محمد وردي (دبي) أطلقت دار "كُتّاب" للنشر والتوزيع رواية "قميص يوسف"، أولى بواكير الكاتب سلطان فيصل الأدبية، خلال احتفال جرى مساء أمس الأول في "كُتّاب كافيه" في المردف "أبتاون مول" بدبي. وشارك بالاحتفال لفيف من الكتاب والإعلاميين والمهتمين بالفن الروائي، يتقدمهم جمال الشحي أمين عام "جائزة الإمارات للرواية"، وماجد بوشليبي أمين عام المنتدى الإسلامي، والروائيون سلطان العميمي ومحمد الخميس وشاكر نوري، والدكتور سليمان الهتلان وآخرين. قدم الشحي للرواية معتبراً إياها تجربة مميزة سواء بلغتها الناضجة وأسلوبها السردي، أو بموضوعها ومقارباتها الفكرية أو الثقافية عموماً. ملاحظاً أن الكاتب أنجز الرواية خلال أحد عشر شهراً، وهي فترة قصيرة نسبياً، خصوصا أنها تجربته الأولى في الكتابة الروائية الطويلة. ودعا الشحي لقراءة "قميص يوسف"، التي تحاكي بدلالاتها إشكالية الحقيقة وتمظهراتها المتعددة، وفق الرؤى المختلفة، باختلاف الثقافة الذاتية للأفراد والحيثيات، التي نتعامل مها، وحض "أهل الرواية" والنقاد على العناية بها، لأنها تجمع كل المواصفات الفنية على مستوى الإمتاع والتشويق والمضمون وشكل الحكاية، الذي يجمع بين الواقع والخيال بفانتازية مدهشة. تاركاً للكاتب تقديم نفسه وروايته للحضور. وقال الكاتب سلطان فيصل إنه عندما شرع بالكتابة كان يظن أنه يكتب رواية رومانسية حالمة، مطرزة بروح الشعر والعواطف الجياشة، ولكن الشخصيات فرضت حضورها على السرد، رغم المساءلات والحوارات العديدة التي كان يُجريها معها، إلا أنها أنتهت بالمكاشفة وتعرية الذات الفردية أو الاجتماعية، ومواجهتها بالتباساتها وإشكالياتها المعقدة حيال الأمور أو القضايا المشتركة مع الآخرين، التي لا غنى عنها بكل الأحوال أو الظروف. لذلك تبدو الرواية على السطح وكأنها اتكأت في بعض مفاصلها على ما يمكن أن نسميه الواقع المجرد. ويوضح الكاتب أن الرواية حاولت أن تقوم في إطار التوليفة الروائية الفنية بمساءلات ذاتية، تدور حول تدريب الذات على تجسيد فكرة أن للحقيقة أكثر من وجه في الممارسة الفردية الفعلية، لجهة القبول بالآخر بتمايزه أو اختلافه كما هو من دون قسر أو إكراه. ذلك لأن الجميع يدركون هذه الحقيقة، ولكنهم في الغالب لا يمارسونها، لا بل تطغى على تصرفاتهم روح الإقصاء والتهميش في الحد الأدنى، وربما يتجاوز البعض ذلك إلى حدود الإحتراب والتدمير والخراب على كل المستويات، بشكل يتنافى مع القيم الإنسانية المعاصرة ببعديها الديني والأخلاقي. ويرى الكاتب أن "قميص يوسف" هي محاولة لتقديم مفاتيح للمصالحة الذاتية بالدرجة الأولى، ومن ثم المصالحة مع الآخر القريب أو البعيد، لأنه من دون هذه المصالحة لا يمكن عبور جسر المتاعب إلى جنة السعادة، التي يبحث عنها الجميع باستماتة، وربما لا يصل إليها إلا قلة من الناس. متسائلا عما إذا كان هناك ما يستحق مثلاً للانفصال عن الزوجة مهما تعددت أو تنوعت الأسباب؟ وكذلك الحال بالنسبة إلى مبررات القطيعة مع أي شخص أو أي جماعة تحت أي ظرف؟ فالحياة تتسع للجميع، وفيها من السعادة ما يكفي الجميع، وما علينا إلا إدارك أسرارها والقبض على مفاتيحها. تبع ذلك حوار مفتوح بين الكاتب والحضور، فتنوعت الأسئلة وتعددت حول بنية الرواية وشكلها وشخصياتها وزمنها ومكانها ولغة السرد والأسلوب والحبكة الأدبية أو الثيمة الرواية الروائية. وتساءل الأديب ماجد بوشليبي عن مبررات الكاتب في الكتابة عن تجارب إنسانية لم يعشها أو يختبرها بنفسه، مثل الكتابة عن السجون، (كما هو شأن رواية "قميص يوسف"، أو الحروب، كماهي رواية "الجميع لا يحظة بنهاية سعيدة" للكاتب محمد خميس)، ومدى صدق التجربة سواء كانت واقعية أو متخيلة أو تجمع بين الإثنين، ملاحظاً أن رواية "ساق البامبو" للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، التي تناولت موضوعة المواطنين من أمهات غير مواطنات، رغم أنه سافر إلى الفلبين وعايش التجربة بذاته، فإن الرواية عندما نُشرت لم تقنع المتلقي بأنها ليست سيرة ذاتية له شخصياً، ما اضطره أن يأتي بأمه إلى أبوظبي ليقنع المتلقي بأن أمه كويتية وليست فلبينية. الاتحاد الاماراتية