الغيثي يدعو الانتقالي لتبني مشروع جبر الضرر وبناء جنوب متصالح    غزة.. هيروشيما الحيّة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة العالم    لماذا في عدن فقط: حراسة العليمي بين المظهر الأمني والرسائل السياسية    بأي حال عدت يا عيد؟    القيادة العسكرية والأمنية فن وعبقرية وأمانة    تقرير أمريكي يكشف عن حجم أضرار (ترومان)    اهداف الصراع الدولي على الصومال ..أبرز اللاعبين    الاحتلال يرفض فتح معبر رفح وترامب يهدد حماس    أقصى فرنسا.. المغرب إلى نهائي مونديال الشباب    سعودي الناشئات يتعادل مع لبنان    الفرنسي رينارد يقود السعودي في المونديال وآسيا    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    السقلدي: من يترحم على الاحتلال البريطاني يهين دماء الشهداء ويشكك بمشروعية الثورة    من قتل الحمدي قتل أمين؛ ومن قتلهما قتل اليمن    شرطة عدن تعلن عن مستجدات في قضية اغتيال شيخ العقارب    قراءة تحليلية لنص "فضاءٌ ضاق بطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    جدولة معلّقة.. خلاف خفي بين اليمنية وإدارة مطار المخا    يوفنتوس يخطط للتعاقد مع سكرينيار    لحج.. ندوة نسوية تناقش تمكين المرأة الريفية في التنمية    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    صنعاء: ضبط 2,957 دراجة نارية خلال 5 ايام    هل نشهد قريبًا تحركًا حقيقياً لإعادة تشغيل مصفاة عدن.!    انتقالي يهر والسلطة المحلية يكرمان أوائل طلاب ثانوية الشهيد عبدالمحسن بالمديرية    عطيفي يتفقد أعمال الجمعية الزراعية في باجل بالحديدة    دي يونغ يجدد عقده مع برشلونة حتى عام 2029    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    اعتقال مسؤول محلي سابق وناشط مدني خلال تظاهرة احتجاجية في عدن    صندوق المعاقين يحوّل الدفعة الثانية من المساعدات الدراسية للعام 2024-2025    الذهب يرتفع قرب مستوى قياسي جديد    مرصد منظمة التعاون الإسلامي: الأقصى يواجه اقتحامات إسرائيلية يومية رغم وقف إطلاق النار    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    جنيه الذهب يخترق حاجز ال 500 الف ريال في اليمن    انجاز امني: ضبط عصابة خطف التلفونات بالدراجات النارية    ذمار.. مقتل مواطن برصاصة طائشة خلال خلاف عائلي    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع شركة ومنشأة صرافة    منع صيد الوعول مؤقتاً في حضرموت    تسجيل هزة أرضية في خليج عدن    صعود الذهب إلى قمة تاريخية جديدة    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    مبابي يتصدر قائمة أفضل مهاجمي العالم ومرموش يتفوق على رونالدو    أصبحت حديث العالم ...فأر يقتحم مباراة بلجيكا وويلز في إطار تصفيات كأس العالم .!    ترامب: المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت وحماس ستتخلى عن سلاحها    اليمن يقترب من التأهل لكأس آسيا 2027 بعد اكتساح بروناي    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    صندوق النقد يرفع توقعاته للنمو في السعودية إلى 4% في 2025    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    القلم الذي لا ينقل أنين الوطن لا يصلح للكتابة    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان الفلسطيني في الشتات بقلم: عبد الهادي شلا
نشر في الجنوب ميديا يوم 26 - 03 - 2014

الفنان الفلسطيني في الشتات - عبد الهادي شلا
التشكيلي الفلسطيني خصوصية تميزه عن كل الحركات التشكيلية في العالم منذ أن أصبح هذا الفن أحد أهم ركائز المجتمعات الحديثة بهذا المسمى. ولأن الفنان التشكيلي الفلسطيني صاحب قضية إنسانية عادلة يؤمن بها كما يؤمن بحقه في الحياة كباقي البشر فإن هذه الخصوصية تفرض عليه واقعا مختلفا ومميزا في التعامل وفي الطرح قد تصل إلى إلحاح أو ضغط من فكرة أو موضوع يصوره حين يشعر بأنه سيحقق هدفا من أهدافه ويرتقي بطرح قضيته إلى المستوى الإنساني وبالمستوى الرفيع من الفن. كثيرون هم الذين كتبوا عن الحركة التشكيلية الفلسطينية وعن جذورها، ولكنهم في أغلبهم كانوا يذهبون بعيدا،وأبعد من المكان إلى زمان لم يكن فيه الفن التشكيلي بمسماه الحديث له الصفات نفسها والدور نفسه، وإنما كانت الفنون التي وصلتنا من حضارات قديمة هي سجل تاريخي بكل أشكاله، وكان الفن هو الوسيلة الأكثر توفرا لتسجيلها والحفاظ عليها عبر الزمن، كما آمن بهذا المعتقد كل الذين أرادوا لها ان تصلنا وأن نقرأها على شكل صورة أو مجسم أو أثر. ولأن فلسطين مهد حضارة وأديان، وكانت مسرحا للكثير من المعارك الفاصلة في التاريخ، ودخلها أقوام من كل بقاع الأرض إما عابري سبيل أو تجارا فقد كانت دائما محل اهتمام العالم القديم. وقد لا يكون في الوقت متسع كي ندخل في تفاصيل كل المراحل من تاريخ فلسطين، ولكننا هنا لا يمكن أن نتخطى المأساة الكبرى التي حاقت بشعب فلسطين وأرضه باغتصابها وطرد شعبها جهارا نهارا أمام أعين العالم بكل كياناته. منذ الأزل والفلسطينيون يقيمون على أرضهم ويشيدون البيوت ويزرعون الأرض ويسيرون نحو المستقبل بقدم ثابته بجد واجتهاد تشهد عليه كل تلك الموروثات الغنية بعناصرها الجمالية والمعنوية في كل صور حياة هذا الشعب. وبنظرة سريعة إلى شكل المعمار في البيوت والأسواق والمساجد والكنائس وغيرها في فلسطين، نجد هذا الإبداع في التصميم في كل منطقة بما يخدم حالتها والغرض منه، واستقباله للطبيعة الجميلة متنوعة ومتعددة الألوان مما أضفى الصفة الجمالية التي يحتاجها البناء، والذي تتلقاه العين بعشق وارتبط عبر التاريخ بفكر وعقيدة أهل الأرض، وأصبح هذا الشكل المعماري «كمثال يتطابق مع كل ممارسات الإنسان الفلسطيني على أرضه» جزء من تراثه، الذي هو تاريخه وامتداده عبر الزمن. واقع الحركة التشكيلية الفلسطينية الآن سنمر على عجل على مسيرةالحركة التشكيلية الفلسطينية منذ تأسس الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين في العام 1974 حيث تم تشكيل أول إتحاد عام بعد أن كان الفنانون الفلسطينيون في بلاد الشتات ينتمون إلى تجمعات أو جمعيات أو روابط فنية تشملهم ويعملون كل بما تمليه الظروف. ذلك أنه ومع انطلاق حركة المقاومة «1965» أصبح الفنانون التشكيليون أمام مسؤولية أكبر ودور مهم، أدركوا رسالتهم الإنسانية والوطنية بالدرجة الأولى، فأصبح من الضروري الإنضواء تحت مظلة الاتحاد العام الذي تأسس في العام 1974 ، وضم معظم التجمعات والاتحادات بفروعها وذلك في انتخابات عامة حضرها عدد كبير من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين من كل بلاد الشتات. كان عدد الفنانين في تزايد بعد تخرجهم من كليات الفنون الجميلة ومعاهدها الفنية في البلاد العربية والأجنبية، وأصبح في الحركة التشكيلية تنوع في الأساليب الفنية ومدارسها مما أضاف ميزة جديدة للخصوصية الفنية الفلسطينية، لأن كل فنان تشرب من ثقافة بلد وتعلم فيه أصبح قادرعلى فهم طبيعة هذا البلد وطريقة تفكيره واستيعابه، مما سهل الأمر على الفنان أن يطرق الباب الذي يوصل من خلاله فكره وقضيته بطريقة أسهل وأقصر، الأمر الذي أكسب القضية الفلسطينية المزيد من المؤيدين والمتعاطفين من فنانين تشكيليين وموسيقيين وكتاب وشعراء وفي كل مجالات الإبداع،الذين سخروا إبداعهم بجانب إبداع التشكيلي الفلسطيني الذي تعرض في بعض مراحله إلى «السرقة» من قبل دولة الإحتلال. كما أن هذا التحصيل المتنوع أضاف إلى الحركة التشكيلية الفلسطينية نوعا من التميز، وأخرج لنا انصهار الخبرات فنا عالي الجودة ورفيع المستوى. وتاريخيا، جاب الفنانون الفلسطينيين الأرض بلوحاتهم وأعمالهم الفنية كما فعل زملاؤهم من الموسيقيين والمغنين، وعارضي الأزياء التقليدية بما فيها من روعة الصنعة الفنية ورموز غطت فترات زمنية بملامح تاريخية، وكذلك المبدعون في المجالات الأخرى وهم يُحَمِّلون أعمالهم هموم شعبهم ومعاناته، وحققوا الكثير من النجاح العربي والعالمي و استُقبِلَت لوحاتهم في أكبر دور العرض العالمية. وفي المتاحف أيضا تم اقتناء اعمالهم، وفي وكبريات المؤسسات العالمية، ولدى الشخصيات الرسمية والاجتماعية، وذلك لقدرتهم الخلاقة على التواصل من خلال خصوصيتهم الفلسطينية مع قضايا العالم الإنسانية التي تتمثل فيها قمة العطاء، وقمة التقدير معا. وكان أبناء الشعب الفلسطيني بكل مستوياتهم وفي أماكن تواجدهم دعما حقيقيا للفنان، يقتنون أعماله أو يقدمونه للمجتمعات التي يقيمون فيها،وكانوا ينشرون أعماله عبر كل الوسائط الإعلامية مما ثبت جهده في ذاكرة أبناء شعبه وشعوب العالم. لماذا يهاجر الفنان الفلسطيني؟ سؤال غريب!! فمعظم الفنانين الفلسطينيين «مهاجر» في بلاد كثيرة، بينما قلة هم الذي نشأوا وترعرعوا على أرض الوطن وكانت رسالتهم في ظروف أكثر قسوة وهم يصنعون اللوحة الفلسطينية تحت نير الاحتلال وجبروته، وتمارس بحقهم كل أنواع التمييز، ولكنهم بقوا على العهد صامدين حتى التحموا مع أخوانهم من فناني الشتات والمهجر فاكتملت دائرة الحركة التشكيلية. وهنا نقول: أن الفنان الفلسطيني في المهجر لسببين وربما أكثر: أولا: فنان هاجر أو ولد في المهجر مع إغتصاب فلسطين وطرد شعبها فكان من جيل النكبة الذي تعلم الفن وأبدعه مهاجرا قسرا، وهذا النوع بقي قريبا من الوطن يعبر عن آماله وأمال شعبه في العودة، ووقف في صف المقاومة بعمله وفكره فكانت لأعماله مميزات ولألوانه وموضوعاته صبغة خاصة أيضا. جاب البلاد بحثا عن الاستقرار والعمل، ومد يده لكل الفنانين، ووضع خبراته تحت نظر فناني البلاد التي هاجر إليها، وساهم في تأسيس الحركات التشكيلية في كثير منها، ومازالت آثار جهده قائمة فيها. كما أفاد الفنان التشكيلي الفلسطيني كل الذين احتموا بخبراته واستفادوا من تجربة صموده، فتشكلت مجموعات صغيرة سرعان ما أخذت استقلاليتها في الشخصية الفنية مكملة لهذا الجيل الذي أسس للحركة وسط ظروف غير عادية، وخارج وطن يعيش شعبه على أمل العودة بينما كل شيء من حوله متحرك ومتبدل كلما أشرقت شمس سرعان ما حجبتها غيمة عابرة بقوة وقسوة، فباعدت بين الأمل وبين تحقيقه فتتولد المعاناة من جديد وتتسع مساحة الشعور بالاغتراب. ثانيا: فنان هاجر تحت وطأة المعاناة من الهجرة الأولى..بحثا عن مكان آمن وحياة أفضل دون أن يغيب الوطن عن نظره، بل حمله بين أضلعه وهاجر يمني النفس بالعودة، وربى أبنائه على هذا الإيمان وهذا الحق. هل صمد الفنان في المهجر؟ هجرة الفنان الفلسطيني بخاصة ليست كباقي الهجرات. فهي تحتاج إلى صبر وقلب لا يرتجف وإلى قدرة فنية تدعم كل هذا بفهم ووعي لطبيعة الحياة الجديدة في كل شيء في بلاد لها ثقافة مختلفة وتاريخ قد لا يقبل كل ما يقدم له، فالوعي والدراسة من أهم ضرورات بقاء الفنان منتصب القامة. في المهجر.. يجد الفنان نفسه وحيدا بصفاته الإبداعية أو مع عدد قليل من الفنانين والمبدعين في مجالات أخرى، إلا أن التكيف مع الجميع من الأمور الصعبة، وقد تكون مستحيلة، وإن كان الآخرون يحملون الصفة لمجرد دراسة الفن دون أن يكون لهم نشاط ملموس ذو صفة خلاقة فلا يلتقي أصحاب الهمم العالية مع أصحاب القدرات الضعيفة. ورغم أن بلاد المهجر في جلها بلاد تحكمها قوانين تضمن حرية التعبير والمحافظة على تراث المهاجر وثقافته الأم، إلا أن الكثيرين من المبدعين في مجالات الفن وغيرها لايستغلون هذه الهبة في شرح معاناة وقضية شعبنا، وتأخذهم دوامةالحياة إلى ما لها طائل منه أو الانتفاع من مميزاته، وهذه من الصفات غير الحميدة لدى البعض وتنعكس سلبا على الجميع في المهجر، وتتجلى في كثرة وتنوع التجمعات والجمعيات المتنافرة دون أن تسعى إلى التنسيق. ويبدو واضحا أن حالة الإنقسام الفلسطينية في السنوات الماضية قد وصلت إلى الحركة التشكيلية الفلسطينية، وأصابتها في الصميم، كادت يقضى على ما تبقى فيها من حركة لولا أن عددا غير قليل من الفنانين ثبت على العطاء بشكل جماعي أو فردي بإحساس خاص نابع من ضرورة أن يكون لهم دور بناء في الحياة، وضمن قناعة بأن الحال سيتغير إلى الأفضل، وعندها تكون كل هذه الجهود جاهزة لتعيد صياغة هيكلية الحركة التشكيلية الفلسطينية بصورة جديدة مستخلصة الدرس مما عانته من ضعف.
دنيا الوطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.