اختتمت في 25 إبريل/نيسان الماضي فعاليات مهرجان أيام الشارقة التراثية الذي نظمته دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، تحت شعار "التراث الإسلامي خيمة واحدة" . ويعد المهرجان الثقافي التراثي في دورته ال 12 من أنجح المهرجانات التي شهدتها الدولة والمنطقة كونه ضم كماً هائلاً من النماذج التراثية التي اشتهرت بها الإمارات ومنطقة الخليج، وتزامن أيضاً مع احتفال الشارقة باعتبارها عاصمة الثقافة الاسلامية لعام 2014 . ويجمع من شارك في المهرجان أو من زاره بأنه كان بحق تظاهرة ثقافية أسهمت في التعريف بحضارة وتراث الشارقة خاصة والإمارات بصفة عامة، كما شكل جذباً سياحياً مهماً للدولة للتعرف إلى ثقافتها وتراثها الحضاري . وشارك في المهرجان عدد من المؤسسات المحلية بالدولة وعدد من الدول العربية والإسلامية، وقدر المشرفون على هذا المهرجان عدد من شارك فيه ومن زاره بأكثر من 300 ألف شخص . كان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة افتتح المهرجان واطلع على أبرز فعالياته والأجنحة التي تعبر عن موسوعة التراث الإماراتي حيث شهد سموه لدى افتتاحه المهرجان جانباً من الرقصات الشعبية مثل رقصة العيالة الأصيلة وعروض الفنون الشعبية والتقاليد التراثية وقوافل الجمال والخيول والاستعراضات التراثية الفنية واستعراضات العادات والتقاليد، وكذلك مجموعة من العروض لعدد من الفرق التراثية الفنية الوطنية المستضافة من دول وبلدان إسلامية كالمغرب وقيرغيزستان وإندونيسيا وتركيا وغيرها . وتعددت فعاليات المهرجان على مدى العشرين يوما التي استغرقها وكان من أبرزها، فيلم تسجيلي حول الحياة الاجتماعية والعلمية والثقافية والتنموية لإمارة الشارقة سلط الضوء على أهم المنجزات التي مكنت الإمارة من استحقاق لقب عاصمة الثقافة الإسلامية ،2014 كما ضمت فعاليات المهرجان الفنون الشعبية للدولة ومشاركة أغلب الفنون الإماراتية بمختلف بيئاتها، إضافة إلى لوحات من تراث الدول المشاركة . ووجد المتابع لمهرجان أيام الشارقة التراثية مشاركة فاعلة من قبل الفرق الشعبية من العالم الإسلامي، الأمر الذي عبر عن التمازج الحضاري لتلك البلدان وعكس حقيقة كون الإسلام لغة واحدة من خلال البعد الإنساني والديني الذي شكلته تلك الفرق من خلال ما قدمته . وتخللت الأيام طوال فترة المهرجان برامج فكرية متنوعة كالندوات والمقاهي الثقافية والأسواق الترفيهية وفعاليات أخرى مستحدثة كالخيم الإسلامية وقرية الطفل ومعارض صور فوتوغرافية ومجموعة من العروض الحية لحرفيين إسلاميين، إضافة إلى إقامة ندوة علمية وعرض لأزياء البلدان الإسلامية وفنون شعبية ومأكولات شعبية احتفاء باليوم التراثي العالمي . وإضافة إلى مدينة الشارقة انطلقت فعاليات المهرجان من دبا الحصن والمدام ومليحة وخورفكان والبطائح وكلباء والذيد، وشهدت جميعها فقرات ونماذج تراثية رائعة، وأقيم على هامش المهرجان أيضاً معرض الأزياء الإسلامية وهو الأول من نوعه في المنطقة بتنظيم من إدارة التراث التابعة لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة في إحدى قاعات المباني الجديدة لمؤسسة الشارقة للفنون بمنطقة قلب الشارقة . ويأتي المعرض جزءاً من مشروع متحف التراث الإسلامي الذي سيتم افتتاحه في نوفمبر المقبل، حيث كان صاحب السمو حاكم الشارقة قد وجه بتأسيسه ضمن مشروعات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية ليكون مرجعاً إنثولوجيا للثقافة الشعبية للعالم الإسلامي . وضم المعرض خريطة قديمة لإمارة الشارقة تبين ملامح الحياة القديمة للإمارة وما تميزت به من عناصر عمرانية تنوعت بين أسوار وحصون وقلاع وبيوت من الجص والحجارة تؤكد عراقة العمارة في الشارقة وأصالتها . وتوزعت أقسام المعرض على ستة أقاليم، ضمت مجموعات متنوعة من الأزياء والزينة والمقتنيات الشخصية والمنزلية التي تمثل تراث المجتمع الإسلامي من شتى أنحاء العالم وضم قطعاً رائعة تعدت الخمسين قطعة اقتناها فريق العمل في إدارة التراث وتمثل ثماني عشرة دولة من الأقاليم الإسلامية الرئيسية وهي بلدان شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وشمال افريقيا وشرق إفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا . وشارك المجلس الوطني للإعلام بجناح تراثي يضم معرضاً لصور تراثية لإمارة الشارقة وللهندسة المعمارية الإسلامية . وضمن فعاليات البرنامج الثقافي الذي أقيم بالتزامن مع أيام الشارقة التراثية خصص مقهى الدريشة الثقافي جلسة لإبراهيم العابد مدير عام المجلس الوطني للإعلام للحديث عن مسيرة الإعلام في الإمارات . ومن فعاليات المهرجان أيضاً الأمسيات التراثية التي أقيمت خلاله وتركزت حول الحياة الثقافية بالشارقة قبل نصف قرن وصناعة السيوف والخناجر . وصاحب مهرجان أيام الشارقة التراثي إصدار أكثر من 20 عدداً من مجلة "التراثية"، أصدرتها إدارة التراث بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، حيث غطت هذه الاعداد فعاليات المهرجان بكاملها وتحدثت بإسهاب عن أهميته في إبراز الموقع التراثي لإمارة الشارقة وارتباطها بالتراث على مدى العصور . وقال عبدالعزيز المسلم مدير التراث والشؤون الثقافية في افتتاحية مجلة التراثية في عددها الأول: "إن أيام الشارقة التراثية ليست أياماً كبقية الأيام بل هي مدرسة للتراث تسرد حكايات الماضي الجميل وتثير الحواس الخمس لتقدم تجربة فريدة لمن أراد أن يلامس الأمس باليوم ولمن أراد أن يتزود للمستقبل ليبقى واقفاً على أرض صلبة" . ويضيف أن "التراث الإسلامي خيمة واحدة" شعار جديد أطلقته أيام الشارقة التراثية في عامها الثاني عشر مع تتويج الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية مناسبة خاصة وعام خاص تستعرض فيه الشارقة إمكاناتها من جديد حاضنة للثقافة بآفاق أرحب وألوان أزهى وإمكانات ليست جديدة على النهج الشارقي لأن مسيرة الشارقة مع الثقافة والتراث الإسلامية قديمة تعود إلى بدايات نهضتها الحديثة بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس حاكم الشارقة الذي اختط للشارقة واجهة معمارية إسلامية تجلت في مبانيها الحكومية ومساجدها ومراكزها الثقافية كما انتهج نهج الثقافة بمحتوى عربي وقاعدة إسلامية . وشدد على أن الشارقة وهي تاج عاصمة الثقافة الإسلامية استقطبت نماذج من التراث الشعبي الإسلامي بفنونه وأزيائه وأطباقه وحرفه اليدوية الدقيقة لتقدم أنموذجاً فريداً لثقافات وتراث الشعوب الإسلامية . وضمت أعداد المجلة التراثية التي صدرت خلال أيام المهرجان عناوين بارزة ومقالات لكتّاب عدة متخصصين في مجال التراث . وأقيمت خلال فترة انعقاد المهرجان فعاليات تراثية متعددة كان أبرزها القرية الإماراتية حيث عبرت القرية عن الأصالة التقليدية والإسلامية، وضمت البيئات المتوافرة في الإمارات كالبيئة الجبلية والبيئة الزراعية والبيئة البدوية، واحتوت على نماذج من الخيام الإماراتية . وشهد مقهى الدريشة الثقافي الذي أقيم ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية محاضرات وأمسيات تراثية سلطت الضوء على نماذج تراثية عدة اشتهرت بها الشارقة والمنطقة، وتعددت هذه النماذج فمنها ما كان حول جماليات الخط العربي وأهمية توثيق الحكايات الشعبية ومنها ما كان حول المجالس والمقاهي الثقافية في الإمارات والتي أسهمت بشكل واضح في تنشيط وتنمية الحراك الثقافي والمعرفي بشكل عام . وتعددت الندوات والمحاضرت في فعالية مهمة من فعاليات أيام الشارقة التراثية وهي خيمة البرنامج الفكري . (وام) الخليج الامارتية