أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية "أن الشريعة الإسلامية الغراء نزلت بمقاصد سامية وقيم راقية من أعلاها وأهمها تعزيز السلم وحفظ الأنفس وصون الدماء وإفشاء السلام» مشيرا إلى أن الإسلام جاء لجمع الكلمة وإشاعة المحبة وبث روح الوئام بين الناس على اختلاف دياناتهم وتنوع معتقداتهم. وقال سموه في الكلمة الافتتاحية لأعمال المنتدى العالمي حول "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" في فندق سانت ريجيز السعديات في أبوظبي "إن من أهم أسباب الشقاق والحروب الطائفية التي تمزق أمتنا اليوم غياب صوت العقل وانحسار مبدأ الاختلاف الذي جبلت عليه الخليقة وتصدر أشباه العلماء مواقع الريادة ومنابر الفتيا واحتلالهم لوسائل الإعلام المتنوعة فاستخفوا رهطا من الناس فانساقوا خلفهم من دون وعي ولا دراية". وشدد سموه على أنه ولكي تعود الأمة إلى صوابها لا بد من عودة علماء الدين المشهود لهم بالعلم والفضل والوعي بمقتضيات العصر وتغيرات الزمان ليكونوا في الواجهة فلا تأثير لعالم منفصم عن واقع أمته وغائب عن فهم حاجاتها ناهيكم عن جاهل بالمتغيرات الحضارية التي تقتضي إعادة النظر وتجديد الخطاب الديني ليكون عقلانيا متزنا ونابعا من حاجات الإنسان فمن تلك حاله لا يمكن أن يؤثر إيجابيا في أمته. تساؤل مؤرق وعبر سموه عن حال المسلمين قائلا: "أتساءل - وفي النفس أسى وحرقة على إخوتنا المسلمين الذين يتناحرون في شتى أصقاع الأرض وكل يزعم أنه على الحق، يتصارع الكبار على المكاسب السياسية والمصالح المادية فيغرون الشباب لخوض حروب طاحنة بالنيابة عنهم ويقولون إن موعدهم الجنة - وهل أعدت الجنة لمن يقتل أخاه الإنسان بغير حق وباسم رب العالمين!». واضاف سموه عندما نعود لتأمل السيرة النبوية نلحظ البون الشاسع بين ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وما عليه كثير ممن يدعون اتباع هديه اليوم فالنبي عليه السلام وهو المؤيد بالوحي والمبعوث بالحق رفض إطباق الأخشبينِ على قومه الذين آذوه وكذبوه. واسترشد سموه بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر». أمانة العلماء وخاطب سموه العلماء المشاركين في المنتدى والذين يزيد عددهم عن 250 مفكرا إسلاميا من مختلف أنحاء العالم بقوله "إنكم أيها العلماء تحملون أمانة التنوير والتبصير فديننا الإسلامي ما فتئ منذ نزوله وسيبقى حتى آخر الزمان إن شاء الله دينا نورانيا يدعو البشر إلى التبصر والتفكر والتعايش، ولذلك فإننا نقدر دوركم التاريخي في إخماد نيران الفتنة وتقريب وجهات النظر وإنارة العقول وتأليف القلوب على مبدأ السلم". الجلسات وشهدت الندوة امس عقد جلستين علميتين ناقش المشاركون خلالهما 6 أوراق علمية، تناولت موضوعات تدبير الاختلاف وثقافة الحوار، وآليات التعاطي مع المواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان. وترأس الدكتور فيصل بن معمر، مدير مركز الملك عبدالله لحوار الأديان محور نقاش الجلسة الاولى والتي قدم خلالها الدكتور فهمي جدعان ورقة علمية حول ثقافة الحوار، ثم استعرض الدكتور محمد السماك اهم مشاكل العالم الاسلامي، اما الورقة الثالثة فقدمها الدكتور هاني فحص، تناول خلالها انواع ثقافة الاختلاف، كما قدم الدكتور عبدالمجيد الصغير، ورقة علمية اكد خلالها على اهمية عقد حوارات مشتركة بين جميع الأطراف المعنية. اما الجلسة الثانية والتي ترأستها الدكتورة عزيزة الهبري، أستاذة القانون بجامعة ريتشموند بالولاياتالمتحدة، فقدم المشاركون خلالها ورقتين علميتين، حيث استعرض الدكتور أحمد عبادي من المغرب آليات التعاطي مع حقوق الانسان، أما الورقة الثانية فقدمها الدكتور محمد كمال امام من مصر، تناول خلالها المواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان. "معلمة زايد" من جانب آخر عرضت مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية على هامش مشاركتها في المنتدى أمس، "معلمة زايد" للقواعد الفقهية والأصول، المكونة من 41 مجلداً، جاءت ثمرة ونتاج عمل عدد كبير من العلماء والفقهاء من مختلف الدول الإسلامية على مدار 15 عاماً. وكشف أحمد بن شبيب الظاهري، مدير عام مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والانسانية، أن المؤسسة تدرس حاليا إمكانية تلخيص جميع الدروس والمواد الفقهية التي تشتملها "معلمة زايد"، وإعادة طباعتها في 5 مجلدات، فضلا عن ترجمتها من اللغة العربية الى اللغات الأخرى ونشرها في مختلف دول العالم، بغية تحسين صورة الشخصية العربية والإسلامية لدى الآخر. وأشار الى أن المعلمة تنقسم الى 4 أقسام رئيسية، هي المقاصد والضوابط الفقهية والقواعد الفقهية، وأصول الفقه، لافتا في الوقت نفسه الى أن المؤسسة عملت على توفير نسخة الكترونية من المعلمة على موقعها الالكتروني وموقع منظمة التعاون الاسلامي. وقال أحمد بن شبيب الظاهري: إن مشاركة المؤسسة في هذا المنتدى، تأتي تأكيداً لضرورة نشر ثقافة السلم المجتمعي التي ارساها المغفور له باذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله)، في ظل ما تشهده الساحة العالمية من أحداث وانقسامات وأفكار متطرفة، أدت إلى أعمال عنف. ونوه الى أهمية نشر مبادئ الدين الإسلامي القويم في المحبة وتعميق أواصر الأخوة والوفاق والتفاهم، داعيا جميع المؤسسات والجهات الانسانية على المستويين المحلي والعالمي، للقيام بواجبها والعمل على الاستعانة بكل الوسائل التي تعبر عن رقينا الثقافي والإسلامي لإعطاء صورة نقية لما تحمله رسالة الإسلام العظمى. أبرز المشاركين في المنتدى يجمع المنتدى العالمي "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" نخبة كبار العلماء والمفكرين والدعاة من مختلف دول العالم بهدف تشكيل منصة واحدة للتصدي للأفكار والأيديولوجيات المتطرفة التي تخالف مبادئ الإسلام. ومن أبرز العلماء والمفكرين المشاركين في المنتدى الشيخ العلامة عبد الله بن الشيخ المحفوظ بين بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد وهو أحد أكبر العلماء السنة المعاصرين وتم اختياره من قبل جامعة جورج تاون كواحد من أكثر 50 شخصية اسلامية تأثيرا لعام 2009، كما فاز بلقب استاذ الجيل في جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الاسلامي في دورتها السابعة في البحرين. كما يشارك في المنتدى فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب، والدكتور أحمد العبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء مدير الأوقاف والشؤون الاسلامية بالمغرب، والشيخ الدكتور أحمد عبد العزيز الحداد مدير دائرة الإفتاء في دبي وهو من أبرز علماء الامارات، والداعية الاسلامي حمزة يوسف هانسن الاستاذ في جامعة الزيتونة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والدكتور شوقي عبد الكريم علام مفتي الديار المصرية، والدكتور عارف علي النايض السفير الليبي لدى الدولة، كما يشارك الدكتور محمد تقي عثماني نائب رئيس مجمع الفقه الاسلامي ونائب رئيس دار العلم في كراتشي، والدكتور عبد الحكيم جاكسون استاذ الدراسات العربية والاسلامية في جامعة ميتشجان الأمريكية. كما يشارك في المنتدى الدكتور محمد الروكي رئيس جامعة القرويين في المغرب، والدكتور محمد السماك أمين عام لجنة الحوار الاسلامي المسيحي مستشار مفتي الجمهورية اللبنانية، وفضيلة الشيخ مصطفى سيريتش المفتي العام في جمهورية البوسنة والهرسك، والدكتور محمد السرار رئيس مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث والسيرة بالمغرب، وهاني فحص عضو اللجنة الشرعية للمجلس الشيعي الأعلى في لبنان، والدكتور أحمد أبو الوفا استاذ القانون الدولي في كلية الحقوق جامعة القاهرة، والدكتور رضوان السيد استاذ الدراسات الاسلامية بالجامعة اللبنانية، والدكتور عبد المجيد الصغير استاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الانسانية في المغرب، والدكتور محمد كمال الدين استاذ الحقوق والمقاصد في جامعة الاسكندرية، كما يشارك في المنتدى الدكتور سعيد حارب المهيري كاتب ومفكر اماراتي واستاذ العلاقات الدولية والإسلامية، والدكتور فهمي جدعان استاذ بالجامعة الاردنية والدكتور عادل عبد القادر بن محمد ولي قوته استاذ بجامعة الملك عبد العزيز في جدة. كما يشارك في منتدى "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" مفكرات وداعيات مسلمات من بينهن الدكتورة عبلة الكحلاوي والدكتورة كلثم المهيري من الإمارات ومارلين مونينغتون عضو الهيئة القضائية في بريطانيا والدكتورة عزيزة الهبري والدكتورة شيخة حليمة كلاوس داعية الحوار بين الأديان. أهداف يجمع المنتدى العالمي "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" كبار العلماء والمفكرين في العالم في جبهة موحدة لمواجهة الايديولوجيات المتطرفة التي تخالف القيم الاسلامية ومبادئ الاسلام السمحة، كما يهدف المنتدى من خلال الدراسات الإسلامية السليمة المبنية على مبادئ صحيحة متعارف عليها إلى ايضاح حقائق هامة بأن الايديولوجيات المتطرفة اشعلت الصراع الطائفي وتسببت في تصاعد الارهاب والتحريض المتزايد على العنف والاقتتال، كما تسببت في استقطاب العالم الاسلامي وزعزعة الاستقرار فيه وشوهت صورة الاسلام. ويمثل المنتدى محاولة أولى على المستوى العالمي لرسم خارطة طريق نحو الأمام للمجتمعات الاسلامية للعيش بسلام وتناغم مع المفاهيم العالمية بدون شكوك أو مسائل تدعو للجدل، كما يهدف المنتدى إلى جسر الهوة في الفهم بين المجتمع المسلم والمجتمع الدولي من خلال عرض العقيدة الاسلامية بشكل واضح ولا لبس فيه وعبر تعليقات تستند إلى مرجعية دينية حقة تدحض تبريرات الأفكار والأفعال المتطرفة. قضايا وصراعات يناقش المنتدى القضايا الإنسانية التي تسببت بها الصراعات الفكرية والطائفية في المجتمعات المسلمة بسبب استقواء كل طرف بمن يعينه ويحتضنه على حساب مصلحة الأمة مما دعا عددا من العلماء المسلمين إلى المطالبة بضرورة الاجتماع على موقف موحد لمعالجة حدة الاضطرابات وأعمال العنف غير المسبوق في العالم الإسلامي الذي لم يستثن أي نوع من الأسلحة وأدت إلى الإساءة إلى صورة الإسلام أمام أنظار العالم. وزير الخارجية: سفك قطرة دم واحدة لأي إنسان أمر تقف ضده كل الشرائع السماوية قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية: إن حضارة الإسلام شهدت عصرا عظيما شرف العالم، وعاشت من خلاله البشرية أبهى حقبها، فامتدت مآثر تلك الصورة المشرفة عبر مئات السنين إلى يومنا هذا حتى أصبح معروفا عن المسلمين أنهم أهل خير ومحبة وسلام إلى أن ظهر عند البعض مفاهيم أخرجتهم من السماحة إلى الفظاظة ومن السعة إلى الضيق. وقال سموه في مقدمة كتيب المنتدى: "إنه لا يخفى عن الجميع ما تمر به أمتنا الإسلامية من معاناة نتيجة لذلك التغير الذي نتجت عنه خلافات وصراعات آلت إلى مستوى الفتن والأخطاء الجسيمة التي كلفت دمارا شديدا في العلاقات الإنسانية تأثر به حتى أبناء الوطن الواحد. وأضاف سموه: "إن سفك قطرة دم واحدة لأي إنسان هو أمر تنفيه وتقف ضده كل الشرائع السماوية فكيف بالأمر إن وصل إلى مستوى حمل السلاح والاقتتال بين أبناء الدين أو المذهب أو العرق، والاستهانة الواضحة بأرواح الأبرياء بشكل انعكس سلبا على صورة الإسلام ووضع أهله في موقف محرج أمام الإنسانية. وقال سموه: "إن المتأمل في أسباب ما يحدث يدرك جيدا أن هناك الكثير من الغموض في الرؤية والالتباس في المفاهيم والخلل في التطبيق لدى الفرد المسلم نفسه، وهي مظاهر تعكس الثقافة المتأزمة التي تعيشها المجتمعات الإسلامية اليوم، وتحتم على القادة وصناع القرار والمفكرين من علماء ومثقفين وساسة وإعلاميين أن يتحملوا مسؤولياتهم في التصدي لها والعمل بشكل غير مسبوق لتدارك ما تمر به الأمة من أزمة، وانطلاقا من تلك المسؤولية، وحرصاً على وحدة الصف، رأينا أن تنظيم حشد دولي يختص بمعالجة الأفكار والقضايا التي تعد من مسببات تلك الاضطرابات هو أمر غاية الضرورة وأن الاستهانة بمثل هذه الظروف قد يكون في غاية الخطورة، وذلك من أجل تدارك هذه الأوضاع ومحاصرة نيران أفكارها والسعي بقوة لإطفاء ما تسببه من حرائق قد تلتهم ما تبقى من موروث حضاري نفتخر به نحن المسلمين أمام العالم. وأضاف سموه: "تنظيم منتدى دولي تحت عنوان "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" يهدف أساسا إلى التركيز على تحقيق هذا الدور، ويبدأ من خلال التباحث في القضايا الملحة، وتصحيح المفاهيم، ومعالجة الفتوى الجائرة في زمن الفتن، لنعود إلى القيم الإسلامية العظيمة التي تتلاءم مع القيم الإنسانية، وتوفير سبل العيش المشترك، وتبحث كيفية إسهامنا في السلم العالمي. تجاوز الحزبية وثمن عبد الله بن بيه أحد أبرز العلماء المعاصرين رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد في لندن، والرئيس المشارك لمنظمة أديان من أجل السلام في نيويورك رئيس اللجنة العلمية للمنتدى، استجابة دولة الإمارات لدعوة علماء المسلمين من أجل إيجاد الحلول السريعة لحقن الدماء وتدارك الأوضاع الراهنة ومحاصرة نيران الفتنة وإحلال السلام. وقال: "إن هذا المنتدى ليس تظاهرة إعلامية وليس حملة علاقات عامة، بل هو في حقيقة الأمر اجتماع ناشئ عن إحساس عميق بالأزمة التي تمر بها الأمة الإسلامية". وأضاف: "إن هذا المنتدى الذي تستضيفه أبوظبي هو محاولة جادة لإسماع صوت مغاير لإقناع النخبة والشعوب في المجتمعات المسلمة من خلال رسالة واضحة مؤصلة شرعا وعقلا بضرورة إيقاف لعبة الموت التي يمارسها المتحاربون في مختلف أنحاء المنطقة مهما كانت الذرائع والدوافع ومهما عظمت المصائب والمظالم، وإيجاد صيغ فكرية ومصلحية تتجاوز الاصطفافات الطائفية والأيدلوجية". ودعا بن بيه إلى ضرورة تجاوز الحزبية والأنانية والبحث عن آفاق العيش والحياة للجميع، مشددا على أن الأمة الإسلامية بحاجة إلى تنقية الصدور والألسن وفهم واسع للمصالح العامة. وقال: إن الفوضى والصراعات والحروب لا تضمن حقوق الإنسان أو أي شيء على الإطلاق فالسلام هو هدف إنساني سام وحق جوهري من حقوق الإنسان، والسلم مقصد أعلى من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو الضامن لكل الحقوق الأخرى. مشددا على أهمية وضع مبادئ السلم في موقع الأولوية في مناحي معينة من الفقه الإسلامي، ولا بد من تحديد المفاهيم الملتبسة التي أدى التباسها إلى مصائب ورزايا، كمفهوم الجهاد ومفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعلاقات الإنسانية والسلم الاجتماعي. تصحيح حملت الدكتورة عبلة الكحلاوي أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية في الأزهر الشريف مسؤولية انتشار الأفكار المتطرفة والتفتت الحاصل في العالم الإسلامي نتيجة ابتعاده عن ممارسة دوره الأساسي والتاريخي في التعريف بدور الإسلام الوسطي الذي يحترم الاختلافات ويدعو إلى السلم والأمن والتعارف. وقالت: إننا ندعو شرفاء العالم من هنا أن يهيئوا حياة كريمة للإنسان، وأن يحترموا إنسانيته وأن يقفوا صفا واحدا أمام هذا الكم الهائل من الخطط والمؤامرات التي تحاك ضد العالم الاسلامي، ثانيا لا بد لنا كمسلمين أن نستفيق من هذا السبات الطويل لنعرف أنفسنا ومن نكون وأن نتساءل هل من الصالح العام هذا التفتت والاقتتال الذي يحدث في كل مكان من العالم العربي والاسلامي، وهل من الصالح العام أن يكون كل بلد اسلامي كجزيرة منعزلة عن الأخرى. ونوهت الدكتورة الكحلاوي بأهمية إعادة تصحيح المفاهيم والمصطلحات الاسلامية حيث هناك العديد من المفاهيم التي يتم تداولها بين الدعاة غير المؤهلين مثل الجهاد والوطن ودار الكفر ودار الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل هذه المفاهيم يتلقفها أنصاف المتعلمين والمثقفين فيخرجونها عن مقاصدها الحسنة ليعيثوا بها فسادا في الأرض. الساحة المصرية أكد الدكتور نصر فريد واصل، مفتي جمهورية مصر العربية الأسبق، أن ما تشهده الساحة المصرية من عنف ومظاهرات وتعدٍّ على الجيش من قبل من يدعون الدفاع عن الشرعية، يخرج تماما عن حدود الشريعة والدين الاسلامي، لافتا الى أن الدين الاسلامي يأمر بتحقيق الأمن والسلام. وأوضح أن تلك الاحداث ساهمت في تعطيل جزء من الحياة اليومية للمواطن، وقال : هذا خروج وافساد في الأرض، فالتغيير يكون بطريقة سلمية، ولا بد أن يبتعد كل البعد عن العنف. وأشار الدكتور نصر فريد واصل، الى اهمية عقد جلسات حوار بين جميع الاطراف، واصفا تلك الفئة بالخوارج الذين خرجوا على الأمة، وانهم لا يسيرون على المنهج السلمي الذي ارتضته جموع الشعب، مؤكدا ضرورة تعريف جميع دول العالم بالتجاوزات التي ارتكبتها هذه الفئة، فضلا عن محاصرتها محليا وخارجيا. تآخي دق الدكتور أحمد خالد بابكر أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي أمس ناقوس الخطر من دخول بعض الدول العربية في حروب أهلية وطائفية تقود إلى تقسيمها، وفقا لمخططات خارجية تسعى الى ادخال تلك الدول في حروب بين أبناء الوطن الواحد. ودعا خلال مشاركته في المنتدى، إلى التآخي والترابط والسلام الاجتماعي بين جميع المسلمين، مشيرا الى أن المنتدى يهدف إلى تأكيد مفهوم السلام والترابط بين جميع المسلمين، كهدف إنساني سام وحق جوهري من حقوق الإنسان، وتوضيح أهمية وضع مبادئ السلم في موقع الأولوية في ظل التوترات التي تعيشها بعد دول العالم. وطالب جميع الأطراف وكافة فئات المجتمعات التي تشهد أوطانها نزاعات، بالالتزام بضبط النفس والتواصل في حوار بناء، مؤكدا أن مجمع الفقه الإسلامي هو المرجعية الفقهية للمسلمين في أقطار الأرض كلها، وأن المجمع يسعى لتحقيق الآمال المعقودة عليه والغايات التي من أجلها أنشئ. قرار صائب وأكد أحمد معبد عبد الكريم، عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر، أن موقف الحكومة السعودية باعتبار جماعة الإخوان المسلمين إرهابية، كان صائبا. وأفاد على هامش مشاركته في فعاليات المنتدى أمس أن قرار اعتبار جماعة الاخوان تنظيما ارهابيا، جاء لدعم الشعب المصري في مواجهته العنف، وأنه يزيد من الضغوط على بقية عناصرها، وعلى من يقف وراءهم، ويصر على دعمهم وتمويلهم، سواء في الداخل أو الخارج. وأعرب عضو هيئة كبار العلماء، عن تأييده للتوجه الذي انتهجته الحكومة السعودية، مثمنا في الوقت نفسه، الخطوة التي اتخذتها السعودية في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب تضافر الجهود والعمل الجماعي للتصدي للتحديات التي قد تواجه أمتنا العربية والاسلامية. ثقافة الاختلاف ولفت الدكتور محمد السماك، أمين عام اللجنة الوطنية اللبنانية للحوار الإسلامي المسيحي إلى أن مشكلة العالم الإسلامي الرئيسية هي عدم وجود ثقافة للاختلاف، موضحا أن العديد من الناس انغمسوا في صراعات حول مفاهيم الحق المختلفة وتناسوا موضوع العدالة التي هي الطريق الرئيسي لكل حق وللرحمة. وقال: إن الاتهامات المتبادلة الموجودة حالياً قائمة في أساسها على ثقافة احتكار الحق، واعتبار الآخر على خطأ لمجرد أنه على خلاف مع رأينا، فالحوار الذي يجب أن يكون قائماً بين الجميع هو ثقافة البحث عن الحقيقة في وجهة نظر الآخر، وليس معاداة الآخر لأنه يختلف معنا في الرأي. بر الأمان من جهته أشار الداعية الإسلامي الحبيب علي الجفري، إلى دور العلماء في خروج الأمة إلى بر الأمان، مؤكدا أن دولة الإمارات منذ أيام المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله)، إلى الآن وهي حريصة على أن تكون علاقتها مع جميع الدول وخاصة في محيطها الإقليمي علاقات سلام وأخوة. وأعرب عن أمله في أن يحقق هذا المنتدى الهدف المرجو منه، لافتا إلى أن عدم وجود دور حقيقي للعلماء المسلمين الحقيقيين وليس من يتم إبرازهم من التنظيمات، واختفاؤهم من المشهد في الفترة الماضية لأسباب عديدة أحدث فراغاً لا يمكن أن يمحى من قلوب الناس الذين سيبقى الدين في قلوبهم. شيخ الأزهر: الإمارات فطنت إلى حاجة العالم الملحة لإحياء مفهوم السلام العادل قال شيخ الأزهر أحمد الطيب، خلال كلمته بمنتدى "تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" العالمي بأبوظبي، إن دولة الإمارات قد فطنت لخطر موضوع السلم والأمن الاجتماعيين وحاجة العالم الملحة الآن إلى إحياء مفهوم السلام العادل، وإلى تطبيقه وتنزيله على واقع الناس. وقال الطيب: "إن الحديث عن السلام هو حديث متشعب النواحي والاتجاهات، ولا يمكن أن تستقصى جوانبه في كلمة كهذه محدودة المساحة والزمن، ولا تزال التساؤلات حول "السلام" ومعناه وعلاقته بحقول المعرفة البشرية الأخرى - مفتوحة لم تحسم حتى يوم الناس هذا، بل أصبح الآن للسلام علم خاص به". وأضاف: "وإني وإن كنت لا أعول كثيراً في تفسير مصائبنا التي تحدق بنا في الشرق على نظرية "المؤامرة" التي تجعل من التآمر الغربي باعثاً رئيساً لمشكلاتنا في الأمن والاقتصاد والصحة والتعليم، إلا أن المسرح الذي تتابع على خشبته هذه الأحداث البشعة هو مسرح عبثي وفوضوي يشير بكل قوة إلى هذه الأيدي الخفية السوداء التي تمسك بخيوط اللعبة الماكرة". وأكد الطيب أن القائمين على مؤسسة الأممالمتحدة والذين حددوا بكل وضوح أن حفظ السلام والأمن الدوليين ومبدأ المساواة بين الدول الأعضاء وتحريم استخدام القوة أو مجرد التهديد بها في العلاقات الدولية، من مبادئ المنظمة، لم يكونوا جادين فيما يقولون وفيما يضعون من مواثيق زعموا أنها من أجل الإنسان ومن أجل الحفاظ على حقوق الدول، وبحيث لا تتميز فيها دولة عن دولة.. ولا يتفاضل فيها الإنسان الغربي عن أخيه الشرقي.. ومن ثم لم يكن غريبا أن نرى منظمة كمنظمة الأممالمتحدة عاجزة عن القيام بأي دور في ردع كثير من السياسات الجائرة والظالمة. وأشار الطيب إلى أن كثير من المحللين ذهبوا إلى أن الفيتو الأميركي في ما يتعلق بالنزاع "الصهيوني الفلسطيني" هو أهم أسباب الإرهاب الدولي والتشجيع عليه، بل والمشاركة فيه بصورة أو بأخرى، وذلك على الرغم مما يصدر عن أصحاب هذا الفيتو من بيانات تصف ضحية الإرهاب بأنه الإرهابي الأول. وقارن الطيب بين الميثاق الدولي الذي أعلنه نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع وقرر فيه حقوق السلام والعدل والمساواة بين الناس، وبين ميثاق الأممالمتحدة في هذا المجال، وكيف أن الميثاق النبوي حقق أهدافه كاملة غير منقوصة في نشر السلام العالمي، بينما أخفق إعلان الأممالمتحدة في إنشاء مظلة دولية تنصف المظلومين من المتربصين بها من خارج هذه المنظمة أو حتى من بين أعضائها أنفسهم. «أخبار الساعة»: الدولة تواصل دورها الريادي في مواجهة التطرف تحت عنوان "تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية" قالت نشرة "أخبار الساعة".. استمراراً لدور دولة الإمارات العربية المتحدة الريادي في مواجهة التطرف والتعصب وجهدها الفاعل من أجل تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام.. تستضيف الدولة "المنتدى العالمي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" الذي يبدأ اليوم في أبوظبي ويستمر حتى الغد تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية.. مشيرة إلى مشاركة نخبة متميزة من المفكرين والعلماء رموز الوسطية والاعتدال من مختلف بلاد العالم الإسلامي. وتحت عنوان /تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية/ أوضحت أن المنتدى يضاف إلى السجل الإماراتي الحافل بالمبادرات والمواقف والتوجهات المضادة للإرهاب باعتباره أكبر تهديد لأمن المجتمعات الإسلامية وقدرتها على تحقيق التنمية لشعوبها وللسلام والاستقرار في العالم كله.. مضيفة أن من أبرز المبادرات في هذا الشأن المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف "هداية" الذي تم افتتاحه في أبوظبي في ديسمبر 2012 وتشير اختصاصاته إلى رؤية إماراتية شاملة وعميقة حول التصدي لخطر الإرهاب ليس باعتباره مشكلة أمنية فحسب وإنما له أبعاده الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي لا تقل خطورة. وقالت النشرة التي يصدرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، إن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية أكد أن "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة".. يمثل محاولة أولى على المستوى العالمي لرسم خريطة طريق نحو الأمام للمجتمعات الإسلامية من أجل العيش بسلام وتناغم حسب المبادئ الإسلامية الجوهرية التي تتناغم مع المفاهيم العالمية من دون شكوك أو مسائل تدعو للجدل.. وهذا يكشف عن الأهمية الكبيرة لهذا المنتدى من حيث المضمون والتوقيت. وبينت أنه من حيث المضمون يعمل المنتدى على تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تعمل بعض قوى العنف والتعصب والتطرف على إشاعتها ولصقها بالدين الإسلامي الحنيف من أجل تبرير إرهابها وشرعنة أفعالها التي تريد من ورائها إشاعة أجواء الاضطراب والفوضى وتهديد السلم الاجتماعي في المجتمعات التي توجد فيها، ومن ثم كان من الضروري التصدي لهذه القوى وكشف زيفها وتدليسها باسم الدين ومن ثم وضع الأمور في نصابها الصحيح وتقديم الصورة الصحيحة للدين الإسلامي الحنيف باعتباره دين سلام يحض على الاجتهاد والتدبر وليس التحجر والجمود، ويتفق مع قيم الحوار والتعايش وينبذ الصراع والتعصب، ولا يتعارض مع التطور والتحديث والتقدم في كل المجالات. وأوضحت أنه من حيث التوقيت فإن هذا المنتدى يأتي في ظل ما تشهده مجتمعات إسلامية عدة من صراعات معقدة تستند إلى أفكار فاسدة ونزعات تكفيرية مدمرة تشيع أجواء الصراع الديني والطائفي وتهدد العالم الإسلامي كله بالدخول في دائرة مفرغة من التوترات الدينية والمذهبية والاجتماعية. الفائزين بمكرمة العمرة الفائزين بمكرمة العمرة البيان الاماراتية