حوار: أشجان محمود هي طبيبة برتبة فنانة، تحمل في قلبها فيضاً من المشاعر الإنسانية التي لا تكتفي بأن تغمر بها مرضاها لكنها تخرجها في لوحاتها الفنية التي ترسمها بأصابعها الذهبية . د . خلود الصايغ إخصائية طب الأسرة بعيادة البرشاء في دبي وكلما اقتربت من مرضاها رقّ قلبها وتحركت أناملها لترسم أبدع اللوحات الفنية . بدأت موهبتها منذ كانت في مرحلة الروضة واستطاعت تنميتها، لكنها تنازلت عن رغبتها في دراسة الفنون الجميلة من أجل تحقيق أمنية والدها، والتحقت بدراسة الطب، ولم يمنعها عملها بعد ذلك عن الاستمرار في رسم لوحاتها والمشاركة بها في المعارض الفنية . * كيف كانت نقطة التلاقي بين الطب والفن؟ - موهبتي الفنية تكونت عندي منذ الصغر وتعمقت داخلي أكثر بعد التحاقي بالطب، فتقربي من المرضى والتعرف إلى مشكلاتهم جعلني أقيم معهم علاقات إنسانية، وساعد ذلك انتقالي من طب الباطنية إلى طب الأسرة، وهذا التخصص شامل يركز على فن التعامل مع المرضى، مما زاد من تقربي منهم وتعلقي بهم، فأصبحت أخرج أحاسيسي في لوحاتي، وأتذكر جيداً أستاذ التشريح في الجامعة عندما كان يخبرني بأنني أقوم بتشريح الجثة بيد فنانة موهوبة . * متى بدأت موهبتك الفنية تتشكل؟ - عندما كنت في مرحلة الروضة لاحظتها معلمة التربية الفنية، ووقتها تمكنت من صنع وعاء من الطين قمت بتلوينه وكتبت عليه اسمي وصفي، فانتبهت المعلمة وأخبرت والدي بأنني موهوبة ومن الضروري رعاية موهبتي، وخلال هذه المرحلة الصغيرة من عمري كنت أستخدم الألوان الطبشورية والباستيل والخشبية، وعندما وصلت للمرحلة الثانوية كنت وقتها في مدرسة الاتحاد الخاصة في دبي، وزار المدرسة معلم تربية فنية ألماني وشاهد اللوحات التي رسمتها وقدم دعوة بالسماح للموهوبين بزيارة ألمانيا، وبالفعل تم اختياري مع بعض زملائي وسافرنا واطلعنا هناك على أعمال بعض الفنانين الألمان وتعرفنا إلى طريقتهم في الرسم، وشاركناهم في بعض اللوحات، ووصل عدد اللوحات التي رسمتها عندما اختتمت المرحلة الثانوية إلى 52 لوحة فنية مختلفة الأحجام، منها لوحات في حجم ورقة A4 . * وكيف تختارين موضوعات لوحاتك الفنية؟ - في البداية كانت تلفت نظري أشياء بسيطة مثل سلالم قديمة أو أخرى متحركة أو عمال يبنون وكنت أقوم بتصوير كل هذه الأشياء ثم أقصها إلى أوراق صغيرة وأركبها على بعض فتظهر لوحة فنية جميلة أقوم برسمها بعد ذلك، وكان فضولي يجعلني أرسم في أي مكان وعلى أي شيء، وأتذكر أنني كنت أنزل أسفل سيارة والدي وأرسم على المحرك، وكان يجذبني وقتها الرسم على الحديد والنحاس، وفي إحدى المرات ذهبت إلى سوق الشارقة وصورت الباعة وعندما عدت إلى البيت بدأت برسم الصور التي التقطها، وبالفعل كانت اللوحات الفنية في غاية الروعة، وقاموا في المدرسة بإرسالها إلى جامعة كمبريدج البريطانية، وبالفعل لأن دراستي الثانوية كانت تتبع الشهادة الإنجليزية، حصلت على في الفن، ووقتها كنت أتوق لدراسة الفنون الجميلة . * ولماذا لم تصري على الالتحاق بكلية فنية؟ - والدي كان يحلم بأن أعمل طبيبة، ولم أرد هدم حلمه، وكان يرى أن عملي كطبيبة لن يمنعني من ممارسة موهبتي، وبالفعل حصلت على مجموع كبير في الثانوية الإنجليزية والتحقت بالكلية الملكية للجراحين بأيرلندا، وسنحت لي فرصة السفر وحدي والغربة والابتعاد عن الأهل والوطن الاستفادة من وقت فراغي في تنمية موهبتي، فكنت أرسم في الشوارع والحدائق وأي مكان أتواجد فيه . * وهل كنت تركزين على شيء واحد في الرسم مثل الوجوه أو الطبيعة؟ - مطلقاً لم أتقيد في الرسم بموضوع واحد، رسمت حيوانات مثل الدب والقرود والنمور في لوحات منفصلة ثم جمعتها في لوحة واحدة، وأحياناً كنت أرسم الطبيعة أو وجوه البشر . * وهل لاحظت وجود تطور في موهبتك على مر السنوات؟ - الإنترنت أصبح خير معلم، استطعت من خلاله تطوير أسلوبي، فكنت أشاهد الفنانين على اليوتيوب واستخدامهم للفرشاة والألوان وأتعلم منهم، وحضرت دورات عدة أقيمت إحداها في مول الإمارات وتدربت وقتها على يد أحد المعلمين الذي نصحني باستخدام الألوان الزيتية بجرأة، وبعدم الخوف من استخدام الألوان، وجعلني ذلك أكثر ثقة بالفرشاة بعدما أصبحت استخدم الألوان بكثافة وعلى استحياء، وأفادتني الدورات كثيراً فاستطاعت نقلني من مبتدئة إلى متمرسة، فاستطعت تقليد لوحات الفنانين الكبار، وبعدها أصبحت أرسم لوحاتي الخاصة بي، فكنت أنقل كل ما يجيء في ذهني من مناظر طبيعية وبورتريهات وأشخاص . * وكيف يرى زملاؤك الأطباء موهبتك الفنية؟ - زملائي مبهورون بموهبتي الفنية ويتعجبون من كيفية توفير الوقت للرسم، وأشارك بهذه الموهبة في بعض الحملات التوعوية، فرسمت على جدار عيادة الرفاعة عن أضرار التدخين ومساوئه، وشاركت في معرض فني في "مول الإمارات" بلوحات عدة متنوعة منها لوحة "فينسيا"، وحديقة "براك" في التشيك، ورقصة التانغو، وحالياً أخطط لإنشاء صفحة فنية على الإنترنت . * وكيف استطعت التوفيق بين موهبتك وعملك وأسرتك؟ - عملي في طب الأسرة جعلني أجد وقتاً كافياً لممارسة موهبتي، فعدد ساعات العمل في هذا التخصص محدود، ولكنني حالياً أصبحت أماً لابنين، وهو ما جعل لدي صعوبة في رسم اللوحات بشكل سريع مثلما كنت أفعل من قبل، وأحاول التغلب على ذلك بجعلهما يرسمان معي، فاشتريت لهما لوحات صغيرة، وأعلمهما الرسم بالألوان الطبشورية، كما أمتنع أثناء وجودهما معي في المرسم عن استخدام الألوان الزيتية بسبب رائحتها النفاذة، وخوفاً من أن تسبب لهما أي أضرار . الخليج الامارتية