عبدالفتاح لا زال يقود جنوبيي الإشتراكي من قبره    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    السعوديون يستعيدون نداء "خلجت أم اللاش" مع تصاعد التوترات الإيرانية في الحج ..فهل يعاد النداء يوم عرفه؟!    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    تسوية نزاع مالي بقيمة 120 مليون ريال تؤدي إلى إطلاق سراح شاب مخطوف في أبين    الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن: أي عملية سلام يجب أن تستند على المرجعيات الثلاث    "تعز في عين العاصفة : تحذيرات من انهيار وسيطرة حوثية وسط الاسترخاء العيدي"    1. ثورة شعبية تهز البيضاء: أهالي حارة الحفرة ينتفضون ضد مليشيا الحوثي ويطردون مشرفيها    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    لماذا فك الحوثي الحصار عن تعز جزئيا؟!    وزير الخارجية الدكتور الزنداني يعلق على المنحة السعودية الجديدة لليمن    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفا و266 منذ 7 أكتوبر    محافظ تعز يؤكد على ضرورة فتح طرقات مستدامة ومنظمة تشرف عليها الأمم المتحدة    الرئيس العليمي يشيد بمواقف قيادة المملكة من أجل تخفيف معاناة الشعب اليمني    اختتام دورة تقيم الاداء الوظيفي لمدراء الادارات ورؤساء الاقسام في «كاك بنك»    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    ضيوف الرحمن على صعيد منى لقضاء يوم التروية    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مقتل وإصابة 13 شخصا إثر انفجار قنبلة ألقاها مسلح على حافلة ركاب في هيجة العبد بلحج    يعني إيه طائفية في المقاومة؟    إرم نيوز: "انهيار تاريخي" للريال.. يخطف فرحة العيد من اليمنيين    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    عودة 62 صيادًا يمنيًا من السجون الأرتيرية بعد مصادرة قواربهم    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    فضيحة دولية: آثار يمنية تباع في مزاد علني بلندن دون رقيب أو حسيب!    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    رحلة الحج القلبية    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصاد 2012..دماء وصراع طافي على السطح وتحته.. وآمال تتشبث بعام جديد
نشر في الجنوب ميديا يوم 01 - 01 - 2013

يدخل اليمنيون العام الجديد 2013 إثر مراحل عاصفة وعصيبة عاشتها البلد على مر عامين غير أنهم لا يزالون محملين بأعباء قد تكون قاصمة وقد يتجاوزونها في حال سارت الأوضاع كما يخطط لها من خلال الحوار الوطني الذي سيعقد في النصف الأول من العام 2013.
يمكن القول إن نهاية العام 2012 بالنسبة لليمنيين كانت مقبولة إلى حد ما رغم أن الدماء لا تزال تسيل حتى اليوم، غير أن قرارات وصفت بالجريئة اصدرها الرئيس هادي على الصعيد العسكري والأمني قضت بإقالة رموز عسكرية كانت ضمن الأسباب الرئيسة في التوترات والصراع الدامي.
واجهت اليمن ولا تزال مخاطر عدة ليس اخطرها الجانب الأمني والانفلات المخيف للأمن داخل المدن الرئيسة بالمقارنة مع مخاطر تشتت البلد وتهدد بانفصالها بالإضافة إلى المخاطر الاقتصادية التي يعاني منها المواطن العادي والمخاطر السياسية، كون الوضع ليس مستقراً ولا يمكن لأحد القول إن التسوية نجحت لاسيما في ظل عجز الحكومة الجديدة عن التأقلم والعمل بروح الفريق الواحد.
بعد أن شهد عام 2011 أزمة طاحنة انتهت بالاحتكام للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، جاء عام 2012 ليطوي صفحة 33 عاماً من حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قاوم حتى اللحظات الأخيرة كل الضغوط بغية إكمال ولايته الرئاسية التي كان يفترض أن تنتهي في سبتمبر/أيلول من عام 2013.
ويوم 21 فبرايرالماضي أصبح عبدربه منصور هادي رئيساً جديداً للبلاد لمرحلة انتقالية، مدتها عامان بعد أن خاض انتخابات رئاسية منفرداً، وحصل فيها على أصوات ستة ملايين يمني باعتباره مرشح التوافق الوطني.
واجه هادي في أيامه الأولى الكثير من الانتقادات، وظل البعض يشكك في قدرته على اتخاذ خطوات جادة وقرارات جريئة بالنظر إلى كونه شغل منصب نائب رئيس الجمهورية منذ 1994 وبصلاحيات محدودة وحضور سياسي غير ملحوظ.
قرارات هادي دفعته الى الواجهة
كان يوم السابع من أبريل الماضي بداية التحول التدريجي والجذري حين أصدر الرئيس الجديد روزنامة من القرارات الهامة التي تضمن أبرزها إقصاء الأخ غير الشقيق لصالح، اللواء محمد صالح الأحمر من قيادة القوات الجوية، والأخ غير الشقيق الآخر اللواء علي صالح الأحمر من منصب مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة وعزل ابن شقيق الرئيس السابق العميد طارق محمد عبدالله صالح من قيادة الحرس الخاص وكذا النجل الثاني لصالح العقيد خالد علي عبدالله صالح من قيادة اللواء الثالث مشاة جبلي التابع للحرس الجمهوري، إضافة إلى عزل جنرال بارز من الموالين للرئيس السابق وهو قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء مهدي مقولة.
ومع أن قرارات هادي واجهت تمرداً لبعض الوقت من قبل ابن شقيق صالح وأخيه غير الشقيق إلا أن الضغوط التي مارسها رعاة المبادرة الخليجية والتلويح بعقوبات من مجلس الأمن أفضت إلى الانصياع لها في نهاية المطاف.
وتوالت عملية تفكيك أوصال نظام صالح والإطاحة بأقاربه حين أصدر الرئيس هادي مجدداً روزنامة أخرى من القرارات الهامة يوم 21 مايو الماضي تم بموجبها عزل ابن شقيق صالح العميد عمار محمد عبدالله صالح من منصب وكيل جهاز الأمن القومي "المخابرات" وإقالة زوج ابنة شقيق صالح اللواء محمد عبدالله القوسي من قيادة قوات النجدة، وتعيين اللواء فضل القوسي قائداً لقوات الأمن المركزي التي كان يرأسها "صُورياً" اللواء الركن عبدالملك الطيب وفعلياً ابن شقيق الرئيس السابق العميد يحيى محمد عبدالله صالح.
كما تمت الإطاحة بأقارب آخرين كانوا يسيطرون على مؤسسات ايرادية هامة مثل شركة التبغ والكبريت التي كان يرأسها ابن شقيقه توفيق صالح عبدالله صالح والمؤسسة الاقتصادية اليمنية التي كان يرأس مجلس إدارتها حافظ معياد وهو زوج ابنة شقيق صالح.
ويوم 11سبتمبر الماضي أصدر الرئيس الانتقالي مجموعة من القرارات الهامة التي أزاحت عدداً آخر من رجالات عهد صالح، حيث جرى إقالة اللواء علي الآنسي من رئاسة جهاز الأمن القومي "المخابرات"، ومن منصب مدير مكتب رئاسة الجمهورية، والعميد مجاهد غشيم من منصب مدير الاستخبارات العسكرية والدكتور عبدالهادي الهمداني من منصب أمين عام رئاسة الجمهورية.
وشهد يوم 19 ديسمبر الجاري إزاحة نجل صالح العميد أحمد علي عبدالله صالح من قيادة القوات الخاصة، وإقالة ابن عمه العميد يحيى محمد عبدالله صالح من رئاسة أركان الأمن المركزي، فضلاً عن إصدار هادي لقرار إعادة هيكلة القوات المسلحة المتضمن خطوات متدرجة من بينها إلغاء قوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجل صالح وكذا الفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء علي محسن صالح الأحمر وتذويبهما في تشكيلات القوات البرية، الأمر الذي يعني إزاحة مرتقبة للقائدين العسكريين البارزين.
وفي قراءة لكل هذه الأحداث، قال المحلل السياسي ياسين التميمي ل"العربية.نت" إنه: بالرغم من الإقالات والتعيينات الكثيرة التي طالت المؤسستين العسكرية والأمنية إلا أن الكثيرين كانوا يترقبون إقالة نجل الرئيس المخلوع وابن شقيقه اللذين كانا يتحكمان بنصف القوات العسكرية الميدانية ومعظم القوات الأمنية المسلحة والمدربة تدريباً جيداً وهو ما تحقق عبر قرارات 19 ديسمبر.
وهناك بعض الأحداث الرئيسة التي شهدتها اليمن خلال العام 2012 نلخص بعضها هنا حسب التاريخ:
9يناير مسيرات نحو البرلمان اليمني في صنعاء احتجاجاً على منح الحصانة القضائية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
22 يناير البرلمان اليمني يمنح الحصانة للرئيس السابق علي عبد الله صالح من الملاحقة القضائية.
18 فبراير عودة التيار الكهربائي للعاصمة صنعاء وغالبية المدن الرئيسة بعد انقطاع شبه كلي استمر لثمانية أشهر على الأقل
21 فبراير انتخاباب الرئيس عبدربه منصور رئيساً توافقياً للبلاد.
25فبراير عبد ربه منصور هادي يؤدي اليمين الدستورية رئيسا لليمن
27 فبراير الرئيس اليمني منصور هادي يتسلم الرئاسة من سلفه علي عبدالله صالح.
14 مارس سلفيو اليمن يشكلون حزباً سياسياً.
6مايو هادي يتعهد بتصفية القاعدة في اليمن.
21 مايو تفجير انتحاري في ميدان السبعين يودي بحياة أكثر من 100 جندي وإصابة مئات آخرين
23 مايو مانحون دوليون يقدمون 6.4 مليار دولار لمساعدة اليمن في مواجهة الإرهاب.
3 يونيو الجيش يدخل زنجبار وجعار وفرار جماعة "أنصار الشريعة" التي استولت عليهما لأكثر من عام باتجاه المحفد.
12 يونيو مجلس الأمن يفرض عقوبات على مسلحي اليمن المهددين لحكومة الوحدة الوطنية.
3 يوليو رئيس الوزراء اليمني محمد باسندوة يعلن أن الفيدرالية باليمن أمر ممكن.
11 يوليو تفجير انتحاري أمام كلية الشرطة يودي بحياة 11 طالباً وإصابة عشرات آخرين
7 أغسطس الرئيس هادي يعيد تشكيل الحرس الرئاسي.
29 سبتمبر الرئيس هادي يتهم إيران بنشر الفوضي في البلاد.
14 أكتوبر الرئيس هادي يتعهد بالحفاظ على مكاسب ثورة الشباب السلمية.
3 نوفمبر ضبط شحنة مسدسات تركية في ميناء عدن
14 ديسمبر ضبط شحنة مسدسات تركية (ربع) في نقطة حيس محافظة الحديدة
20 ديسمبر هادي يعيد هيكلة الجيش وإلغاء تشكيل الحرس الجمهوري بقيادة نجل صالح، العميد أحمد علي عبدالله صالح، وبالمثل إلغاء تشكيل الفرقة الأولى مدرع بقيادة اللواء علي محسن صالح
الانتقال للعام الجديد
ثلاثة تحديات كبيرة ينتقل معها اليمنيون إلى عتبات العام الجديد ،2013 محملين بتركة ثقيلة من آثار وتداعيات عام الثورة الشبابية الشعبية 2011؛ هذه التداعيات التي أنتجت مشروعاً طموحاً لبناء دولة مدنية ديمقراطية عمادها المشاركة والمواطنة وسيادة القانون، وأنتجت في المقابل أزمات كبرى تجاهد النخب السياسية ومعهم الأطراف الدولية والإقليمية من أجل وضعها على طاولة التوافق في مؤتمر الحوار الوطني الذي يتوقع أن يتصدر أولويات الرئاسة والحكومة الانتقالية خلال العام الجديد 2013.
قد يغادر اليمنيون العام 2012 شكلاً لكن آثاره في الأزمات الكبيرة التي لم تجد طريقها للحل تبقى حاضرة وهي مرشحة للتصاعد خلال العام الجديد، وتبدأ بالملف الأمني وتقاطعاته المتصلة بعودة خطر تنظيم القاعدة، وتصاعد المخاوف من خطر مراكز القوى الناشئة بعد الثورة في ظل انقسام الجيش، مروراً بالملف السياسي والتعثر الذي يواجه استحقاقات المرحلة الانتقالية الثانية من المبادرة الخليجية التي يرى كثيرون أنها انتشلت اليمن من بؤرة الحرب إلى طريق الحل السلمي، لكنها أخفقت في إزالة كثير من عوامل التوتر والتي لا تزال حاضرة بقوة وتهدد التسوية برمتها.
أكثر من ذلك، فالمستجدات التي تهدد الوحدة والتي برزت إلى الواجهة والتي تبناها مؤخراً المؤتمر الوطني لقوى الحراك الجنوبي بعدما خلص قبل أيام قليلة إلى إعلان خطط وبرامج مجدولة تمهد لإعلان دولة فيدرالية جنوبية مستقلة عن اليمن في غضون عامين.
رغم أن المؤتمر حظي بدعم أممي وإقليمي ودولي سعياً إلى تأليف قيادة موحدة لقوى الحراك الجنوبي تؤهلها لخوض المعترك السياسي كطرف فاعل في الأزمة، ومكون أساسي ضمن المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني إلا أنه خرج عن السياق بالإعلان عن ميثاق شرف ووثائق تكرس مبدأ فك الارتباط بين شمال اليمن وجنوبه، وهي النتائج التي تطابقت إلى حد كبير مع تحركات شرع فيها قادة الحراك الجنوبي في الخارج وأكثرهم من القادة الجنوبيين المقيمين في المنفى منذ حرب صيف 1994 لم تخرج كثيراً عن التوجهات والوثائق المقرة في المؤتمر الوطني لشعب الجنوب.
كثيرون قللوا من شأن هذه التحركات، في حين عدها البعض مقدمة لمرحلة عصيبة في مسار القضية الجنوبية، يتوقع أن تأخذ في العام الجديد بعداً إقليمياً ودولياً أكبر، كما توقع لها آخرون أن تلعب دوراً في عرقلة التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني الذي كانت اللجنة التحضيرية له أقرت منح قوى الحراك الجنوبي تمثيلاً يصل إلى أكثر من 50 % وتلاها إعلان موحد من سائر قوى الحراك برفض المشاركة فيه.
أكثر من ذلك اتجهت مكونات الحراك الجنوبي إلى تشكيل لجان للتفاوض بين شمال اليمن وجنوبه بشأن تقرير المصير بالتوازي مع تحركات باشرها القادة الجنوبيون المقيمون في المنفى منذ حرب صيف ،1994 ومعهم أبرز قادة الحراك الجنوبي في الداخل لبحث غطاء إقليمي ودولي داعم لمشروع فك الارتباط.
الملف السياسي
مع كل الأزمات التي شهد اليمنيون آلامها خلال العام 2012 إلا أنه يبقى بحق عام التحول السلمي، فخلال هذا العام تنفس اليمنيون الصعداء بعد شهور من تسيد مظاهر الحرب التي كادت أن تدفع بهذا البلد في أتون الفوضى، وخصوصاً بعد توقيع الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومعه قادة العمل السياسي على المبادرة الخليجية في الرياض والتي وضعت آليات صارمة ومجدولة لمغادرة دوامة العنف والاتجاه نحو الخيار السلمي وسيلة للتغيير.
يصعب على كثير من اليمنيين تخيل الأوضاع التي كانت سائدة في مفتتح العام 2012 إذ استقبله اليمنيون وسط اضطرابات أمنية وأعمال عنف بقيت مستمرة وإن بوتيرة أقل في أكثر المحافظات اليمنية، زاد من ذلك توسع رقعة الاحتجاجات إلى مؤسسات الجيش التي شهدت تظاهرات أطاحت بعدد من رموز النظام السابق، وتصاعد المخاوف من صدامات بين أركان النظام السابق والقوى المناهضة له والتي ظلت متمترسة في خنادقها حتى بعد مضي أكثر من شهرين على توقيع المبادرة الخليجية.
لكن الجهود الدولية الإقليمية مضت على وتيرتها وشهدت الأيام الأولى من العام 2012 ترتيبات متسارعة في البرلمان لإصدار قانون الحصانة الذي منح الرئيس السابق الحصانة القانونية والقضائية الكاملة، ومنح كبار معاونيه ومن عملوا معه خلال سنوات حكمه الحصانة القضائية والقانونية في القضايا ذات البعد السياسي، بالتوازي مع استكمال واشنطن ترتيبات لمغادرة صالح اليمن إلى نيويورك لحين الانتهاء من تنظيم الانتخابات وسرعان ما صادق البرلمان على قانون الحصانة وأقر المشير عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً.
الجهد الأممي والدولي والإقليمي لعب دوراً مهماً في إنقاذ اليمن التي كانت تمضي ببطء نحو المجهول، وصولاً إلى 20 فبراير2012 ، الذي كانت فيه الجهود منصبة لتنظيم الانتخابات الرئاسية وسط حال احتقان لا سابق له ومخاوف من تفجر الأوضاع في أية لحظة.
وفتح انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيس لليمن مرحلة جديدة اتجه فيها الجهد الأممي الذي قاده مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي إلى اليمن جمال بن عمر ومعه فريق الوسطاء الدوليين والإقليميين نحو حشد الفرقاء السياسيين وقوى الثورة، إلى مغادرة أجواء الحرب وإنهاء مظاهر التوتر العسكري وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وإعادة الثقة للبناء التنظيمي للدولة والذي كان على شفير الانهيار الكامل عشية التوقيع على المبادرة الخليجية.
التفاف واسع وخطوات عاجلة
انتخب أكثر اليمنيين في المحافظات الشمالية الرئيس عبد ربه منصور هادي وقاطعت المحافظات الجنوبية الانتخابات استجابة لدعوة قوى الحراك الجنوبي، ومع ذلك كانت هذه الانتخابات بحق محطة مفصلية في تحول اليمن من خيار العنف المسلح إلى الخيار السلمي لنقل السلطة، وتجلى تالياً في عدة خطوات اتخذها الرئيس المنتخب الذي أصدر قراراً بتسمية القيادي في قوى المعارضة محمد سالم باسندوة رئيساً لحكومة انتقالية شكلت على أسس التوافق الوطني بنسب متساوية بين قوى الثورة، والنظام السابق لتباشر مهمات محددة في تنفيذ متطلبات المبادرة الخليجية وفق خططها المزمنة.
تسلم الرئيس هادي الحكم بتركة ثقيلة من أزمات وأخطاء سلفه صالح تتصدرها القضية الجنوبية ودورات العنف في محافظة صعدة، وحال التمزق في صفوف الجيش، وأكثر من ذلك التحديات الأمنية التي كانت مشتعلة في أكثر المحافظات، حيث كانت المتاريس تنتشر في الشوارع والطرق مقفلة والبلاد تعاني اختناقات حادة في الإمدادات الغذائية والوقود في غياب خدمات الطاقة والمياه و العديد من المحافظات الخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية فضلاً عن تحديات الوضع الاقتصادي.
لكن الرئيس هادي استطاع بهدوء تجاوز هذه العقبات، فركز جهوده على الملف الأمني الذي حقق انجازات في فترة قياسية وتزامن ذلك مع مباشرته إجراءات عملية لتنفيذ متطلبات خطة التسوية الخليجية بتأليف حكومة التوافق الوطني ومباشرة اللجنة العسكرية مهماتها وإشراك سائر القوى السياسية في الحكم، وكل ذلك وغيره تم في حين كان الشارع في حال غليان والتظاهرات مستمرة بصورة يومية تطالب بتقليص نفوذ النظام السابق من مؤسسات الدولة المدنية، والعسكرية وهيكلة الجيش ورعاية شهداء الثورة والجرحى والمعاقين ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الثوار، إلى ضغوط الأزمة الاقتصادية.
سرعان ما أمسكت الحكومة الانتقالية زمام الأمور وباشرت اللجنة العسكرية المؤلفة بموجب المبادرة الخليجية مهماتها في إنهاء مظاهر التوتر العسكرية، وإزالة المتاريس من الشوارع وسحب القوات المتصارعة في العاصمة، وتنظيف الشوارع، وإعادة ترتيب المؤسسات العسكرية التي تأثرت نتيجة المواجهات المسلحة في العاصمة وغيرها من المحافظات، فيما باشر الرئيس هادي إجراءات بتفكيك مراكز قوى النظام السابق في مؤسستي الجيش والأمن.
انخرط سائر اليمنيين في هذا الجهد وتجاوزت اليمن سريعاً آثار الصراع الدامي الذي شهدته صنعاء وعدة محافظات بين قوى قبلية واجتماعية مناهضة للنظام السابق، غير أن مظاهر الاختلال الأمني ظلت تتصاعد أفقياً وعمودياً في سلسلة هجمات وتفجيرات استهدفت قادة الجيش والمعسكرات إلى حرب اغتيالات أطلت بقرونها مستهدفة العديد من القيادات العسكرية والأمنية وظلت حاضرة في المشهد الأمني حتى نهاية العام 2012.
تالياً بدأت الخطوات العملية لإعادة هيكلة الجيش في سلسلة القرارات التي أصدرها الرئيس هادي وأقال بموجبها عدداً من رموز النظام السابق والشخصيات العسكرية والأمنية المقربة من الرئيس السابق واستطاع بحنكة تجاوز أعمال التمرد التي قادها بعض قادة الجيش من أقرباء وموالي الرئيس السابق، ورفضهم الانصياع للقرارات الرئاسية بإقالتهم.
كذلك أصدر هادي مرسوماً رئاسياً بتأليف اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، كما أمر بالشروع بترتيبات إصدار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
مؤتمر الحوار الوطني
تمضي معطيات مؤتمر الحوار الوطني والقضية الجنوبية وهيكلة الجيش، جنباً إلى جنب لتشكل منظومة واحدة مترابطة، ويعدها كثيرون من أهم التحديات التي ستواجه اليمن في العام الجديد، ذلك أن اليمنيين وكذلك المجتمع الدولي يرون في مؤتمر الحوار الوطني محطة مفصلية لوضع أسس الدولة الجديدة كما يرون إنجاز هذه الخطوة شرطاً للمضي في حل المشكلات الوطنية الكبرى التي تتصدرها القضية الجنوبية تحت سقف التوافق ومظلة الوحدة وكذلك خطة هيكلة الجيش.
ويُنتظر أن يصوغ اليمنيون في مؤتمر الحوار دستوراً جديداً يحدد شكل النظام السياسي الذي يريدونه كما يسعون إلى تضمينه مبادئ ليبرالية لحراسة وتطوير التجربة الديمقراطية، وتعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة بما في ذلك اعتماد نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات، أو النظام الفيدرالي الذي يعتقد البعض أنه قد يتيح حلاً عادلاً وشاملاً للقضية الجنوبية، ودورات العنف في محافظة صعدة، خصوصاً وأنه سينقل اليمن من تجربته السابقة بكل علاتها إلى أفق جديد وسيفتح الطريق أمام تعزيز فرص المشاركة الشعبية في الحكم وضمان عدم العودة إلى الأنظمة الاستبدادية والقبضة الحديدية.
تنتظر الأوساط السياسية وكذلك شبان الثورة أن يثمر مؤتمر الحوار الوطني توافقاً حول النظم الانتخابية التي تعتمد القائمة النسبية بما يضمن تمثيلاً عادلاً وشاملاً لمكونات المجتمع اليمني في البرلمان وهيئات الحكم المحلي، إلى صوغ تشريعات بشأن النظام الانتخابي وآليات إدارة الحكم المحلي كامل الصلاحيات.
استأثر الترتيب لعقد مؤتمر الحوار الوطني على اهتمامات مؤسستي الرئاسة والحكومة الانتقالية وفريق الوسطاء الدوليين والمبعوث الأممي جمال بن عمر مدى الشهور الماضية من العام 2012 أملا في أن يعقد في ظروف مواتية تشارك فيه سائر القوى السياسية والاجتماعية وفي المقدمة شبان الثورة لصياغة عقد اجتماعي توافقي جديد ليمن ما بعد الثورة.
*المصادر (الأولى، صحيفة الخليج، شبكة محيط، العربية نت)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.