اتجهت الحكومة العراقية أمس نحو شرعنة الميليشيات التي تتشكل من المتطوعين عبر تخصيص مبالغ مالية لهم تتراوح بين 644 و450 دولاراً، ما يعني أيضاً أن قتال الميليشيات الخارجة عن القانون إلى جانب الحكومة، مثل عصائب أهل الحق، سيصبح قانونياً، في ظل تواصل عمليات التطوع الكثيفة في مراكز التجنيد. ويبدو أن رئيس الوزراء نوري المالكي يقطع الطريق على الدعوات لتنحيه من أجل حل الأزمة عبر هذه الإجراءات التي تدفع إلى عسكرة المجتمع، وأمر أيضاً بالتحاق الضباط القدامى بصفوف الجيش، في وقت تبدو سيطرة المجموعات المسلحة التي يقودها فعلياً تنظيم «دولة العراق والشام داعش» على المدن التي انسحب منها الجيش العراقي، هشّة حتى الآن، حيث فتحت القوات العراقية جبهة كبيرة ضد «داعش» في قضاء تلعفر بعد يومين من إعلان المسلحين سيطرتهم عليها ونزوح غالبية السكان، كما تمكن الجيش العراقي من استعادة السيطرة على مصفاة بيجي بعد قتال شرس. وقال التلفزيون الحكومي العراقي إن رئيس الوزراء نوري المالكي أعلن أن المتطوعين الذين يقاتلون في «المناطق الساخنة» إلى جانب قوات الأمن سيحصلون على 750 ألف دينار (644 دولاراً) شهرياً. وأضاف البيان أن المتطوعين غير المقاتلين سيحصلون على 500 ألف دينار (450 دولاراً). وسيحصل جميع المتطوعين على بدل للوجبات قدره 120 ألف دينار (107 دولارات) شهرياً. توافد المتطوعين وتوافد مئات من المتطوعين على مراكز التجنيد أمس للمشاركة في القتال ضد المتشددين المسلحين. وحسبما تشير الإحصاءات الرسمية تطوع أكثر من مليوني عراقي خلال أسبوع. وقال متطوع يدعى ستار جبار قبل الصعود في حافلة صغيرة إلى مركز تدريب عسكري انه حضر في استجابة لدعوة أعلى سلطة دينية ممثلة في السيد علي السيستاني لمحاربة التكفيريين والمتشددين. وقال متطوع يدعى محمد حسن إنه تطوع للانضمام إلى الجيش العراقي لسحق رؤوس «داعش»، في اشارة الى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. ونقل المتطوعون إلى بغداد من كل أنحاء العراق لحضور دورة تدريبية لمدة أسبوع واحد قبل إرسالهم إلى المدن التي يسيطر عليها المسلحون. الضباط القدامى كما أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي نقل الضباط المحالين الى دائرة المحاربين الى الوحدات العسكرية. وأوضح بيان صادر عن المالكي قوله: «ينقل الضباط من رتبة عميد فما دون، من امرة مديرية المحاربين، الى الوحدات بحسب صنوفهم واختصاصاتهم، على ان يتم تقييم ادائهم لمدة ثلاثة اشهر من قبل آمريهم». وتضم مديرية المحاربين الضباط القدامى الذين لا يتولون مهام قتالية في الجيش. قوات «الدلتا» إلى ذلك، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب، عن انتشار قوات «الدلتا العراقية» في العاصمة بغداد بعد إكمالها تدريبات خارج البلاد على حرب الشوارع، وبيّنت أن هذه القوات التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب بدأت بإمساك الأرض، وإنشاء نقاط تفتيش في مناطق متعددة من العاصمة، وأن هناك «قوات محمولة جواً، وأفواجاً تابعة للجهاز، مدربة تدريباً جيداً، في طريقها للعودة إلى العراق للزج بها في المعارك». وقال الناطق الإعلامي باسم جهاز مكافحة الإرهاب سمير الشويلي، في تصريح لعدد من وسائل الإعلام إن «هناك أفواجاً جديدة في طريقها للعودة إلى العراق سيزج بها في المعارك، وهي مدربة تدريباً جيداً، فضلا عن مظليين تابعين لجهاز مكافحة الإرهاب سيكملون دورتهم قريباً». معارك تلعفر ميدانياً، تواصلت المعارك لليوم الثالث على التوالي في قضاء تلعفر الاستراتيجي (380 كيلومتراً شمال بغداد). وقال قائمقام قضاء تلعفر عبد العال عباس الواقع في محافظة نينوى في تصريح لوكالة «فرانس برس» ان «القوات العراقية تواصل عملياتها ضد المسلحين وقد تلقت تعزيزات جديدة لمواصلة القتال». واكد شهود عيان من اهالي القضاء ل«فرانس برس» ان معارك متواصلة تدور بين القوات العراقية والمسلحين الذين ينتمون الى تنظيم «دولة العراق والشام» وتنظيمات متطرفة اخرى. ويقع تلعفر وهو اكبر قضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 الف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة. مصفاة بيجي من جهة اخرى، اعلنت السلطات في بغداد ان القوات العراقية تفرض سيطرتها الكاملة على مصفاة بيجي بعد تعرضها لهجمات مسلحين خلال اليومين الماضيين. وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي ان القوات الحكومية تفرض سيطرتها الكاملة على المصفاة الأكبر في البلاد والواقعة على بعد 200 كيلومتر شمال بغداد. وذكر موظف في الشركة لوكالة «فرانس برس» أن مسلحين هاجموا المصفاة على مدى اليومين الماضيين انسحبوا من مواقعهم اليوم تحت «ضربات جوية» وبعدما تصدت القوات العراقية لهجماتهم. بدوره، اكد مصدر من داخل المصفاة ان «القوات العراقية متواجدة داخل المصفاة وتفرض سيطرتها على المصفى بشكل كامل». قتلى البشمركة في غضون ذلك، قتل أربعة وأصيب سبعة من عناصر القوات الكردية البشمركة خلال الساعات الماضية في كركوك . وقال مصدر امني ل«فرانس برس» ان «اربعة من عناصر البشمركة بينهم ضابط برتبة رائد قتلوا خلال اشتباكات مع مسلحين على طريق رئيسي جنوب مدينة كركوك» (240 كيلومتراً شمال بغداد). وأضاف: «أصيب سبعة من البشمركة بانفجار عبوة ناسفة استهدف دوريتهم على طريق رئيسي الى الغرب من كركوك». تعزيزات نشرت قوات شرطة الطوارئ العراقية في أرجاء مدينة كركوك الغنية بالنفط التي يقطنها خليط قومي، وأقامت نقاط تفتيش تفحص السيارات. وتقوم وحدات الشرطة بدوريات في المدينة كإجراء احترازي يهدف إلى منع تدهور الوضع الأمني مع استمرار القتال بين قوات الجيش العراقي ومقاتلي جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام. وقال قادر احد سكان كركوك: القوات الأمنية والبشمركة الحمد لله جيد جداً ومسيطرين على كركوك. وتتعاون قوات الأمن في كركوك مع القوات الكردية لحفظ الأمن في المدينة التي يطلق عليها وصف حلم كردستان الكبرى. رويترز البيان الاماراتية