تكافئ بنوك عاملة في الدولة المتعاملين الملتزمين بسداد التزاماتهم المالية، وكذا المتعاملون الذين لديهم تعاملات متكررة (من قروض وتمويلات) بطرق عدة، أهمها منح هؤلاء الملتزمين أسعار فائدة تفضيلية على قروضهم الجديدة، أو الإعفاء من الرسوم الإدارية، أو رفع سقف الحد الائتماني وسرعة إنهاء الإجراءات المطلوبة. ووفقاً لمصرفيين فإن مكافأة المتعاملين لا تقتصر على الملتزمين بسداد القروض، وإنما تمتد إلى المتعاملين الذين يدرون دخلاً أكبر للبنك، مثل قدامى المتعاملين، والمتعاملين الذين يشترون باقات مصرفية تتضمن أكثر من منتج. وقالوا إن العاملين في الشركات الكبرى العاملة في الدولة يمنحون أيضاً مزايا لا تتوافر لآخرين، ومنها طرح باقات مصرفية من الخدمات والمنتجات بسعر أقل، مؤكدين أن وضع نظام موحد لمكافأة المتعاملين الملتزمين أمر يصعب تحقيقه فعلياً، بسبب اختلاف الحالات، إذ يصعب التحديد بناء على الالتزام بسداد أقساط القروض أو مستحقات البطاقات الائتمانية، أو بحسب عدد القروض والتمويلات التي حصل عليها المتعامل، أو بعدد سنوات التعامل مع البنك وتحويل الراتب إليه، أو وجود حساب توفير، أو التعامل مع إدارة الثروات في البنك. مدير خاص التفرقة مرفوضة رفض رئيس الفروع والخدمات المالية الشخصية في بنك «إتش إس بي سي الشرق الأوسط المحدود»، مصطفى رمزي، فكرة التفرقة بين المتعاملين من خلال دراسة الكفاءة والقدرة المالية لمنح المتعامل، الذي يتميز بقدرة مالية أكبر، مزايا تفضيلية مختلفة»، مؤكداً أن بنكه يدرس المتعاملين جيداً قبل منحهم أي قروض، ومن ثم فإن معظمهم يكونون من الملتزمين بالسداد، ما ينفي الحاجة إلى التفرقة بينهم بمزايا مختلفة. وأوضح رمزي أن «مكافأة متعاملي البنك تتخذ أشكالاً عدة، وترتكز على تحفيزهم على إدارة الأموال، ومنها منحهم نقاط ولاء مقابل نفقاتهم بالبطاقات الائتمانية، مع مضاعفة العدد عند زيادة حجم النفقات الشهرية عن رقم معين»، مشيراً إلى أن «البنك أحياناً يوفر أسعار فائدة أقل للعاملين في الشركات المرموقة، سواء من المتعاملين الجدد أو القدامى، نظراً إلى أن تلك الشركات تتسم بالاستقلالية وتخطر البنك بأي تغييرات تحدث للعاملين فيها، مثل تغيير عقد العمل، أو إنهاء الخدمة للحصول على مكافأة نهاية الخدمة». وتفصيلاً، قال نائب رئيس أول، مدير إدارة التميز في خدمة المتعاملين في بنك دبي الإسلامي، راشد محبوب علي، إن «البنك يكافئ المتعامل المتميز بمنحه مكافآت عينية أو مادية، مثل التخفيض في نسبة الأرباح، أو الإعفاء من بعض الرسوم أو تخفيضها»، موضحاً أن «البنك يكافئ المتعاملين المتميزين بطرق أخرى، مثل تخصيص مدير خاص لعلاقات المتعاملين يتولى التواصل مع كل منهم على حدة، وتوفير الخدمات المتميزة لهم، وكذا تخصيص فروع معينة لهذه النوعية من المتعاملين، بحيث يحصلون على الخدمة وينهون الإجراءات بشكل أسرع». وأضاف أن «المتعامل المتميز يمكن أن يحصل على منتجات مصرفية مجانية، أو بسعر خاص، مع توفير استشارات مالية خاصة لإدارة أمواله». مزايا تفضيلية من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة موارد للتمويل، رئيس معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية، محمد مصبح النعيمي، إن «البنوك لا تريد أن تخسر المتعامل الملتزم، لذا فهي تريد الحفاظ عليه من خلال منحه مزايا تفضيلية»، مؤكداً أن «المتعامل الملتزم مع البنوك دائماً ما يلقى أذناً صاغية لمتطلباته، فيمنح مزايا مثل تخفيض سعر الفائدة أو موافقة سريعة على الاقتراض مجدداً». وأوضح النعيمي أن «مكافأة المتعامل الملتزم تتخذ أشكالاً عدة، مثل الخصم على أسعار الفائدة، أو المرابحة، مع إعطاء أولوية في الحصول على بعض الخدمات، وكذا شطب أو تخفيض رسوم المعاملة، أو رفع الحد الائتماني». واختتم النعيمي بالتأكيد على أن «وضع نظام موحد لمكافأة المتعاملين الملتزمين في جميع البنوك أمر يصعب تطبيقه، إذ يعتمد الأمر على النظام الداخلي لكل بنك، أو المؤسسات المالية، بما في ذلك شركات الوساطة المالية». تقليل الكلفة من جهته، أفاد الخبير المصرفي، عصام أحمد باعطب، بأن «تنافس البنوك في جذب المتعاملين، أو مكافأتهم، يعد أمراً جيداً ويصب في مصلحة الطرفين، طالما كان هذا التنافس ضمن الحد المقبول، وطالما أنه لم يتم تجاوز القوانين». وأضاف أن «البنوك تمنح العاملين في الشركات الكبيرة، خصوصاً الحكومية، ميزات خاصة، وذلك لأسباب عدة، منها نظرة البنوك إلى حجم العاملين والرواتب العالية التي يتقاضاها العاملون، ما يوجِد فرصاً قوية ومربحة للبنوك لتسويق وعرض منتجاتها الأخرى، كبطاقات الائتمان، والتسهيلات المتعددة الأخرى التي تحقق أرباحاً إضافية للبنك في حالة تحويل المتعامل راتبه إلى البنك»، منوهاً بأن «مثل هذه المنافسة بين البنوك شكلت ضغطاً كبيراً على البنوك لابتكار منتجات جديدة منافسة وتلبي احتياجات المتعاملين المالية». وشدد باعطب على أهمية ألا يكتفي المتعاملون مع البنوك بالمكافآت التي يحصلون عليها من خفض الرسوم أو تقليل الفائدة، بل يتوجب عليهم النظر إلى العوامل الأخرى التي تحدد استمرارية التعامل مع البنك من عدمه»، محدداً هذه العوامل بجودة الخدمة المقدمة وسرعة تقديمها، والسهولة والسلاسة في التعامل والمتطلبات، وفوق كل هذا الصدقية والدقة في التطبيق، خصوصاً في ما يتعلق بالمنتجات الإسلامية، وذلك للمفاضلة بين البنوك. وأشار إلى أنه «يجب على المتعامل النظر إلى الخدمات الأخرى التي يقدمها البنك للمتعاملين، مثل تطوير الخدمات الإلكترونية، التي تعد نوعاً من المكافأة للمتعاملين، نظراً إلى تسهيلها سداد الالتزامات المالية المتعددة لدى العديد من الجهات بلمسة زر، ومن دون الحاجة إلى مغادرة المنزل أو المكتب». وبين باعطب أن «اهتمام المتعامل فقط بخفض السعر أو الرسوم، من دون الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى، من تطوير الأنظمة وتسهيل المعاملات المصرفية وتوافر المنتجات التي تلبي احتياجاته، يعد قراراً غير صائب لتغيير البنك الذي يتعامل معه». أساليب مختلفة بدوره، أكد المدير الإقليمي للفروع في منطقة الشرق الأوسط لدى بنك المشرق، شاكر فريد زينل، أن «البنوك تكافئ المتعاملين بأساليب مختلفة، خصوصاً الذين يدخلون للبنك إيرادات أكثر، أو الذين يتعاقدون على أكثر من منتج مصرفي». وقال إن «من طرق مكافأة المتعاملين منح القدامى منهم أسعار فائدة أقل، بموافقات استثنائية، بسبب ولائهم للبنك واستمرارهم في التعامل معه سنوات طويلة»، منوهاً بأن «البنك يوفر باقات بسعر أقل للمتعاملين العاملين في الشركات الكبرى». وأشار زينل إلى أن «وضع نظام موحد لمكافأة المتعاملين الملتزمين أمر يصعب تحقيقه فعلياً بسبب اختلاف الحالات». وسوغ ذلك بأنه «لا يمكن الاتفاق على معيار موحد للمكافأة، وهل يكون ذلك وفقاً للالتزام بسداد أقساط القروض، أو مستحقات البطاقات الائتمانية، أو بحسب عدد القروض والتمويلات التي حصل عليها المتعامل، أو بعدد سنوات التعامل مع البنك وتحويل الراتب إليه، أو وجود حساب توفير أو التعامل مع إدارة الثروات في البنك»، لافتاً إلى أن «البنوك العالمية تكافئ المتعاملين وفقاً لمفهوم (التسعير وفقاً للعلاقة مع المتعامل) فتمنح المتعاملين أسعار فائدة أو تقلل لهم رسوم المنتجات والخدمات بحسب تاريخهم مع البنك والتعاملات التي تمت معه». صعوبة توحيد المكافآت قال نائب الرئيس للتسويق والعلامة التجارية لمجموعة بنك «الإماراتدبي الوطني»، سيف المنصوري، إن «الأصل في التعامل مع البنوك هو أن يكون المتعامل ملتزماً بسداد التزاماته المالية، لذا لا يمكن أن يضع البنك برنامجاً خاصاً موحداً لمكافأة جميع الملتزمين»، مضيفاً أن «البنك يكافئ المتعامل من خلال طرح منتجات متميزة توفر مكافآت خاصة مثل التأمين والتسجيل المجاني والحصول على بطاقة (سالك) عند الحصول على قروض السيارات، فضلاً عن طرح بطاقات ائتمانية بمميزات لا تتوافر في المنتجات المصرفية المثيلة، ومنها زيادة قاعدة الجهات التي تعطي خصومات ومميزات لحَمَلة البطاقات، ناهيك عن تجميع نقاط المكافآت التي تعد ميزة بمفردها». وأوضح المنصوري أن «مكافأة المتعاملين تعني تخصيص برامج لزيادة ولاء المتعاملين، ويتم ذلك من خلال الحملات الترويجية، إذ إن البنك يمنح المشاركين في تلك الحملات فرصاً للفوز بجوائز ضخمة». وأشار إلى أن «مكافأة المتعاملين القدامى الملتزمين تتم (حالة بحالة) من خلال المنتجات التي يطرحها البنك، فقد يتم إعفاؤهم من بعض الرسوم الإدارية أو رسوم البطاقات الائتمانية بموافقة خاصة». الامارات اليوم