من يرقد هنا؟ ومن يرقد هناك؟ ومن أزال شواهد ذاك؟ سألت نفسي وأنا أعبر بين شواهد متناثرة لقبور متزاحمة في مكان كان يعج ساعتها بحركة رجال يحملون الجثث حتى استقروا في أماكن متقاربة بحيث تختلط الأصوات والغبار حول عدة فتحات لا يكاد يفصل بينها ما يمثل ممرًا ضيقًا يتسع لقدم واحدة، وحين انتهى الدفن، وضع شاهدان لكل قبر، بجوار شواهد لقبور لم تزل أرضها ندية، ويبدو أنها دفنت البارحة. وحين تحاورنا خارج سور المقبرة، سألني صاحبي: ماذا عسى أن يفيد وضع الشاهد على القبر إذا كانت المقبرة مسورة بسور قوي من الأسمنت؟ وما دامت ليست مكشوفة ولا معرضه للمارة في الفضاء أو الفلاه ؟ قلت: اسأل هذا الشيخ، قال لا أريد فتوى، أنا أسألك أنت، بربك من يستطيع معرفة قبر والده أو أمه أو قريبه بين هذه القبور المتشابهة، قلت فعلاً، لا أحد، كلها متشابهة، قال: ألم يرشدنا ويحثنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم على زيارة القبور لأنها تذكرنا الآخرة، قلت: أنا لا أفتي، قال ألم تسمع بهذا ؟ قلت: نعم، ولكن اسأل هذا الشيخ؟، قال إن زيارة المسلم لمقبرة فيها أبوه أو أمه أو قريبه ووقوفه إلى جانب قبره أكثر تأثيرًا في عقله ووجدانه من وقوفه على كل قبور الأموات الذين لا يعرفهم، أليس كذلك، قلت: أعتقد ذلك، قال: الاعتقاد أعلى مراتب اليقين، ولكن لماذا لا يكون هناك نظام يتيح لك معرفة قبر من تريد من أقاربك وذلك بتدوين اسمه مختصرًا على القبور الملحودة التي لا تفتح ثانية، قلت: له سمعت أنه في بعض المقابر يدون رقم على شاهد القبر، قال هنا في المملكة؟ قلت نعم، قال هذا تطور حسن، وليتهم يتبعونه بالموافقة على تدوين الاسم مختصرًا لمن أراد، قلت: ليتهم، قال: وما رأيك فيما فعلته هيئة الأمر بالمعروف بالمقبرة التاريخية في الزينات ببني كبير في منطقة الباحة؟ قلت: اسأل الشيخ. صحيفة المدينة