دبي - محمد أبو عرب: اجتمعت مساء أمس الأول في مؤسسة العويس الثقافية في دبي، أعمال ثمانية فنانين عراقيين ينتمون لأجيال ومدارس مختلفة، عرضوا آخر نتاجهم الفني تحت عنوان "تراتيل بابلية"، مقدمين معالجات جمالية لواقع العراق عبر استحضار الحكايات الشعبية ورموز وآثار الحضارة البابلية في بلاد ما بين النهرين . وافتتح المعرض محمد عبد الله المطوع الأمين العام للمؤسسة، بحضور عبد الغفار حسين عضو مجلس الأمناء، والسفير العراقي في الإمارات موفق عبود، وشارك فيه: فاخر محمد، وعاصم عبد الأمير، وأحمد البحراني، ومحمد فهمي، ومحمود شبر، ومؤيد محسن، ومحمود عبود، وعلي شاكر . مثلت تجارب الفنانين المشاركين، صورة حية لمتغيرات حركة التشكيل المعاصر في العراق، حيث تنوعت الأعمال في المدارس والخامات، فاشتمل المعرض على أعمال تجريدية، وتعبيرية، وواقعية سحرية، إضافة إلى المنحوتات، إلا أن موضوع المعرض بصورة عامة ظل يدور في فلك تقديم الهم العراق، وما أحدثته الحروب، من دمار سواءً على صعيد الآثار التي يعود عمرها إلى آلاف السنين، أم على الصعيد الإنساني وما أحدثته الحرب في الشعب العراقي . اشتمل المعرض على أكثر من خمسين عملاً فنياً، وتفاوتت الأعمال بين فنان وآخر، فقدم الفنان فاخر محمد مجموعة مختارة من أعماله استند فيها إلى طاقة اللون، ودلالاته البصرية، فأبدع لوحات غنية تنكشف فيها تكوينات من البيئة العراقية، كالنخيل والبيوت المتجاورة، والزقاق، والبلح، وغيرها من التكوينات التي تعيد إنتاج المرئيات العراقية في سياق جمالي لافت . واستند الفنان عاصم عبد الأمير إلى العفوية الطفولية في أعماله، فاشتغل على الخطوط الحرة، والمساحات اللونية المدروسة، فظهرت تكوينات الأطفال وألعابهم الشعبية الريفية، ليعيد المتلقي إلى البراءة في المجتمع العراقي، وما بات يقابلها بعد الحرب والقتل والدمار، فاكتسب العمل دلالات عديدة اشترك في تقديمها اللون . وانفرد الفنان أحمد البحراني بأعمال نحتية، حيث الحوار بين اللوحة المسندية والمنحوتة، واشتغل على فكرة الحرب والسلم، معمقاً دلالة الفن بما يشير إليه من جمالية وإنسانية، مقابل الحرب وما تفضي إليه من قتل ودمار، فقدم منحوتة، لأم كلثوم، ولمانديلا، وغاندي، محملاً كلاً منهم قطعة سلاح، ليشكل بذلك علاقة مستفزة تجمع نقيضين، في عمل جمالي واحد، وتجعل المتلقي رافضاً أكثر لفكرة القتل، إذ بدت قطعة السلاح مستفزة بأيدي تلك الشخصيات الداعية للسلام والحرية . وبدا الفنان محمد فهمي ماضياً في مشروعه الفني، من خلال الأعمال التي شارك بها، إذ قدم لوحات تشكل امتداداً لتجربته مع اللون، وعلاقة لوحته بالحرف العربي، حيث مجموعة من اللوحات المستندة المعتمدة على خصوبة اللون، ومدلولية الرمز فيها، طارحاً قضايا المثقف العربي، وإشكاليات الحكم والسلطة، وفكرة التقدم في العمر . أما الفنان محمود شبر فوظف الخيل وقبعات رعاة البقر، للإشارة إلى الغزو الأمريكي للعراق، وبدا جهده واضحاً في تكوين علاقة ملتبسة بين الخط واللون في عمله، فظهرت في أعماله تكرارات عديدة شكلها امتزاج الخط مع اللون، فاتحاً بذلك فضاءات جديدة لعمله ومشبعاً الفراغ برموز وإشارات جعلت من العمل مساحة خصبة للتأويل . وجاءت أعمال الفنان مؤيد محسن، بمعالجات مباشرة لقضية الغزو الأمريكي، وفكرة الحرب، وأثره في الحضارة العراقية، فحضرت في أعماله صورة الرئيس الأمريكي، وتمثال الحرية، مقابل تماثيل آشور، والمنحوتات البابلية، موظفاً تقنيات الطباعة على الكانافاس، ومشتغلاً عليها بالزيت ليمنحها بعداً حياً . وواصل الفنان محمود عبود تجربته في أعمال الواقعية السحرية، التي يستحضر فيها حكايات المرأة في الموروث الشعبي العراقي، فيقدم قصة الفتاة التي عشقت ضابطاً بريطانياً، وتزوجته، معيداً إنتاج المرويات الشعبية بروى بصرية فاتنة، حيث تظهر جماليات اشتغاله على اللون من خلال صورة المدينةالعراقية والنساء العراقيات، مقدماً المدينة بوصفها أنثى، والأنثى بوصفها مدينة . ويظهر التجريد المحض في أعمال الفنان علي شاكر، إذ يزداد الفارق بين درجات اللونين الفاتح والغامق في فضاء العمل، وتظهر المساحات اللونية قابلة للتأويل والتبديل وفق رؤية المتلقي، فوظف جماليات العلاقات اللونية المتجانسة والمتنافرة في أعماله لينتج فضاءات بصرية يحمل اللون فيها مهمة التعبير عن العمل . الخليج الامارتية