يعيش الفلسطينيون على أمل بأن تتحول المصافحة التي التقطتها عدسات الكاميرات في منزل رئيس الحكومة بغزة إسماعيل هنية، مؤخرًا إلى مصالحةٍ عملية تنهي واقع الانقسام وآلامه. غزة (فارس) ولعل فرص تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية هذه المرة أكبر من سابقاتها، كما يرى كثيرٌ من المراقبين والمحللين. مراسل وكالة أنباء فارس رصد آراء عدة ومتباينة عن المصالحة، منها ما قاله الحكيم زياد أبو طعيمة : "أتمنى ألا يخيب أمل شعبنا ورجاؤه في تحقيق الوحدة الوطنية، فنحن في وضعٍ حرج وخطير يتطلب منا مزيدًا من الحرص على المصلحة العامة، وإلقاء المصالح الفئوية جانبًا". وأضاف: "شعبنا لن يرحم أحدًا إذا فشل الاتفاق هذه المرة (لا قدّر الله)، ونتمنى أن يكون الاتفاق حافزًا للجميع، ووقودًا لتحرير أرضنا ومقدساتنا السليبة". الشاب زياد سكيك هو الآخر يقول: "أخشى أن تكون قضية المصالحة غطاءً ومسرحية لحرب تدبر على غزة، وتكملة مصادرة أراضي الضفة المتبقية". من جانبه، تساءل الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو: "إسرائيل" تراهن على فشل المصالحة، فهل سيكون الفلسطينيون عند حسن ظنها؟!.. وهل المصالحة ستدفع إلى مزيد من الصدام مع "إسرائيل" أم نحو مزيد من المفاوضات؟!. من ناحيته، قال المواطن الفلسطيني رياض الشرفا: "لو استطاع أبو مازن الصمود أمام الضغوطات المتوقعة فسيكون بطلًا قوميًا، وسيضعه التاريخ على لائحة القسام والياسين وأبو عمار، ولو حدث العكس فلن نترحم عليه أبدًا (...) فلا تحبطونا يرحمنا ويرحمكم الله". ونوه المحلل السياسي عدنان أبو عامر، أن ما سرع في المصالحة وصول أوضاع غزة مرحلة قاتلة من المعاناة، وعدم وجود ضوء للعلاقة المتأزمة مع مصر، والأمل بأن تكون المصالحة بوابة لوقف التوتر. وأشار إلى أن حركة فتح معنية بتحقيق المصالحة في ظل الأزمة مع "إسرائيل"، وبروز شبح (النائب المفصول من عضوية اللجنة المركزية محمد) دحلان في غزة من جديد، ما يعني تلاقي مصالحها مع حماس ضده. ولفت أبو عامر إلى أن رغبة حركة حماس التي لا تخفيها من إنجاز المصالحة، تتمثل بفك حالة العزلة التي تعانيها، مما يسهم بفرص تعزيز "شرعيتها"، وتسهيل أوضاعها في الضفة. من جانبه، حذّر القيادي في حركة حماس يحيى موسى من تحريك العدو الطابور الخامس (العملاء) الذين لا مصلحة لهم بالمصالحة الوطنية الفلسطينية، والذين بدأوا التقيؤ بتصريحات تحمل التشكيك بنجاح المصالحة تارة وتارة أخرى يتبرعون بإرسال رسائل التطمين للعدو وحليفته أميركا حول البرنامج السياسي للحكومة القادمة أو الالتزام بنهج التفاوض أو غير ذلك. وقال موسى في تغريدةٍ له على "فيس بوك" : "من موقع المسؤولية أدعو إلى المضي بثقة وطنية وتصميم وإرادة وليكن شعارنا قل موتوا بغيظكم (...) العدو الصهيوني يراهن على الألغام التي زرعها في اتفاقات أوسلو، لتفجيرها في طريق إتمام المصالحة". وشدد قائلًا: "ليكن ردنا على الاحتلال مزيدًا من الوحدة والشراكة والتقدم في تنفيذ ما تم توقيعه". رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سابقًا حسن أبو حشيش، أدلى هو الآخر بدلوه في هذا الموضوع قائلًا: إن "المصالحة الفلسطينية لا تعني دمج البرامج، بل تُعطي الفرصة لتثبيت آليات الديمقراطية في إدارة التباينات. وعلينا ألا ننسى أننا شعبٌ مقاوم يسعى للتحرير". وأضاف: أن "يُنهي السيد محمود عباس حياته السياسية بإنهاء الانقسام ورفض "يهودية الدولة" ووقف المفاوضات والتنسيق الأمني، فهذا موقف تاريخي، نتمنى أن يحصل". ولفت أبو حشيش إلى أن الموقف الأميركي والإسرائيلي من تطبيق المصالحة كشف المستور عن دورهما في تعطيلها كل السنوات الماضية، منوهًا إلى أن صد ذلك يتطلب إرادة وصلابة موقف. وناشد الإعلاميين والناطقين باسم الفصائل والمحللين بنشر الأمل، والتحلي بالمسؤولية، والتوقف عن التأويلات ودق الأسافين والتحريض، والمساهمة في إنجاح التطبيق العملي للمصالحة. وأكد أبو حشيش أن "من حق الناس ألا تؤمن بإمكانية تنفيذ المصالحة، لكن لا تتعجلوا واحكموا على الواقع". أما المسؤول السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة - حسام عرفات، فقال: "لاشك أن ما تم الإعلان عنه في غزة من اتفاق بين حركة حماس ووفد منظمة التحرير على تنفيذ الاتفاقات الموقعة سابقًا خطوة في الاتجاه الصحيح ومرحب بها من قبلنا". وأضاف عرفات: أن "النصوص جيدة رغم أنه لم تكن يومًا مشكلتنا بل كان دومًا تطبيقها هو المشكلة"، موضحًا أن "امتحان مدى جدية الأطراف في تحقيق المصالحة، وتنفيذ هذا الاتفاق يتوقف على صمودهم أمام التدخلات والضغوط التي ستتصاعد لإفشاله". وشدد على أنه لا يحق لأي حكومة فلسطينية أو أي جهة كانت التنازل عن شبر من أرض فلسطين أو إخضاع حقنا بأرضنا للاستفتاء. ويضع الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يده على الجرح في التوصل للمصالحة حين يقول: "توقيع الاتفاق في غزة جاء في وقت مهم جدًا، ارتباطًا بحاجات وضرورات السياسة الفلسطينية، بالرغم من أن أحدًا لا يستطيع تجاهل المتغيرات والعوامل الضاغطة التي دفعت حركتي حماس وفتح، نحو الاستجابة للحظة الضرورة، دون تدخل، أو ضغط من أي طرف". وأضاف: "لحظة الضرورة تتلخص في معادلة بسيطة تبدو واضحةً، رغم أن البعض يحاول إنكارها. هذه المعادلة مؤشر على أن الطرفين، لم يجدا أي مخرج للأزمات المتفاقمة التي يعانيان منها، ولا تزال تتفاقم، سوى مخرج المصالحة، كمخرجٍ إجباري". القيادي في حركة فتح الدكتور عاطف أبو سيف يقول: "لو قدر لهذه المصالحة أن تتم فستكون المرحلة الثالثة من بناء السلطة الفلسطينية (...) جرب الناس "فتح"، وجربوا "حماس"، والآن سيجربون "فتح" و"حماس" سويةً، على اعتبار أن "طرفي الانقسام" هما طرفا المصالحة". أخيرًا، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول، أن ما يمكن أن يعرقل تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية هو استمرار الرهان على التفاوض بين السلطة و"إسرائيل" كخيار وحيد ووفق الأسس القائمة عليها. وبيّن أن ذلك من شأنه تعميق الانقسام القائم، وإبقائه عقبة في بناء العلاقات الداخلية الفلسطينية. وكالة الانباء الايرانية