احمد صالح الفقيه // الحديث عن شيعة آل البيت في اليمن، وإن كان يتشابه في بعض فصوله وملامحه مع التجمعات الشيعية الأخرى في العالم العربي، إلا أن الشيعة في اليمن يتميزون بكونهم ينتمون إلى المذهب الزيدي الذي ينتشر في بلادهم منذ أواخر القرن الثالث الهجري وليس إلى المذهب الإمامي الإثني عشري الذي ينتشر في إيران والعراق ولبنان ودول الخليج العربي وغيرها. وقد تميزت اليمن أيضاً بأن حكامها المنتسبين إلى آل البيت قبل الثورة اليمنية سنة 1962م هم أيضاً أعلام وفقهاء المذهب الزيدي، فدولتهم التي استمرت 1100 سنة بين امتداد وتقلص كان يحكمها فقهاء المذهب الذين كانوا في الغالب يقاومون ويحاربون الرّفض والغلو في التشيع، كما أنهم كانوا يحاربون الباطنية والاسماعيلية الذين يتواجدون في اليمن، وكان الغلو من قبل علمائهم وعوامهم يعتبر من الاستثناء. وبالرغم من أن الزيدية كانت طيلة تلك الفترة زيدية صرفة، إلا أن الانفتاح الذي عاشه اليمن بعد تحقيق الوحدة سنة 1990، وتحسن علاقات إيران بالدول العربية، والكُره الذي يُكنه العسكريون والمشايخ المتحولون الى الوهابية، وجمعيات السلفيين المدعومة من الوهابية دولا ورجال دين، والاخوان المسلمن وحزبهم التجمع اليمني للاصلاح في اليمن للزيدية ورموزها الهاشمية وقيامها بتهميشهم وسعيها لمحاصرتهم والحد من نفوذهم، كلّ ذلك ساهم في أن تجد ايران الإمامية الإثني عشرية موطئاً لها في بلاد اليمن، ليس كمذهب، وانما كداعم سياسي وان تستقطب الكثير من قادة العمل الزيدي وعوامهم، بحيث أن الزيدية بدأت تقترب من الإثني عشرية، وبدأت الاثني عشرية تحصل على التفهم في العمل الزيدي من حيث المؤلفات والمحاضرات وإقامة الأعياد والمناسبات الإمامية، وبناء العلاقات مع الآخرين بموجب التوجه الجديد. وسنسعى في هذا البحث إلى إعطاء نبذة عن المذهب الزيدي، وجوانب الاتفاق والاختلاف مع مذهب أهل السنة ومع مذهب الشيعة الإثني عشرية، وسنعرض لبداية دخول الزيدية إلى اليمن في أواخر القرن الثالث الهجري، وكيف أن دولة الزيدية التي استمرت 11 قرناً كانت تحكم من قبل فقهاء المذهب، بل ان فقهاء المذهب الزيدي كانوا الى مكانتهم الفقهية قادة الجيوش وحكام المقاطعات والوزراء والقضاة وكبار الاداريين بل انهم قديجمعون بين القيادة العسكرية واي من تلك المناصب. حتى قيام ثور 26 سبتمبر 1962م. وتميزوا بالعلم وكرامة الاستقلال وصدق التدين بعكس كثير ممن جاءت الثورة وولتهم المناصب. وقد كان زوال هذه الدولة بنجاح الثورة اليمنية سنة 1962م، وهي الثورة التي شكلت قاصمة الظهر لهذه الدولة، حيث تبنت الحكم الجمهوري الذي قام على انقاض دولة الأئمة الزيديين ونظاماً أقرب إلى العلمانية منه إلى القومية واليسارية، وكان التأثير المصري الناصري على الحكم الجمهوري الجديد في بدايته كبيراً. من ثم نعرض الدور الذي تقوم به الشيعة الإثني عشرية ودولتها إيران لاختراق المذهب الزيدي، ومحاولة تحويل أنصاره نحو التشيع الإثني عشري، والظروف المحلية والخارجية التي ساعدت على ذلك. الجنوبية نت