبها». وأوضح المصور الفلسطيني الذي بدأ مشواره المهني منذ ما يقرب من 20 عاماً، أن بداية مشروعه لتوثيق التراث انطلقت عندما كان يشاهد عرضاً عالمياً للأزياء، وتقدم فيه كل عارضة زياً من بلدها، فخرجت عارضة إسرائيلية ترتدي الثوب الفلسطيني، عندها شعر بأن عليه أن يتحرك بسرعة لتوثيق كل ما يستطيع توثيقه من عناصر التراث الفلسطيني مستخدماً الصورة التي أصبحت الوسيلة الأكثر انتشاراً وقدرة على الوصول إلى العالم، مشيراً إلى أن «ملكات الحرير» يمثل جزءاً من مشروع كبير يتضمن ستة أجزاء؛ تشمل الحلي والمجوهرات التقليدية، والمطبخ الفلسطيني، والعمارة التراثية، والحرف التقليدية، إلى جانب الزهور والطيور التي تعيش في فلسطين، فهناك أكثر من 300 نوع من الزهور غير مسجلة عالمياً، و148 نوعاً من الطيور غير مسجلة باسم فلسطين، وهو أمر خطير، ومن الضروري توثيقه في كتب مصورة لتقديمه للعالم. وذكر سلوادي أن هناك كتباً قدمت من قبل عن الثوب الفلسطيني، لكنها كانت تتضمن صوراً صامتة لأثواب معلقة على الجدران مصحوبة بنص جاف؛ لكنه في «ملكات الحرير» عمد إلى تحويل المادة إلى عمل فني بصري، بعد أن خرج بالثوب إلى مناطق مختلفة تظهر تنوع الطبيعة الفلسطينية، وارتدته فتيات فلسطينيات جميلات، بما يجمع بين جمال الثوب وجمال الطبيعة وجمال المرأة الفلسطينية، مضيفاً «الكتاب ليس موسوعياً، فلم أجمع كل المعلومات عن الثوب التقليدي، لكنني حرصت على إبراز خصوصيته في كل منطقة، وتفاصيل اختلافه من مكان لمكان». عن الصعوبات التي واجهها في تنفيذ مشروعه، أشار أسامة سلوادي إلى أن من أبرز هذه الصعوبات كان العثور على الأثواب التي جمعها وصورها، خصوصاً أن 90% منها أثواب أصلية قديمة، وأحدها يرجع تاريخياً إلى عام 1785، إلى جانب صعوبة الحركة في فلسطين، والتي يعاني منها الأصحاء، وتزيد بالنسبة لشخص مثله يستخدم الكرسي المتحرك، إلى جانب عدم اهتمام الجهات والمؤسسات الرسمية المعنية بالموضوع مثل وزارة الثقافة، وعدم وجود رعاية مادية للمشروع، لافتاً إلى أنه قام بعمل جلسات تصوير لكل ثوب، وبعض الأثواب احتاج إلى أكثر من جلسة، وأخذ لكل ثوب منها ما يقرب من 150 صورة. وكشف سلوادي أنه سيبدأ الشهر المقبل في توثيق الأهازيج والأغاني التراثية، التي تشمل هدهدة الطفل وأغاني الحزن والسفر، وغيرها، وتسجيلها صوتاً وصورة بالفيديو، لافتاً إلى أن هذا الموضوع بات ملحاً لأن حافظي هذه الأغاني من المسنين، ولابد من تسجيلها سريعاً. وذكر أن موقعه الخاص يضم ما يقرب من 10 آلاف صورة، بينما يضم أرشيفه الشخصي نحو نصف مليون صورة، سيقوم بتحميلها على الموقع لإتاحتها لمحبي فلسطين، كما سيعمل على إصدار نسخ رقمية من كتبه الخاصة بمشروع توثيق الموروث الفلسطيني. الامارات اليوم