يشغل الرأى العام العديد من القضايا التي تمس حاضر ومستقبل الوطن في ظل تراكم المشاكل أمام المواطن المصرى الذى شغله الشاغل ما يحدث في مصر، ولوضع تلك المشاكل أمام صاحب خبرة في المجالات السياسية لخلق حلول لها كان لنا هذا الحوار مع المفكر الكبير عبد الغفار شكر عضو جبهة إنقاذ الوطن، ومؤسس حزب التحالف الاشتراكي، طرحنا عليه أغلب المشاكل؛ بداية من الإعلان الدستورى وحتى نصل إلى المستقبل. -بين دعوة الرئيس محمد مرس للحوار الوطني مع القوى السياسية وما حدث أمام الاتحادية من اعتداءات على المتظاهرين أزمات كثيرة؟ .الوضع الراهن في مصر تسبب فيه رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بعد إصداره الإعلان الدستورى الأخير، بفرض إجراءات استثنائية وحرمان المصريين من حق التقاضي وسلب سلطات القضاة وتحصين قراراته والقوانين الصادرة والإعلانات الدستورية التي يصدرها تباعا، وهذا الإعلان الأخير خلق مشاكل كثيرة، وساعد على تجمع كافة القوى المعارضة من يسارى وليبرالى وناصرى ومستقل ضد ذلك الإعلان ليشكلوا جبهة الإنقاذ الوطني، وأجزم أن هذه القوى كنت أظن أنه لن تجمع، وبالتالي هذا المأزق الذى وضعنا فيه الرئيس وهو الوحيد الذى يمتلك مبادرة إخراجنا منه عن طريق إلغاء هذه الإعلان الدستورى الأول والثاني. أما دعوة الرئيس للحوار لم نستجب لها بسبب أن سبق وأن دعا الإخوان المسلمين للحوار مع كافة القوى السياسية وذهبنا للحوار وكانت المحصلة هي استحواذ الجماعة على كل شىء، دون مراعاة لشركاء في الوطن والثورة، بالإضافة أن هناك حوارا آخر تم بين مرشحي الرئاسة السابقين وتم الاتفاق على أشياء محددة، لكن الجميع فوجئ بقرارات بعيدة كل البعد عن الإعلان الدستورى الذى صدر، هذه الأمور كلها جعلت الجميع يرفض الحوار، ولم يقف الحد عند ذلك، حركة الشارع المصرى وشباب الثورة وحزب الكنبة والمواطنين من أجل النزول والتظاهر لإلغاء هذا الإعلان الدستورى المشئوم. -كيف الخروج من هذه الأزمة التي ساعدت على الانقسامات التي يشهدها الشارع اليوم في ظل حشد أمام حشد ومسيرة يقابلها مسيرة؟ الحل الوحيد أمام الرئيس للمرور من هذه الأزمة هو إلغاء الإعلان الدستورى الأول والثاني وما ترتب عليه، وإلغاء قرار الاستفتاء على الدستور والمزمع إجراؤه يوم السيت 15 ديسمبر الجارى، وبالتالي حل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وانتخاب جمعية جديدة تشكل من جميع فئات الشعب؛ لأنه ليس من المقبول أن تقوم جماعة أو فصيل سياسي بعمل الدستور المصرى الذى سيظل سنوات ، وما خرج به حوار الرئيس مع المعارضة أمر غريب، فما بني على باطل فهو باطل، فكيف أثق في الحلول التي تم طرحها فيما يخص المواد الخلافية في الدستور؟ لذلك فإن مسألة توقيع وثيقة بتعديل هذه المواد الخلافية بعد إجراء الاستفتاء أمر يصعب تحقيقه في المستقبل. -ضمت جبهة الإنقاذ الوطني فصائل سياسية مختلفة كنا نشك أن تتجمع في يوم من الأيام.. .لقد تم تشكيل جبهة الإنقاذ الوطني بعد صدور الإعلان الدستورى المكبل، ويجمع الجميع هدف واحد واتفاق على مبادئ محددة، وما جمعنا هو المصلحة العامة والأضرار التي سوف تترتب على صياغة الدستور والإعلان الدستورى، هذا التحالف سينتهي بزوال تلك الأهداف التي ذكرناها في الحلول المطروحة للخروج من الأزمة في بدايات الحوار. -لكن الشارع تجاوز تلك الأهداف، وهو يطالب الآن بإسقاط النظام؟ .هناك حركة جماهيرية مستقلة لا يستطيع أحد السيطرة عليها؛ لأنها غير منظمة في تنظيم حزبي، ولها تفاعلاتها الخاصة مع الأمور والوضع السياسي، والدليل علي ذلك أننا لم نكن نتصور عودة الحشود والمليونيات مرة أخرى، لكن حدث ذلك ضد الإعلان الدستورى، هذه الحركات الجماهيرية لها تصوراتها في طرح قرارها، فنجدها تطالب بإسقاط الرئيس مرسي، وهذا أمر غير مطروح من قبل جبهة الإنقاذ، ومن ثم هذا المنطلق يجب أن تعيه جماعة الإخوان المسلمين جيدا، أيضا هناك أمر آخر، هو أن الشعب المصرى تغير، وهو ما ثبت للجميع، فعندما يجد الشعب أهداف الثورة لم تحقق ولم تكتمل بعد تتحرك الجماهير لتصل إلى أهدافها. -هذا يعني أن مشروع أخونة مصر فشل؟ .في الحقيقة أن المجتمع المصرى أكبر من هذا المشروع، ولن تستطيع جماعة أو حركة تغيير موروثاته، والبيروقراطية المصرية دليل على فشل مشروع الإخوان، فهناك 6 ملايين موظف حكومة لم يتحولوا إلى إخوان، لكن الجماعة تحاول السيطرة وتنفيذ مشروع التمكين من مؤسسات الدولة، فلديها 6 وزراء في الحكومة، وهناك الرئيس، وتمكنت من السيطرة على أغلب مقاعد مجلس الشعب الذى حُل، لكن هذا لا يعني أن أهدافها في تمكين نجحت. لقد رفضت المعارضة حوار الرئيس، وهناك من ذهب، فهل لديكم في حزب التحالف الاشتراكي الذى تترأسه طريقة لمواجهة الاستفتاء؟ نعم لدينا حلول للمواجهة على 3 مسارات، أولها أننا جزء من بناء جبهة إنقاذ الوطن، وثانيها بناء جبهة استراتيجية أهدافها تستمر لما بعد إلغاء قرارات الرئيس، والثالث التعامل مع كافة الحركات الجماهيرية والقيام بدور أساسي فيها، لكن هناك أطراف سياسية لها مشروعاتها، وكل تيار مستعد لاستخدام كافة الوسائل السلمية للوصول إلى أهدافه، لكن ما تقوم به جماعة الإخوان المسلمين من عنف غير مبرر من أجل البقاء في السلطة، لأن هذه الفرصة لن تتكرر لهم، فيتم اللجوء إلى كافة الوسائل، من إرهاب والتعدى على الرموز السياسية، نقول لهم: إننا مستمرون في نضالنا مهما حدث من إرهاب. -هل من المنتظر أن تشهد مصر موجه أخرى من الثورة بعد قرارات الرئيس محمد مرسي؟ .من الممكن أن تكون هناك موجات ثورية جماهيرية لو استمر الرئيس وجماعته في التعدى على الدستور، ومن هنا أطالب المعارضة بتوحيد صفوفها وتحديد أهدفها، ونزول للجماهير، فالثورة كانت ذات طابع اجتماعي تضامنت معها مطالب الطبقة الوسطى، لذلك تم إسقاط نظام مبارك، وها نحن أمام نفس الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد قبل الثورة، فهناك 5 مليون عاطل و40% من الشعب المصرى تحت خط الفقر، وهناك موجات من الإضرابات تشهدها أماكن عديدة في مصر، وعلى المعارضة طرح الحلول لمواجهة هذه الأزمات، وتحدد المطالب الاجتماعية، وعلى رأسها الحد الأدنى للأجور وتطوير العشوائيات وتوفير فرص عمل. -صف لنا ما وصل إليه الاقتصاد المصرى؟ .إن قلب الأزمة الاقتصادية هو عجز الموازنة العامة للدولة، وحتى الآن لم تضع الرئاسة ولا حتى الوزارة حلولا إلا الاقتراض من صندوق النقد الدولي، في ظل احتياطي نقدى يتآكل، والتراجع الكبير في السياحة، والغلاء،... إلى آخره. والحل الوحيد من وجهة نظرى هو التحول الديمقراطي السريع لتهيئة مناخ استثمار جاذب للمستثمرين لا منفر ببعض القتاوى التي تصدر، وأؤكد أننا مقبلون على كارثة اقتصادية. -مشاريع الرئيس محمد مرسي التى تحدث عنها، وعلى رأسها مشروع النهضة، وأيضا مشروع ال100 يوم، هل هي موجودة بالفعل؟ .نبدأ بمشروع ال100 يوم، ماذا تحقق على الأرض؟ القمامة كما هي، ومشكلة المواصلات تفاقمت، والأمن ما زال غائبًا، أما الحديث عن مشروع النهضة، فقد خرج علينا المهندس خيرت الشاطر لينفي وجود مشروع نهضة بقوله: "نحن لدينا أفكار سيتم طرحها على الشعب المصرى وسيتم النقاش عليها لتحويل هذه الأفكار إلى مشروعات". -لقد كنتم تشغلون منصبا في المجلس القومي لحقوق الإنسان، واستقلتم مؤخرا منه.. ما أسباب الاستقالة؟ .بسبب رفضي للإعلان الدستورى؛ لأنه يتعدى على حقوق الإنسان، ولا يمكن تنفيذ مواده، وبعد اجتماع مع المجلس طالبت بإصدار بيان رافض لهذا الإعلان، فتم رفض ذلك بسبب أن هناك تكتل من التيار الإسلام السياسي داخل المجلس؛ حيت يمثل الثلثين. -كيف ترى المستقبل من وجهة نظرك؟ .الشعب المصرى لن يعود إلى الخلف، والجيل الجديد من الشباب يصر على تحقيق أهداف الثورة، ومستعدون لدفع ثمن لذلك، ستتمكن الثورة من تحقيق أهدفها.