وقد أعاد إلي خشبة المسرح بعد طول غياب فنانة المسرح الاستعراضي الجاد عزة بلبع, التي عرفناها أكثر كمطربة تحمل أغانيها رؤية سياسية واضحة لعلها كانت الأكثر بروزا في ميدان التحرير طوال فترة ثورة25 يناير, وقبلها عشرات السنين من النضال والإصرار علي الكلمة الجادة الثائرة, مما جعلها خارج الصورة عن عمد, واسم لا يمكن ترشيحه في أي عمل فني برغم ما تحمل صاحبته من إمكانات فنية هائلة. قدمت عزة بلبع دور الأم التي تفرض علي بناتها الالتزام بالحداد الطويل كرمز للاحتشام واحترام تقاليد المجتمع, خاصة أنها أسرة بلا رجال, وبرغم ما تفرضه عليهن من وقار مصطنع وحداد دائم, فإن بداخلها نزوع إلي التحرر من قيود اللون الأسود والتمتع بالحياة تعمد دائما إلي إخفائه, وقدمت الفنانة القديرة ليلي جمال دور الجدة العجوز التي تحمل في داخلها قلب طفلة تحلم بالحب والانطلاق والتحرر من قيود النفاق الاجتماعي, وتعيش داخل وهم أن عريسا ما سيأتي ليختطفها وتبدأ معه رحلة السعادة, وقدمت أدوار البنات كل من عبير عادل التي تميزت بقدرتها الفطرية علي انتزاع الضحكات برغم قتامة المشهد, ومي رضا الأخت غير الشقيقة صاحبة الثروة, التي يطمح فيها الجار القاطن بجوارهم, ثم نورهان, وهي طاقة تمثيلية واعدة لتقدم دور الفتاة الصغري الثائرة علي الأوضاع التي تقرر من نفسها خلع السواد والإعلان عن الحب وانتزاعه بالقوة برغم ما تفرضه تقاليد البيت, وقدمت بدور وجيهان سرور باقي الأخوات الخمس اللاتي تثور بداخل كل واحدة منهن مساحة من التمرد والرغبة في تغيير الواقع الحزين. كما قدمت وفاء سليمان وأمل أبورجيلة دوري الجارات الجالسات في العزاء يسترقن السمع لكل شاردة وواردة, وكأنهن يراقبن طقوس الحزن واستمرار منظومة الحداد داخل تلك الأسرة. بقي أن نشير إلي قيام الفنانة رشا يحيي بدور مواز لكل الأدوار عن طريق آلة الكمان التي كأنها تتبادل الحوار مع بطلات العرض, وتحكي عما بداخلهن من مشاعر وأفكار. هي تجربة ثرية تحسب للمخرج سعيد سليمان, وأيضا لمدير المسرح الفنان عبدالرحيم حسن الذي استطاع في أولي خطواته أن يعيد إلي خشبة المسرح عزة بلبع وليلي جمال معا.