مع تصاعد الأزمة الأوكرانية ارتفعت أسعار الغذاء العالمية كون أوكرانيا إحدى الدول المنتجة زراعياً، ويُعيد هذا الوضع موضوع الأمن الغذائي الخليجي، فعملية تطوير قطاع زراعي مستدام مكلفة وليست ذات كفاءة، وبعد مثال السعودية، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي البحث عن بدائل لزيادة الأمن الغذائي، قد يكون أهمها تخزين المواد الغذائية وامتلاك الموارد الزراعية خارج المنطقة. ووفقاً لتقرير أصدره البنك الدولي حول أسعار المواد الغذائية في العالم العربي، تستورد دول مجلس التعاون الخليجي في المتوسط 90 % من ما تستهلكه من المواد الغذائية. وتأتي قطر على رأس القائمة من ناحية الاعتماد على الأغذية المستوردة، حيث تستورد %97 من احتياجاتها الغذائية، بينما تستورد البحرين %92 والكويت %91 وكل من الإمارات وسلطنة عمان %89. السعودية هي أكثر دولة مكتفية ذاتياً.. حيث تنتج محلياً %20 من الأغذية التي تستهلكها. ومع ذلك، من المتوقع في السنوات المقبلة أن ينخفض مستوى الاكتفاء الذاتي، حيث وجد تقرير المعهد الملكي للشؤون الدولية (شاتام هاوس) حول الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي، والمنشور في عام 2013، أن تكلفة دعم إنتاج القمح في السعودية قد تجاوزت 5 مليارات دولار سنوياً في الفترة بين عامي 1984 و2000. تأثيرات وأثر تدهور الوضع السياسي في أوكرانيا على بعض الأسواق العالمية، حيث ارتفعت أسعار السلع الزراعية. فأوكرانيا هي مصدر %16 من صادرات الذرة العالمية وهي ثالث أكبر دولة مصدرة في العالم، كما أنها مصدر %9 من الصادرات العالمية من القمح، مما يجعلها سادس أكبر مصدر عالمياً. ونتيجة الخوف من تعطل الصادرات الأوكرانية، ارتفعت أسعار الذرة بنسبة %20 منذ بداية العام حتى اليوم. بينما ارتفعت أسعار القمح بنسبة %13.5. ويرى كبير اقتصاديي شركة آسيا للاستثمار، فرانسيسكو كينتانا أن هذه التطورات تهم دول مجلس التعاون الخليجي لأن المنطقة من بين الأكثر ضعفا في العالم تعتمد على استيراد الأغذية. فبسبب الظروف المناخية القاسية، استوردت المنطقة تاريخياً ما يقارب إجمالي المواد الغذائية التي يحتاجها سكانها. تكاليف وأدى فقر التربة، وندرة المياه والأحوال الجوية السيئة إلى رفع تكاليف الإنتاج لتصبح أعلى بأربع مرات من الأسعار العالمية. وفي وقت معين من عام 1992، كانت السعودية سادس أكبر مصدر للقمح في العالم. لكن بسبب استنزاف المزارعين لموارد المياه، اضطرت السلطات السعودية إلى التخلي عن سياسة زيادة الإنتاج المحلي. ونتيجة لانخفاض الدعم الحكومي، بدأ الإنتاج ينخفض في عام 2008، ومن المتوقع أن يتوقف تماماً بحلول عام 2016. والسعودية ليست المثال الوحيد في المنطقة. فالعديد من الدول طبقت برامج مماثلة متوافقة مع خطط التصنيع والتنويع، بهدف تقليل تعرض اقتصاداتها للتغيرات في أسعار المواد الغذائية والنفط. وكانت الإمارات نشطة جدا في هذا المجال منذ السبعينات، بينما تأمل قطر في تقليل اعتمادها على الواردات الغذائية إلى %70 بحلول عام 2023 باستخدام تكنولوجيا بيئية جديدة لتحلية المياه وزراعة النباتات بدون تربة. الواقع أنه من غير المرجح أن تقلل هذه الخطط من ضرورة الواردات الثابتة والضخمة من المواد الغذائية. ولكن، على الرغم من التطورات التكنولوجية الحديثة، لا يزال الماء مورداً نادراً، حيث تبلغ حصة الزراعة ما يقارب %90 من إجمالي استخدامات المياه في المنطقة. حلول البدائل الأكثر وضوحاً هي تخزين المواد الغذائية وامتلاك الموارد الزراعية خارج المنطقة. ومن بعد أزمة الغذاء عام 2008 شهدت دول مجلس التعاون زيادة هائلة في امتلاك الموارد الزراعية خارج المنطقة. وقد كانت افريقيا، والسودان خصوصاً، هي محور الاهتمام بالنسبة للمستثمرين من المؤسسات والأفراد الخليجيين. وبحسب منظمة غرين غير الربحية، اشترى المستثمرون الخليجيون أكثر من مليوني هكتار في السودان بين عامي 2006 و2012، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف المساحة المشتراة في البلد الثاني من الترتيب، أستراليا. وعلى الرغم من كونها مزوداً رئيسياً للغذاء، تلقت آسيا القليل من الاهتمام من الخليج حتى الآن. فالصينوالهند هما مصدر %22 من الحبوب الخشنة، و%30 من القمح و%46 من واردات الأرز في دول مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة. لكن لا تظهر الهند ولا الصين على قائمة أكبر 15 دولة، حيث تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي في الموارد الزراعية. البيان الاماراتية