جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى الامارات، خلال الاسبوع الماضي، فى إطار الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة بين الدولتين، لتفتح ملف العلاقات بينهما من جديد فى ظل مساعي الرئيس الايراني حسن روحاني ووزير خارجيته لرأب الصدع وإحداث فرق في مجمل السياسة الخارجية الإيرانية. دبي (الاهرام) وكان من الطبيعي أن تكون دولة الامارات محطة من المحطات الخليجية التى يزورها وزير خارجية ايران نظرا للعلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين وأهمية الامارات في الفترة الحالية. وعلى ما يبدو أن القضايا الخلافية بين أبو ظبي وطهران قد اختفت تماما خلال تلك الزيارة. فتصريحات وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان التي أطلقها خلال الزيارة وأكد فيها أن العلاقات بينهما علاقات قديمة وتضرب بجذورها فى عمق التاريخ وترتكز على أسس متينة من الاحترام المتبادل والتعاون المشترك من أجل أمن واستقرار المنطقة فى ظل القيادة الحكيمة للبلدين الصديقين، لا تدع مجالا للشك بأن كلا الطرفين يرغبان فى تعزيز العلاقات الثنائية في المرحلة القادمة. وكما اكد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الامارات الدكتور محمد هويدن بأن هذه الزيارة جاءت برغبة من الطرف الإيراني وبلورة السياسة التى يتبعها الرئيس روحاني من انفتاح مع دول الخليج الفارسي على أرض الواقع. وشدد هويدن على ان هذه زيارة دبلوماسية أكثر منها لتحقيق إنجازات أو ما شابه ذلك بين الدولتين. إذن أين هى القضايا الخلافية بين أبو ظبي وطهران بما في الجزر (الايرانية) الثلاث ، ومزاعم تدخل ايران فى الشؤون الداخلية للدول فضلا عن برنامجها النووي السلمي. يقول هويدن أن تبادل الزيارات بين الدولتين من شأنها أن تؤدي الى فتح باب للحوار، ولكن من المبكر ان يتناول الطرفان المواضيع الخلافية أو حلها، وعلى رأسها الجزر (الايرانية)، خلال لقاء أو زيارة وبالتالي فالحديث مثلا عن موضوع الجزر بالنسبة للرئيس الايراني بهذه السرعة سيكون غير مقبول. ويؤكد الخبراء ان مسألة الجزر هو موضوع غاية فى التعقيد ويمثل قضية رأي عام فى إيران. وقد اكدت طهران خلال السنوات الماضية على حقها التاريخي في هذه الجزر. فى الواقع أن سيناريو التقارب فى العلاقات الثنائية بين ابو ظبى وطهران وما يتبعه من حوار جاد بشأن قضايا الخلاف الرئيسية وفى مقدمتها الجزر ومزاعم التدخل الإيراني في شؤون دول المنطقة، قد يكون هو المطلب الأساسي فى المرحلة الحالية بالنسبة لبعض دول الخليج الفارسي. ويبدو أن كلا الطرفين الإماراتيوالإيراني أقرب إلى هذا الاتجاه، فجميع المؤشرات تؤكد أن الزيارة التى قام بها وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد إلى طهران، عقب التوصل إلى الاتفاق المبدئي حول البرنامج النووي الايراني السلمي مع الغرب، كانت تحمل رغبة دولة الامارات في تعزيز العلاقات والروابط مع طهران، بالرغم مما أثاره الاتفاق من مخاوف لدى دول خليجية وخاصة الامارات من صفقة قد تكون بين واشنطنوطهران على حسابهم. ويقول الكاتب والمحلل السياسي الاماراتي صقر بن زايد آل نهيان،أن العلاقة بين الاماراتوإيران علاقة مركبة وليست علاقة بسيطة. فالتواصل مهم بين الدولتين ويجب مراعاة العلاقات الاجتماعية والقبلية والتاريخية. واشار صقر الى أن رفع الحظر عن ايران بعد الاتفاق المبدئي بين الغرب وطهران حول برنامجها النووي السلمي يجب أن يكون بشروط وذلك لرفع التخوف المتواجد بالفعل داخل الامارات من فكرة هيمنة ايران على المنطقة على حد وصفه. من جانبه وصف الناشط الاماراتي جاسم خلفان سياسة بلاده بالمعتدلة مع كل دول العالم . وقال ان الامارات حريصة على وجود علاقة بينها وبين ايران بحكم التاريخ حتى وان وجدت أى مشاكل أو خلافات بين الدولتين حول الجزر (الايرانية) أو غيرها من القضايا. وأوضح، أن من يتكلم بالسلب عن العلاقات بين الدولتين ويتساءل لماذا تقوم علاقات تجارية واقتصادية بين الجانبين، فهو يصطاد فى الماء العكر. وشدد خلفان على أهمية تبادل الزيارات لتفعيل الحوار، مؤكدا في الوقت نفسه أن الامارات تتعامل مع ايران بحذر حيث أنه مازال هناك تخوف داخل الدولة من رفع الحظر على ايران . وفي هذا السياق يقول هويدن أن التخوف من الاتفاق النووي الايراني السلمي مع الغرب ليس فى الاتفاق بحد ذاته ولكن من تبعاته على حد وصفه. من ناحية أخرى، يؤكد بعض الخبراء أن رفع الحظر عن ايران سيعود بالنفع على دول الخليج الفارسي خاصة الامارات حيث أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل قبل عدة أعوام إلى أكثر من 44 مليار درهم إماراتى سنويا، لكنه تراجع فى السنوات الأخيرة إلى نحو 25 مليار درهم عام 2012 بسبب الحظر. وقد أعرب وزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد عن أمله باستمرار الانفراج مع إيران بما يسمح للامارات الوصول إلى تلك المعدلات السابقة وتجاوزها. فى الواقع أن فكرة التقارب مع إيران والذي يصب في مصلحة دول الخليج الفارسي يجب أن يؤتي ثماره بتوافر عنصر الندية فى العلاقات بين الطرفين. / 2811/ وكالة الانباء الايرانية