عدن .. البنك المركزي يوقف تراخيص ويسحب أخرى من كيانات مصرفية    مجلس الأمن يعقد اجتماعاً طارئاً بشأن غزة    مقتل 27 فلسطينيا بنيران الجيش الاسرائيلي في غزة    استعدادا للمشاركة بكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية للمنتخب الوطني للناشئين    محافظ شبوة اللواء عوض العولقي يعزي في وفاة الشيخ محمد بن محمد الزايدي    وداعا كريم..    معتقل سابق يكشف عن سجون سرية خارج إطار القانون في مأرب    وجع بحجم اليمن    هكذا تُغتال هيبة القضاء    باشراف أبوعلي الحضرمي: توجه لإنهاء أزمة التمرد القبلي في الهضبة "عسكريا"    مدرب أهلي تعز: جاهزون لمواجهة التعاون ونبحث عن النقاط الثلاث    مجلس الأمن يبحث توسيع العدوان الإسرائيلي على غزة    انتقالي لحج يدشن المخيم الصيفي الأول في مدارس مديرية الحوطة    وقفة في المسراخ بتعز تضامناً مع غزة    مركز لاهاي الدولي يشكّل فريقًا حقوقيًا لزيارة سجن الأمن السياسي في مأرب اليمنية    إتلاف كمية من الأدوية المخدرة في محافظة تعز    مليشيات الحوثي الارهابية تختطف طفلين بعد اختطاف والدهما في ذمار    المشي قبل الأكل أم بعده.. أيهما يحرق الدهون أكثر؟    الرهوي يشارك في اللقاء التحضيري لأمانة العاصمة لتدشين فعاليات المولد النبوي    الحديدة.. لقاء موسع للعلماء والخطباء بالمراوعة لتعزيز الحشد لفعاليات المولد النبوي    إلى حضارم العزلة: خريطة حضرموت التاريخية من باب المندب إلى المهرة    الرئيس الزُبيدي يؤكد حرص الدولة على دعم الاستثمارات المحلية    رامي المحمود وفعل الإدارة الوطنية للإفراج عنه    فعالية لشركتي النفط والغاز بذمار بذكرى المولد النبوي    السلطات البريطانية تعتقل 365 شخصا في مظاهرة مؤيدة لمنظمة "فلسطين أكشن"    روسيا تحذر إسرائيل من عواقب وخيمة بعد قرارها احتلال غزة    تقرير أممي: نزوح داخلي لعشرات الأسر اليمنية لاسباب متعددة    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    الاصاد يحذر من أمطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على 9 محافظات خلال الساعات القادمة    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    أسعار الصرف مقابل الريال اليمني الأحد 10 أغسطس/آب 2025    الدكتورة زايد : هذا ما يحدث للإنسان عند فقدان أحد الأسنان    بعد محاولة اختطاف طفلة في ذمار .. ظاهرة اختطاف الأطفال يعود إلى الواجهة    رسميا.. النصر يضم مدافع برشلونة    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    فوائد صحية لتناول القرفة لا يعرفها كثيرون    المناظرة اليتيمة التي طأطأت رأس الإمامة في التاريخ!    جيولوجيون يعثرون على آثار كارثة كونية في قاع المحيط    بالعلامة الكاملة.. نيوزيلندا في ربع النهائي    تراجع حوادث الدراجات النارية بنسبة 65%    وزارة التربية والتعليم تعلن نتيجة الدور الثاني لاختبارات الشهادة الأساسية    موريتانيا تنعش آمالها في بلوغ ربع نهائي كأس إفريقيا للمحليين    مواجهة نارية مساء اليوم بين ليفربول وكريستال بالاس    مأرب بلا كهرباء.. الفساد يلتهم جزء من موازنة المحطة الغازية ويخرجها عن الخدمة    عودة 6 صيادين بعد أشهر من الاختطاف في سجون العدوان السعودي    لماذا تتجعد أصابعنا في الماء تفسير طبي    الدكتور عبدالله العليمي يعزي أمين عام محلي شبوة عبدربه هشلة في وفاة شقيقه الشيخ محمد هشلة    وقف صرف مرتبات المسؤولين بما فيهم أعضاء مجلس الرئاسة بالعملة الأجنبية    الانفصال الذي يسوّقه إخوان اليمن على مقاسهم    لا للمنطقة العسكرية الاولى ولا للكلاب الحمر و للجرو الرضيع من ثديها    السكوتر ينقذ مدرب جوام    بطولة " بيسان " تعز 2025... -عودة الحياه الرياضية وعجلتها الكروية!    إصلاح المهرة ينفذ برنامجاً تدريبياً لتعزيز قدرات كوادره في الإعلام الجديد    وزير الثقافة والسياحة يؤكد على أهمية الدور التنويري للمثقفين والأدباء    استئناف أعمال الترميم والصيانة في قلعة القاهرة التاريخية بتعز    فؤاد الحميري، له من اسمه نصيب    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    من أين لك هذا المال؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان الفلسطيني في الشتات بقلم: عبد الهادي شلا
نشر في الجنوب ميديا يوم 26 - 03 - 2014

الفنان الفلسطيني في الشتات - عبد الهادي شلا
التشكيلي الفلسطيني خصوصية تميزه عن كل الحركات التشكيلية في العالم منذ أن أصبح هذا الفن أحد أهم ركائز المجتمعات الحديثة بهذا المسمى. ولأن الفنان التشكيلي الفلسطيني صاحب قضية إنسانية عادلة يؤمن بها كما يؤمن بحقه في الحياة كباقي البشر فإن هذه الخصوصية تفرض عليه واقعا مختلفا ومميزا في التعامل وفي الطرح قد تصل إلى إلحاح أو ضغط من فكرة أو موضوع يصوره حين يشعر بأنه سيحقق هدفا من أهدافه ويرتقي بطرح قضيته إلى المستوى الإنساني وبالمستوى الرفيع من الفن. كثيرون هم الذين كتبوا عن الحركة التشكيلية الفلسطينية وعن جذورها، ولكنهم في أغلبهم كانوا يذهبون بعيدا،وأبعد من المكان إلى زمان لم يكن فيه الفن التشكيلي بمسماه الحديث له الصفات نفسها والدور نفسه، وإنما كانت الفنون التي وصلتنا من حضارات قديمة هي سجل تاريخي بكل أشكاله، وكان الفن هو الوسيلة الأكثر توفرا لتسجيلها والحفاظ عليها عبر الزمن، كما آمن بهذا المعتقد كل الذين أرادوا لها ان تصلنا وأن نقرأها على شكل صورة أو مجسم أو أثر. ولأن فلسطين مهد حضارة وأديان، وكانت مسرحا للكثير من المعارك الفاصلة في التاريخ، ودخلها أقوام من كل بقاع الأرض إما عابري سبيل أو تجارا فقد كانت دائما محل اهتمام العالم القديم. وقد لا يكون في الوقت متسع كي ندخل في تفاصيل كل المراحل من تاريخ فلسطين، ولكننا هنا لا يمكن أن نتخطى المأساة الكبرى التي حاقت بشعب فلسطين وأرضه باغتصابها وطرد شعبها جهارا نهارا أمام أعين العالم بكل كياناته. منذ الأزل والفلسطينيون يقيمون على أرضهم ويشيدون البيوت ويزرعون الأرض ويسيرون نحو المستقبل بقدم ثابته بجد واجتهاد تشهد عليه كل تلك الموروثات الغنية بعناصرها الجمالية والمعنوية في كل صور حياة هذا الشعب. وبنظرة سريعة إلى شكل المعمار في البيوت والأسواق والمساجد والكنائس وغيرها في فلسطين، نجد هذا الإبداع في التصميم في كل منطقة بما يخدم حالتها والغرض منه، واستقباله للطبيعة الجميلة متنوعة ومتعددة الألوان مما أضفى الصفة الجمالية التي يحتاجها البناء، والذي تتلقاه العين بعشق وارتبط عبر التاريخ بفكر وعقيدة أهل الأرض، وأصبح هذا الشكل المعماري «كمثال يتطابق مع كل ممارسات الإنسان الفلسطيني على أرضه» جزء من تراثه، الذي هو تاريخه وامتداده عبر الزمن. واقع الحركة التشكيلية الفلسطينية الآن سنمر على عجل على مسيرةالحركة التشكيلية الفلسطينية منذ تأسس الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين في العام 1974 حيث تم تشكيل أول إتحاد عام بعد أن كان الفنانون الفلسطينيون في بلاد الشتات ينتمون إلى تجمعات أو جمعيات أو روابط فنية تشملهم ويعملون كل بما تمليه الظروف. ذلك أنه ومع انطلاق حركة المقاومة «1965» أصبح الفنانون التشكيليون أمام مسؤولية أكبر ودور مهم، أدركوا رسالتهم الإنسانية والوطنية بالدرجة الأولى، فأصبح من الضروري الإنضواء تحت مظلة الاتحاد العام الذي تأسس في العام 1974 ، وضم معظم التجمعات والاتحادات بفروعها وذلك في انتخابات عامة حضرها عدد كبير من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين من كل بلاد الشتات. كان عدد الفنانين في تزايد بعد تخرجهم من كليات الفنون الجميلة ومعاهدها الفنية في البلاد العربية والأجنبية، وأصبح في الحركة التشكيلية تنوع في الأساليب الفنية ومدارسها مما أضاف ميزة جديدة للخصوصية الفنية الفلسطينية، لأن كل فنان تشرب من ثقافة بلد وتعلم فيه أصبح قادرعلى فهم طبيعة هذا البلد وطريقة تفكيره واستيعابه، مما سهل الأمر على الفنان أن يطرق الباب الذي يوصل من خلاله فكره وقضيته بطريقة أسهل وأقصر، الأمر الذي أكسب القضية الفلسطينية المزيد من المؤيدين والمتعاطفين من فنانين تشكيليين وموسيقيين وكتاب وشعراء وفي كل مجالات الإبداع،الذين سخروا إبداعهم بجانب إبداع التشكيلي الفلسطيني الذي تعرض في بعض مراحله إلى «السرقة» من قبل دولة الإحتلال. كما أن هذا التحصيل المتنوع أضاف إلى الحركة التشكيلية الفلسطينية نوعا من التميز، وأخرج لنا انصهار الخبرات فنا عالي الجودة ورفيع المستوى. وتاريخيا، جاب الفنانون الفلسطينيين الأرض بلوحاتهم وأعمالهم الفنية كما فعل زملاؤهم من الموسيقيين والمغنين، وعارضي الأزياء التقليدية بما فيها من روعة الصنعة الفنية ورموز غطت فترات زمنية بملامح تاريخية، وكذلك المبدعون في المجالات الأخرى وهم يُحَمِّلون أعمالهم هموم شعبهم ومعاناته، وحققوا الكثير من النجاح العربي والعالمي و استُقبِلَت لوحاتهم في أكبر دور العرض العالمية. وفي المتاحف أيضا تم اقتناء اعمالهم، وفي وكبريات المؤسسات العالمية، ولدى الشخصيات الرسمية والاجتماعية، وذلك لقدرتهم الخلاقة على التواصل من خلال خصوصيتهم الفلسطينية مع قضايا العالم الإنسانية التي تتمثل فيها قمة العطاء، وقمة التقدير معا. وكان أبناء الشعب الفلسطيني بكل مستوياتهم وفي أماكن تواجدهم دعما حقيقيا للفنان، يقتنون أعماله أو يقدمونه للمجتمعات التي يقيمون فيها،وكانوا ينشرون أعماله عبر كل الوسائط الإعلامية مما ثبت جهده في ذاكرة أبناء شعبه وشعوب العالم. لماذا يهاجر الفنان الفلسطيني؟ سؤال غريب!! فمعظم الفنانين الفلسطينيين «مهاجر» في بلاد كثيرة، بينما قلة هم الذي نشأوا وترعرعوا على أرض الوطن وكانت رسالتهم في ظروف أكثر قسوة وهم يصنعون اللوحة الفلسطينية تحت نير الاحتلال وجبروته، وتمارس بحقهم كل أنواع التمييز، ولكنهم بقوا على العهد صامدين حتى التحموا مع أخوانهم من فناني الشتات والمهجر فاكتملت دائرة الحركة التشكيلية. وهنا نقول: أن الفنان الفلسطيني في المهجر لسببين وربما أكثر: أولا: فنان هاجر أو ولد في المهجر مع إغتصاب فلسطين وطرد شعبها فكان من جيل النكبة الذي تعلم الفن وأبدعه مهاجرا قسرا، وهذا النوع بقي قريبا من الوطن يعبر عن آماله وأمال شعبه في العودة، ووقف في صف المقاومة بعمله وفكره فكانت لأعماله مميزات ولألوانه وموضوعاته صبغة خاصة أيضا. جاب البلاد بحثا عن الاستقرار والعمل، ومد يده لكل الفنانين، ووضع خبراته تحت نظر فناني البلاد التي هاجر إليها، وساهم في تأسيس الحركات التشكيلية في كثير منها، ومازالت آثار جهده قائمة فيها. كما أفاد الفنان التشكيلي الفلسطيني كل الذين احتموا بخبراته واستفادوا من تجربة صموده، فتشكلت مجموعات صغيرة سرعان ما أخذت استقلاليتها في الشخصية الفنية مكملة لهذا الجيل الذي أسس للحركة وسط ظروف غير عادية، وخارج وطن يعيش شعبه على أمل العودة بينما كل شيء من حوله متحرك ومتبدل كلما أشرقت شمس سرعان ما حجبتها غيمة عابرة بقوة وقسوة، فباعدت بين الأمل وبين تحقيقه فتتولد المعاناة من جديد وتتسع مساحة الشعور بالاغتراب. ثانيا: فنان هاجر تحت وطأة المعاناة من الهجرة الأولى..بحثا عن مكان آمن وحياة أفضل دون أن يغيب الوطن عن نظره، بل حمله بين أضلعه وهاجر يمني النفس بالعودة، وربى أبنائه على هذا الإيمان وهذا الحق. هل صمد الفنان في المهجر؟ هجرة الفنان الفلسطيني بخاصة ليست كباقي الهجرات. فهي تحتاج إلى صبر وقلب لا يرتجف وإلى قدرة فنية تدعم كل هذا بفهم ووعي لطبيعة الحياة الجديدة في كل شيء في بلاد لها ثقافة مختلفة وتاريخ قد لا يقبل كل ما يقدم له، فالوعي والدراسة من أهم ضرورات بقاء الفنان منتصب القامة. في المهجر.. يجد الفنان نفسه وحيدا بصفاته الإبداعية أو مع عدد قليل من الفنانين والمبدعين في مجالات أخرى، إلا أن التكيف مع الجميع من الأمور الصعبة، وقد تكون مستحيلة، وإن كان الآخرون يحملون الصفة لمجرد دراسة الفن دون أن يكون لهم نشاط ملموس ذو صفة خلاقة فلا يلتقي أصحاب الهمم العالية مع أصحاب القدرات الضعيفة. ورغم أن بلاد المهجر في جلها بلاد تحكمها قوانين تضمن حرية التعبير والمحافظة على تراث المهاجر وثقافته الأم، إلا أن الكثيرين من المبدعين في مجالات الفن وغيرها لايستغلون هذه الهبة في شرح معاناة وقضية شعبنا، وتأخذهم دوامةالحياة إلى ما لها طائل منه أو الانتفاع من مميزاته، وهذه من الصفات غير الحميدة لدى البعض وتنعكس سلبا على الجميع في المهجر، وتتجلى في كثرة وتنوع التجمعات والجمعيات المتنافرة دون أن تسعى إلى التنسيق. ويبدو واضحا أن حالة الإنقسام الفلسطينية في السنوات الماضية قد وصلت إلى الحركة التشكيلية الفلسطينية، وأصابتها في الصميم، كادت يقضى على ما تبقى فيها من حركة لولا أن عددا غير قليل من الفنانين ثبت على العطاء بشكل جماعي أو فردي بإحساس خاص نابع من ضرورة أن يكون لهم دور بناء في الحياة، وضمن قناعة بأن الحال سيتغير إلى الأفضل، وعندها تكون كل هذه الجهود جاهزة لتعيد صياغة هيكلية الحركة التشكيلية الفلسطينية بصورة جديدة مستخلصة الدرس مما عانته من ضعف.
دنيا الوطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.