تحدثت المعلومات في الآونة الاخيرة عن تزايد مطالبة المسؤولين الفلسطينيين لإسرائيل بإطلاق سراح القائد البارز في حركة «فتح» مروان البرغوثي المعتقل في سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ بدايات الانتفاضة الفلسطينية الثانية والتي تسمى «انتفاضة الاقصى»، واشارت إلى ان المفاوضين الفلسطينيين طرحوا هذا الموضوع بجدية أكثر من مرة خلال المفاوضات مع الاسرائيليين. واعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي البرغوثي في عام 2002، وحكمت إحدى محاكم الاحتلال عليه بالسجن المؤبد خمس مرات في عام 2004 بتهمة التورط في مقتل خمسة إسرائيليين إلا أنه ينفي التهم المنسوبة اليه وأي تورط مباشر أو غير مباشر في عمليات القتل. وتقول زوجته المحامية فدوى البرغوثي، إنها تعلق آمالا كبيرة على مطالبات الجانب الفلسطيني بسرعة الافراج عنه وأنه أمضى 18 عاماً من حياته في السجون الإسرائيلية، وتم إبعاده نحو سبع سنوات، وعانى الكثي.ر واستنادا إلى مقربين من البرغوثي ومصادر في حركة «فتح»، فإنه يعتزم خوض الانتخابات الرئاسية الفلسطينية في المستقبل، وانه اذا قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم خوض الانتخابات فسيفوز البرغوثي فيها بسهولة. تقوية موقف عباس يرى وكيل وزارة الأسرى والمحررين، وعضو المجلس الثوري لحركة «فتح» زياد أبو عين وآخرون ان اطلاق سراح مروان البرغوثي سيساعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ويقوي موقفه في حسم الخلافات والمشاحنات داخل حركة «فتح» وفي مواجهة حركة «حماس»، ويقولون إنه لكي يتشجع عباس على الاستمرار في مفاوضات السلام مع اسرائيل وتمديدها حتى لشهرين بعد موعد انتهائها في نهاية ابريل فلا بد من وضع شيء ما في سلته فهو يحتاج إلى انجاز أو نجاح ما مهما كان لكي يظهره ويرفعه امام القادة العرب والشعب الفلسطيني. عباس طلب من الرئيس الأميركي باراك أوباما الضغط على الإسرائيليين لإطلاق سراح البرغوثي. وتؤكد فدوى أن البرغوثي، على الرغم مما مر به، لا يزال يؤمن بحل الدولتين لحل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، كما أنه يؤمن بأن الحل لا يمكن أن يكون أحادي الجانب «لأنه سيؤدي إلى المزيد من الآلآم وإراقة الدماء»، مشيرة إلى أن أهم شيء الآن هو أن الرئاسة الفلسطينية تدعم طلب إطلاق سراح زوجها. وتزور فدوى زوجها مرتين في الشهر في سجن «هداريم» في وسط اسرائيل، وتستمر كل زيارة نحو 45 دقيقة، تنقل فيها أخبار أولادها الثلاثة لأبيهم وتطلعه على آخر المستجدات في محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينين، كما أنها تزوده بالكتب باللغة الانجليزية والعبرية والعربية. وطبقا للسياسي والوزير الاسرائيلي السابق يوسي بيلين، الذي لعب دوراً بارزاً في بلورة اتفاقية أوسلو، فإن البرغوثي «ليس الدالاي لاما أوالمهاتما غاندي، وأن بقاءه وراء القضان لمدة طويلة لا يجعل منه نيلسون مانديلا، إلا أنه لا بد من الاعتراف بحقيقة انه يعد من أهم القادة الفلسطينيين خارج السجون الاسرائيلية وداخلها».. وييضيف بيلين أنه غير معجب بالبرغوثي، «فهو رجل فخور بنفسه وبحركته»، وأنه في حال عدم خوض محمود عباس الانتخابات الرئاسية، فإن البرغوثي في حال ترشح لهذا المنصب، فإنه سيناله بكل سهولة، «وعندها سيكون لدى اسرائيل رئيساً للدولة الفلسطينية قابعاً في إحدى زنازينها».. وفي خضم الجدل الذي ينشط حينا ثم يخبو في إسرائيل حول البرغوثي يرى قسم من الاسرائيليين انه لا بد من اطلاق سراحه لانه يمثل الأمل في تنفيذ حل الدولتين، بينما يرى فريق آخرأنه لا بد من بقائه في السجن لتورطه في ما يسمونه ب«الإرهاب ضد الإسرائيليين». ويعتقد كثير من الفلسطينيين ان البرغوثي (54 عاماً) الذي ولد في قرية كوبر في الضفة الغربية لأسرة بسيطة، وعاش طفولة عادية سيفوز في انتخابات الرئاسة بسهولة حتى ولو بقي وراء قضبان السجن. كما يبدي البرغوثي قلقه من غياب الوحدة الوطنية في الصف الفلسطيني في ضوء استمرار الانقسام بين حركتي «فتح» والمقاومة الإسلامية «حماس». ويقول وكيل وزارة الأسرى والمحررين، وعضو المجلس الثوري لحركة «فتح» زياد أبو عين وهو أسير سابق وصديق للبرغوثي لسنوات إن «رسالة البرغوثي واضحة وهي: نعم للسلام مع إسرائيل ولا سلام مع استمرار الاحتلال ودوامه وهو مع العصيان المدني والمقاومة السلبية اللاعنفية فهو يراها افضل للشعب الفلسطيني من الصراع المسلح». وقد أثار البرغوثي ملفات الفساد والبيروقراطية في مؤسسات السلطة الفلسطينية، وطالب بفتح تحقيقات ووجه انتقادات لاذعة لرموز بارزة في القيادة الفلسطينية أدت أحيانا إلى وقوع صدامات بين أعضاء حركة «فتح» والأجهزة الأمنية للسلطة. وأصبح البرغوثي عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006 وهو قيد الاعتقال في سجون الاحتلال. في رسالة اصدرها ونشرها من سجنه العام الماضي دعا البرغوثي إلى إنهاء التعاون والتنسيق الامني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ودعم الجهود لفرض عقوبات ومقاطعة على إسرائيل، ووقف المفاوضات معها طالما استمرت في النشاط الاستيطاني. ويتسابق الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي في المفاوضات على طرح مطالبهما فالإسرائيليون يطالبون الفلسطينيين بالاعتراف ب «يهودية إسرائيل»، ويرد الفلسطينيون بالمطالبة بالافراج عن البرغوثي، فيطالب الإسرائيليون الولاياتالمتحدة بالافراج عن الجاسوس اليهودي الاميركي محلل المعلومات جوناثان بولارد. ومن شأن الافراج عن البرغوثي ان يرفع نسبة الفلسطينيين المؤيدين للمفاوضات بعد ان انخفضت نسبة معارضيها عن الثلثين بشكل ملحوظ وارتفعت نسبة مؤيديها إلى 50% . ويشير بيلين إلى ان البرغوثي ارتكب خطا جسيما في خريف 2000 حين حاول التحالف مع حركة «حماس» من أجل العنف لكنه يبقى من ابرز القادة الفلسطينيين، وأهمهم ويمكن الاعتماد عليه كشريك في عملية السلام لانه يلتزم بالتوصل إلى حل سياسي ولا بد للاسرائيليين من البحث عن وسيلة للتعامل معه في اطار عمل سياسي لانه قادر على قيادة الآخرين إلى اتفاق على حل سياسي. وسبق أن طرح طلب إطلاق سراح البرغوثي خلال صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، إلا أنه لم يدرج اسمه في عداد أسماء الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم، كما تم تداول إسمه في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، عندما طلب الرئيس عباس من الرئيس الأميركي باراك أوباما الضغط على الإسرائيليين لإطلاق سراحه. الامارات اليوم