رفضت الحكومة المصرية أمس الانتقادات الدولية لأحكام الإعدام الصادرة ضد مرشد«الإخوان المسلمين» محمد بديع و682 آخرين من الجماعة في أحداث المنيا، وقالت داعية دول العالم إلى احترام استقلالية قضائها «إن الإعدام ليس حكماً نهائياً، ولكنه قرار بإحالة الأوراق للمفتي». وأبلغ وزير الخارجية المصري نبيل فهمي نظيره الأميركي جون كيري خلال لقائهما في واشنطن «إن القضاء المصري مستقل تماما عن الحكومة، وأن الأحكام اتخذت بناء على قوانين العدالة». بينما أبدى كيري قلق بلاده إزاء أحكام الإعدام، وقال مقرا إن مصر تمر بعملية انتقالية صعبة للغاية «نريد أن تكون الحكومة الانتقالية ناجحة، ونحن نأمل ونرغب في عملية سياسية تشمل الجميع، وفي تطبيق دستور يجمع الناس سياسيا على الطاولة ويوسع القاعدة الديموقراطية». وقال كيري «الدستور المصري خطوة إيجابية للأمام. لقد اتخذت السلطات خطوات وتتجه الآن إلى انتخابات لكن على الرغم من هذه الخطوات الإيجابية التي اتخذت فإننا نعرف جميعا أن هناك قرارات مزعجة داخل العملية القضائية والنظام القضائي أثارت تحديات خطيرة بالنسبة لنا جميعا». محذرا نظيره المصري من انه سيناقش التحديات الخطيرة التي تمثلها أحكام المحكمة بصراحة شديدة لضمان تطبيق الديموقراطية وعودة مصر مجددا إلى الساحة الدولية، وقال «نحن نبحث عن أمور معينة تمنح الناس بعض الثقة حول الطريق المستقبلية، والأفعال وليس الكلمات هي التي تصنع الفرق». وفي المقابل، رد فهمي بالقول «إن المحاكم المصرية مستقلة، وان الحكومة لا تستطيع التدخل في العملية القضائية»، إلا انه توقع انه عند استكمال تلك العملية سيتم التوصل إلى قرارات مناسبة في كل واحدة من هذه القضايا، وأضاف «أنا هنا الآن لأمثل شعبا يريد الديموقراطية ويريد أن يكون شريكا في مستقبله»، وحذر من أن التحول في مصر هو مجتمعي وليس فقط تغيير رئيس بآخر، وأضاف «سنبني ديمقراطية قائمة على حكم القانون، وحكم القانون يعني تطبيق القوانين التي تنسجم مع الدستور..هذا التزام اقطعه ليس فقط لكم في واشنطن، ولكن لشعبي». وقال فهمي في وقت سابق خلال حفل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الليلة قبل الماضية «إن الشعب المصري هو الذي سيقرر سياسة مصر الخارجية التي ستكون متعددة الأبعاد واستباقية في تعزيز الصداقات الحالية وتكوين صداقات جديدة»، معربا عن تطلع بلاده لتحسين علاقاتها الدولية مع الولاياتالمتحدة وروسيا من اجل تحقيق السلام والأمن في المنطقة والاستمرار في الحفاظ وتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة وأوروبا«. وأضاف «أن التحدي الحقيقي أمام بلاده يكمن في كيفية وضع الأسس التي تعمل على نظام للمساءلة الشفافة والشاملة لجميع المصريين الذين قبلوا الدستور كأساس للحكم في مصر. معتبرا «أن الوضع سيتغير في العالم العربي إما عن طريق الثورة أو التحول أو الإصلاح المؤسسي حيث سيستغرق الوصول إلى التغيير المنشود عقدا أو عقدين من الزمن». من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي «إنه على دول العالم أجمع أن تفهم أن القضاء المصري مستقل تماماً»، وأضاف «لا نستطيع التعقيب على أحكام القضاء، ومبادئ الديمقراطية تتحدث عن ضرورة الفصل بين السلطات، والقانون يكفل الحق الكامل في التقاضي». وأشار إلى أنه لو كانت هناك بعض الأحكام التي صدرت، فالنيابة العامة طعنت عليها بالفعل أمام النقض، وهناك عملية من التقاضي ستأخذ وقتا، وسيتم توفير كل الضمانات الخاصة بالمحاكمة. وأوضح أن القرار الخاص بإعدام منتمين لجماعة الإخوان بالمنيا ليس حكماً نهائياً، ولكنه قرار بإحالة الأوراق للمفتي. من ناحيتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي «إن قرار بلادها تسليم طائرات الأباتشي تم اتخاذه بسبب مواجهة مصر لتهديد متعاظم من جماعات متطرفة في سيناء على وجه التحديد، ولا يرتبط بقضية أحكام الإعدام، وأضافت «نواصل تعبيرنا عن قلقنا عن قضايا حقوق الإنسان، أو الإجراءات القانونية المطلوبة عند اللزوم، وهو ما عليه الحال في هذه المسألة«، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية قد أوصلت رأيها إلى الجانب المصري بهذا الخصوص». فيما قال السناتور الأميركي باتريك ليهي رئيس اللجنة الفرعية للمساعدات الخارجية بمجلس الشيوخ إنه لن يوافق على إرسال مساعدات للجيش المصري، وأضاف «لست مستعدا لفعل ذلك إلى أن نلمس أدلة مقنعة على التزام الحكومة المصرية بسيادة القانون». مستنكرا ما وصفه ب«محاكمة صورية» قضت فيها محكمة بإحالة أوراق 683 شخصا إلى مفتي مصر تمهيدا للحكم بإعدامهم. من ناحية ثانية، نددت مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي بقرار محكمة مصرية إحالة أوراق 683 شخصا للمفتي تمهيدا لإصدار حكم بإعدامهم، وقالت «إن هذه المحاكمة الجماعية انتهكت بوضوح القانون الدولي الذي يتطلب إجراءات تقاضي سليمة»، وأضافت في بيان «إنه لأمر شائن أن تفرض الدائرة السادسة بمحكمة جنايات المنيا للمرة الثانية خلال شهرين عقوبة الإعدام على مجموعات كبيرة من المدعى عليهم بعد محاكمات صورية..إن الضمانات الدولية لمحاكمة نزيهة تسحق بشكل متزايد على ما يبدو». وقالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم مكتب المفوضة «لا يمكن اعتبارها بصراحة وعلى الإطلاق محاكمة عادلة..حوكم معظم المتهمين غيابيا ولم يتسن لمعظمهم لقاء محامين، ويبدو أن الدفاع لم يكن لديه فرصة لاستجواب الشهود..هذه هي الضمانات الأساسية جدا جدا للمحاكمة العادلة». وأعرب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج عن قلقه العميق إزاء أحكام الإعدام، مشيرا إلى أنها تؤثر سلبا على العملية السياسية الشاملة في مصر»، وقال «نحن في بريطانيا نعارض عقوبة الإعدام فى جميع الظروف كمسألة مبدأ، وعليه نحن قلقون بعمق إزاء التقارير التي تفيد بأن كثير من المتهمين حكم عليهم في ظل غيابهم ولم يكن لهم التمثيل المناسب القانوني في المحكمة». بينما قالت وزارة الخارجية الألمانية إنها استدعت السفير المصري محمد حجازي للاحتجاج على أحكام الإعدام الجماعية ولحث القاهرة على توفير محاكمة عادلة للمتهمين. وحذرت إيران من أن أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة مصرية على المئات من جماعة الإخوان قد يكون لها تداعيات سياسية واجتماعية وتشجع أعداء مصر علي تأزيم الأوضاع الحالية. ووصفت حركة النهضة التونسية أحكام الإعدام بأنه استهتار بالعدالة، ودعت للضغط على السلطات المصرية لإلغاء تلك الأحكام. ودعا تحالف دعم »الإخوان« أنصاره إلى التظاهر اليوم الأربعاء في المحافظات ضد أحكام الإعدام التي صدرت. وقال مرشد »الإخوان« محمد بديع «إن أحكام الإعدام الجماعية بحقه وأعضاء آخرين في الجماعة ستؤدي إلى إسقاط الحكومة. (القاهرة، واشنطن - وكالات) الاتحاد الاماراتية