عبّر عدد من منسوبي الإذاعة والتلفزيون عن بالغ سعادتهم بالاحتفال الكبير الذي نظمته هيئة الإذاعة والتلفزيون بمناسبة مرور 50 عامًا على بداية البث التلفزيوني في المملكة وعلى بداية البث الإذاعي من إذاعة الرياض، منوّهين بما شهده القطاع الإعلامي - ممثلًا في الإذاعة والتلفزيون- من تطوّر كبير، وبما بات يحققها من إنجازات كبيرة، حتى أصبح الإعلام السعودي من الأجهزة الإعلامية المشهود بكفاءتها على المستوى المحلي والعربي والدولي. فرق كبير بين البدايات والوقت الراهن يقول المشرف على القناة الاقتصادية محمد الحميدي: إن العمل الإعلامي شهد خلال 50 عامًا على مستوى الإذاعة والتلفزيون فرقًا كبيرًا بين البدايات والوقت الراهن من جميع النواحي البشرية والفنية والمحتوى، ولا يمكن مقارنة البداية في الإعلام بما هو عليه الآن من تنوّع وانتشار، كما أن الخيارات أصبحت متعدّدة ولكن بقيت رسالة الإعلام كما هي رغم اختلاف الأساليب والوسائل. مبينًا أن الوسائل الإعلامية في تلك الفترات التي شهدت بدايات الإذاعة والتلفزيون كانت محدودة وضعيفة ولا تقارن أبدًا بما هو الحال عليه الآن من تعدّد الإذاعات والقنوات وتطوّر وسائل البث والتصوير. وأردف الحميدي: الإذاعة والتلفزيون شهدت نقلة نوعية ليس في الوسيلة فقط بل وفي المحتوى من خلال زيادة مساحة الحرية ونقل اهتمامات الناس إلى المسؤولين وتسليط الضوء على المنجزات التنموية الشاملة، كما ازدادت عدد القنوات التلفزيونية لتواكب مسيرة التطوّرات الحضارية التي تشهدها المملكة، حيث أنشئت قناة القرآن الكريم وقناة السنّة النبوية والقناة الثقافية والقناة الاقتصادية والقنوات الرياضية والعديد من المراكز الإعلامية في العديد من مناطق المملكة. وأضاف: لا أعرف كيف كانت الإذاعة والتلفزيون قبل خمسين عامًا ولكن ما تناقله الزملاء عن البدايات أنها كانت بسيطة ومتواضعة جدًا سواء في قدرات العاملين أو الإمكانات الفنية، وعندما التحقت بالإعلام قبل نحو ثلاثين عامًا كانت مسيرة الإعلام قد قطعت شوطًا لا بأس به من التطور سواء في الإمكانات البشرية أو الفنية، وكان هنالك مجموعة كبيرة قد احترفوا العمل الإعلامي وأجادوا فيه وأصبحوا أعلامًا ورموزًا وطنية نفتخر بها دائمًا. مشيرًا إلى الذكريات وبأن الحديث عنها ذو شجون، ففي كل مرحلة من مراحل مشواره الإعلامي هنالك الموقف الذي لا يُنسى والذكريات التي لا تزال عالقة بالذهن وهي مواقف تفرضها طبيعة العمل، كما أن هنالك العشرات من الزملاء الذين لازالوا وسيظلون عالقين في الذاكرة بل أن المكسب الحقيقي هو معرفة هؤلاء الرجال فلهم جميعًا الحب والتقدير والاحترام. مراحل كفاح ونجاح وتطوّر وقال كبير مصوري التلفزيون السعودي سلمان الشميمري: إن 50 عامًا مضت على إنشاء الإذاعة والتلفزيون تحمل مراحل كفاح ونجاح وتطوّر مستمر لشأن الإعلامي بشكل عام والشأن الإذاعي والتلفزيوني على وجه الخصوص، مشيرًا إلى مشوار بناء التلفزيون السعودي كان قد سجل تاريخًا مشرفًا على الرغم بأن تلك الحقبة التاريخية كانت قد شهدت قلة تواجد أجهزة التلفزيون في منازل المواطنين، بالإضافة إلى عدم وجود قنوات تلفزيونية منافسة. وأضاف الشميمري: لقد كانت بدايات التلفزيون في عهد المحطات التلفزيونية القديمة في تاريخ 1985م تفتقر إلى تواجدها في منازل المواطنين، كما كان التلفزيون عبارة عن محطتين فقط هي محطة تلفزيون الرياض ومحطة تلفزيون جدة، بينما كان في المنطقة الشرقية محطة تلفزيون تسمى ب «تلفزيون أرامكو» وبعد إنشاء هذه المحطة بأقل من سنة ونصف أنشئت محطة تلفزيون الدمام والتي كان يبدأ فيها البث من الساعة السادسة مساءً وحتى الحادية عشرة ليلاً تتخللها نشرة أخبار مفصلة على الهواء مباشرة، والمرحلة الثانية شهدت إنشاء محطة تلفزيون المدينةالمنورة والتي جاء إنشاؤها بعد إنشاء محطة الدمام وقبل البدء في إنشاء محطة القصيم وأبها، حيث جاءت هذه المرحلة لتوحد من خلالها مرحلة «توحيد البث» فأصبحت محطة منطقة الرياض هي المحطة الرئيسة والتي من خلالها ينطلق البث لجميع المحطات الأخرى في جميع مناطق المملكة، حيث أطلق عليها بعد ذلك «تلفزيون المملكة العربية السعودية». وأبان الشميمري أن الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- قد أمر في ذلك الوقت «مكرمة ملكية» وهي صرف مبلغ 50 ألف ريال لجميع من يلتحق بالعمل في أي جهة حكومية وخصوصًا لمن يلتحق بالعمل في الإذاعة والتلفزيون، حيث كانت تلك الفترة تواجه نقصًا كبيرًا في الكوادر الوطنية مما أسفر عن التحاق أعداد كبيرة للعمل في الإذاعة والتلفزيون، حيث قُدمت لهم الدورات التدريبية المكثفة وتم ابتعاث أعدادًا كبيرة منهم للدراسة الخارجية وعادوا بخبرات مميّزة أسهمت في تطوّر العمل الإعلامي خصوصًا في الإذاعة والتلفزيون. مشيرًا إلى قصة وقوعه على ظهره أمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، بقوله: تلك لحظة لن أنساها طوال حياتي فهي من أكثر المواقف المحرجة التي تعرّضت لها، فأتذكر أنني في إحدى المناسبات كنت أحمل الكاميرا على كتفي وأمامي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - أطال الله في عمره- وكنت وقتها أتحرك للخلف لالتقاط صور له وهو متجه للخروج وفي تلك اللحظة تعلقت قدمي بشيء ما مما أسفر عن سقوطي على ظهري أمام سمو الأمير الأمر الذي جعله يضحك كثيرًا على ذلك الموقف ووقعت حينها في موقف محرج لن أنساه طوال حياتي، أما الكاميرا فقد تهشمت وسلمت من وقوعها عليّ. قفزة حقيقية نحو الإعلام المحترف وقال مدير إدارة التنفيذ بإذاعة الرياض وكبير المذيعين يحيى بن ناصر الصلهبي: إن عمره في العمل في إعداد وتقديم البرامج لا يتجاوز خمسًا وعشرين سنة، ولذا لا يستطيع الحكم على بداية بث الإذاعة والتلفزيون، ولكن الذي يشهده هو قفزة حقيقية نحو الإعلام الإذاعي والتلفزيوني المحترف. مشيرًا إلى ما أولته القيادة الرشيدة - حفظها الله- فيما يختص بالإذاعة والتلفزيون، حيث قدمت اهتمامًا ورعايةً بالغة شأنها شأن كل قطاعات الدولة الأخرى، إلا أن الإذاعة والتلفزيون كانا على رأس هذا الاهتمام وتلك الرعاية نظرًا لما يمثله الإعلام المتمثل في هذين القطاعين من أهمية في عصرنا الحاضر سواء على مستوى الطرح داخليًا وخارجيًا. وأضاف الصلهبي: من ثمرات هذا الاهتمام من قبل القيادة الرشيدة هو قرار تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى هيئة وانسلاخها عن وزارة الإعلام لكي تُعطى المرونة الكافية التي تسمح للإذاعة والتلفزيون بمواكبة الركب والانطلاق إلى آفاق أرحب من العمل الإعلامي المحترف. مبينًا أن الإذاعة والتلفزيون السعوديين قبل خمسين عامًا كانتا في حالة مخاض صعب حينها نظرًا للإمكانات المحدودة فنيًا وبشريًا إلى جانب تردد المجتمع في قبول هاتين الوسيلتين عند بداية انطلاقها، ولكن بعزيمة الرجال ومن خلفهم القيادة الرشيدة انطلقت الإذاعة والتلفزيون بخطى حثيثة نحو المستقبل الذي تعيشه اليوم سواء على مستوى الكوادر الفنية والأجهزة التقنية أو على مستوى الانتاج إعدادًا وتقديمًا وإخراجًا، فضلاً عن المضامين والطرح التفاعلي مع المجتمع وتعزيز اللحمة الوطنية ومواكبة القفزة التنموية في البلاد. وأضاف: أن مسيرة خمس وعشرون سنة في الإعلام أكسبتني علاقة وطيدة مع الميكرفون الذي صادفت فيه الكثير من المواقف المفرحة حينًا والمحرجة حينًا آخر، سواء أثناء تقديم البرامج أو النقل الحي للمناسبات الوطنية والدينية، بالإضافة إلى بعض مواقف مع زملاء أثناء تقديم البرامج والتي غالبها ينم عن ألفة ومحبة بينهم وتنافس شريف على تقديم الأفضل للجمهور الكريم. وعبّر مدير عام الأخبار في التلفزيون السعودي عبدالله الحميدي عما يخالجه من خواطر حيال مرور 50 عامًا على تاريخ تأسيس الإذاعة والتلفزيون، قائلًا: إن للأخبار تاريخ لا ينسى في مسيرة التلفزيون، فأعظم جيل ذهبي مر على التلفزيون ظلوا سنين طويلة من شاشة التلفزيون وإلى أستديو الأخبار، فهل تذكرون ماجد الشبل وغالب كامل وجميل سمّان وسليمان العيسى ومحمد الشعلان وحسين نجار وعبدالرحمن يغمور وعوني كنانة ومحمد الرشيد وخالد اليوسف ومحمد الصبيحي وعلي النجعي وعبدالله حمزة وسبأ باهبري ومنصور الخضيري وغيرهم كثير لازالوا في ذاكرة الوطن أعلام بقيت في ذاكرة الناس. مبينًا أن الأخبار كانت في تلك الفترة المصدر الوحيد الموثوق لكل ما يحدث في القريب والبعيد بالرغم من تواضع الإمكانات وضعفها، وأما وقد شهد العالم ثورة هائلة في التقنيات ووسائل الاتصال فأصبح الناس يحتارون في خياراتهم ولكن سرعان ما يعودون إلى شاشة القناة الأولى ومتابعة نشرة الأخبار عندما يتعلق الأمر بشأن داخلي هام لثقتهم بما يرد عبر تلفازهم وشاشتهم التي ظلت تحافظ على رصانتها. المزيد من الصور : صحيفة المدينة