هو لم يبتعد حتى يقترب مجدداً، ولم يخرج من المشهد الرياضي حتى يعود إليه مرة ثانية، فمن يعلمون بواطن الأمور والقريبون من صناعة القرار في مؤسسات الحركة الرياضية، يعرفون أن خليفة سعيد سليمان مدير عام دائرة التشريفات والضيافة في حكومة دبي، ما ترك رئاسة النادي الأهلي إلا ليعود إلى الدور الذي يفضله أكثر والذي يكفل له دعمه بصورة أكبر لا سيما وأنه ترك بصمة كبيرة في ولايته القصيرة بقيادة الأهلي لتحقيق أول ألقاب دوري المحترفين في موسم 2008-،2009 علاوة على كأس صاحب السمو رئيس الدولة والتأهل لمونديال الأندية . كان الحديث مع "أبوسعيد" بخصوص الترتيبات الخاصة بمضاعفة عدد الطائرات المقلة لجمهور الإمارات إلى البحرين، بناء على توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، حيث تم التنسيق مع اتحاد الكرة من قبل أن تنطلق الدورة لتأمين الحضور الجماهيري الذي يتناسب مع كل مباراة وكل مرحلة يصل إليها الأبيض في مشوار البطولة، ولكن مع نهاية الكلام في هذا الموضوع تطرقنا في الحال إلى موضوعات أخرى كثيرة تخص مشاركة الإمارات في خليجي ،21 والطموحات المعلقة على المنتخب، وكانت المحصلة في السطور التالية . تحدث خليفة سليمان في البداية بسعادة عن المنتخب ومشاركته في البطولة، وقال إن هذه المرة تحكمها اعتبارات كثيرة، وأهمها من وجهة نظره أن المتنخب يعود من بعد غيبة طويلة إلى المشاركة بجهاز فني وطني بقيادة المدرب مهدي علي، ولأنه مرتبط بهذه المجموعة من اللاعبين الذين حقق معهم كل الإنجازات الماضية على صعيدي الشباب والأولمبي، فالتجربة مثيرة وجديرة بالدعم والاهتمام، لا سيما وأن الترشيحات للمنافسة وللفوز باللقب سبقت المنتخب في الوصول إلى المنامة، وللمرة الأولى في تقديره تنطلق الطموحات على أسس واقعية، مرتبطة بنتائج وإنجازات سابقة، بعكس الحال في الماضي، عندما كانت الطموحات تنطلق بأسباب عاطفية في المقام الأول، وباعتبار الفرصة سانحة بشكل متكافئ لكل المنتخبات المشاركة . قلت له: ما هي الإضافة التي ارتبطت بوجود مهدي على رأس الجهاز الفني في خليجي 21؟ أهم إضافة تتمثل في الروح الواحدة التي تجعل لاعبي المنتخب على قلب رجل واحد، فالالتزام والانضباط الحاصلان في معسكر المنتخب، يتمان برضا وبحب وقناعة، ومن السهولة ملاحظة السمات الخاصة بمهدي كمدرب فهو يعرف جيداً جو كأس الخليج، والمؤثرات الخارجية التي تلعب دوراً مهماً في التأثير في معنويات اللاعبين وتركيزهم، ولهذا وضع إطاراً منذ البداية والكل التزم به طواعية وعن قناعة، وهذه القدرة على السيطرة يؤمنها أنه لا يسمح بتدخل الآخرين في عمله الفني، وهذه مسألة مهمة جداً، لأن المدرب الوطني بالذات يكون معرضاً أكثر من سواه لمثل هذه التدخلات، وتجاربنا السابقة تشهد على ذلك . الإعلام شريك حقيقي لكن في بداية البطولة بعض ممثلي وسائل الإعلام تحفظوا على ذاك الحظر، وطلبوا أن يكون للإعلام الإماراتي حظوة ومكانة خاصة بالمقارنة بوسائل الإعلام الخليجية الأخرى . كان من حقهم هذا الشيء، وفي الوقت نفسه من حق مهدي كمسؤول فني أن يؤمن كل ما يساعده للنجاح في مهمته، واعتقد أن هذه المسألة لم تسبب مشكلة، والإعلام الإماراتي كان متكيفاً ومقدراً لرؤية الجهاز الفني، وهذا أعجبني جداً لأنه عبّر عن شراكة حقيقية ورغبة صادقة في إنجاح مهمة المنتخب، وكما يقال: "كل شيخ وله طريقة" . . مهدي هذه طريقته، ولا يفضل أن يكون اللاعبون تحت ضغط الإعلام أو على تواصل مع ممثليه طوال الوقت، وأعتقد أنه بموجب ما تحقق حتى الآن مصيب في حساباته . واستطرد "أبوسعيد" قائلاً: وعساك لاحظت أنه بعد الفوز على البحرين وضمان التأهل إلى دور الأربعة فتح مهدي الباب على مصراعيه لكل اللاعبين للحديث لكل ممثلي الإعلام المحلي والخليجي، ففي هذه اللحظة لا خوف ولا ضرر، وعندما تعود الأمور إلى سيرتها الأولى في دور الأربعة، لا أعتقد أن الإعلام سيشكو كما حدث في مطلع البطولة، لأن الرسالة وصلت ومردودها ناجح . علمت بأنك حضرت المباراتين الماضيتين . . ما انطباعك عنهما وعن مستوى المنتخب، لا سيما وأن وسائل إعلام كثيرة اعتبرته محظوظاً في فوزه على البحرين؟ ابتسم وقال: الحظ موجود دائماً في كرة القدم، والكل يعلم ذلك، وفي أوقات كثيرة سابقة تخلى عن المنتخب وذهب لمنتخبات أخرى، لكن الفوز لم يكن من دون تعب وسعي، ويكفي ان المنتخب في المباراتين استطاع أن يغير النتيجة ويحولها إلى مصلحته، فهذه المسألة لا يتكفل بها الحظ وحده، ولكن عموماً . . المنتخب في المباراة الأولى كان أكثر اقناعاً من الثانية التي تفوق فيها الشقيق البحريني ميدانياً وكان أكثر انتاجاً للفرص، ولو لعب بهذا المستوى مباراته المقبلة مع المنتخب القطري سيضمن تأهله مع الإمارات لدور الأربعة . العراقوالإمارات الأفضل بمناسبة الكلام عن المنتخبات الأخرى . . ما رأيك في مستوياتها في هذه الدورة؟ قبل أن تنطلق الدورة، كان الانطباع السائد بموجب القرعة أن المجموعة الثانية أصعب بكثير، وأنها واعدة بمستويات أعلى فنياً، بحكم عدد الألقاب السابقة لأصحابها في تاريخ البطولة نفسها (10 ألقاب للكويت، 3 لكل من العراق والسعودية) ولكن مع انطلاق الدورة وإقامة المباريات، تفوقت المجموعة الأولى ميدانياً وشهدنا مباريات أفضل من فرقها، وبخاصة تلك التي كان منتخبنا - من دون مجاملة - طرفاً فيها، واعتقد ان هذا الرأي يشاركني فيه كثير من المحللين والمراقبين . أما بالنسبة للمنتخبات، فالقطري بالمستوى الذي قدمه يصنع علامة استفهام كبيرة، والعماني غير محظوظ، والبحريني أراه جديراً بالتأهل مع الإمارات لقبل النهائي . أما بالنسبة للمجموعة الثانية، فالعراقي متميز بروح لاعبيه العالية، واستحق التأهل على حساب السعودية والكويت اللذين لم يظهرا بالمستوى المتوقع لهما، وستكون مباراتهما معاً هي الفيصل في تحديد الأفضل والأجدر بالتأهل، أما اليمني فالقرعة ظلمته من البداية بالوقوع في هذه المجموعة، لكنه حقق تطوراً ملحوظاً بالمقارنة بمشاركاته السابقة . بين الماضي والحاضر بالنسبة للبطولة ككل عبر ماضيها وحاضرها . . ما رأيك في ما يردده البعض من أنها استنفدت الغرض منها؟ من يرددون هذا الكلام منطقهم ضعيف جداً، ولا يجد ما يعززه على أرض الواقع، فالبطولة الحالية كما شاهدت أحداثها على الطبيعة من المنامة وعبر وسائل الإعلام ناجحة بكل المقاييس، وكفاءة التنظيم البحريني كفلت لها بريقاً ورواجاً أكثر مما كانت عليه في الدورات الماضية، واسمح لي أن اتقدم بالشكر إلى البحرين حكومة وشعباً على ما شهدته وما حققته الدورة 21 لكأس الخليج، فقد استعادت البطولة كل سحرها القديم بفضل اللمسات البحرينية التي ظهرت من قبل انطلاق المنافسات، وأعني بذلك القرارين اللذين بادر إليهما الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة رئيس اللجنة العليا المنظمة عندما لم يسمح باحتكار أي قناة لحقوق البث التلفزيوني لمباريات البطولة، فضمن دخولها لكل البيوت، وفي الوقت نفسه أوقف ذلك التصعيد المبالغ فيه لسعر البيع الذي لم يسمح بتحقيق المردود وتعويض المبلغ المدفوع سواء بالنسبة للقناة صاحبة الحقوق الحصرية أو القنوات التي بادرت إلى الشراء منها بعد ذلك في الدورتين الماضيتين، والقرار الثاني هو مجانية دخول مباريات البطولة للجميع، فهذا القرار مكمل للأول ووفر للبطولة نجاحها الميداني، وقضى على أي توتر يمكن أن ينشأ بين الجماهير في المدرجات، والرسالة البحرينية قوية ووصلت لبقية الدول، وأجمل ما فيها أنها تكرس عملياً أن نجاح وتطوير البطولة مرهون بحرص أصحابها ومبادراتهم للمحافظة عليها وتطويرها . مالها وما عليها بمناسبة قولك إن أصحابها هم المطالبون بتطويرها، ما رأيك في التجاوزات التي تشهدها ديوانيات البطولة من بعض المسؤولين، وما يحدث عبر البرامج التلفزيونية مساء كل يوم؟ - في السابق كانت المساجلات بين رؤساء الوفود مرتبطة بالمباريات وأحداثها، وهذا شيء جيد ومتعارف عليه، ولكن الملاحظ منذ فترة أن البعض أصبح يستثمر منبر كأس الخليج لتوجيه رسائل في اتجاهات أخرى ولأغراض بعيدة عن البطولة، كما أن البعض اعتبرها فرصة لتصفية حسابات معينة مع أطراف آخرين في صراعات قائمة على مستوى القارة أو الفيفا، وهذا بالتأكيد أبعد البطولة عن مسارها وأخذ من رصيدها بالسلب . أما بالنسبة لما يحدث في البرامج التلفزيونية، فهو شيء يؤسف له بالطبع، ولكن المحير والعجيب أن نسبة المشاهدة والتفاعل عالية من الجمهور، بدليل ما يحدث من متابعات على "تويتر" وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا معناه أن هذه البرامج تعرف ما يريده الجمهور وتوفره له، وعموماً أنا مع الإثارة والمساجلات بشرط ألا يحدث خروج عن النص بالإساءة أو التجريح لأحد لأن البطولة رياضية، والهدف منها بالأساس هو لم الشمل وتأكيد وحدة ومحبة أهل الخليج لبعضهم بعضاً . البعض يرى أن ما تشكو منه البطولة هو أكثرها يميزها، وخصوصاً تلك التصريحات النارية بين المسؤولين في ديوانيتها، ما رأيك؟ - هذا صحيح، ولكني أوضحت لك متى تكون هذه المساجلات صحية ومفيدة ومتى تكون خروجاً عن النص، فعلى سبيل المثال لم يكن مناسباً الكلام عن صراع رئاسة الاتحاد الآسيوي ما بين يوسف السركال رئيس اتحاد الإمارات والشيخ سلمان آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني على هامش البطولة الحالية، وأعتقد أن الهدف من ذلك هو إثارة فتنة وتصدير ما يشغل المنتخبين والمسؤولين عنهما إلى قضية أخرى، مما يقلل حظوظهما في البطولة، ووصل الأمر إلى حد تلفيق خبر من إحدى وكالات الأنباء على لسان السركال، بخصوص استقالته في حال خسارته لانتخابات رئاسة الاتحاد الآسيوي، ولو لم يبادر السركال إلى نفي الخبر جملة وتفصيلاً في اليوم التالي مباشرة لاتسعت دائرة التشويش والبلبلة بغير داع . مسؤولية مشتركة هل اللوم يقع على الإعلام ووسائله في حالة كهذه أم على المسؤولين أنفسهم؟ - الاثنان شركاء بالتأكيد، فإذا كان الإعلام من حقه أن يسأل في أي شيء، فالمسؤول بإمكانه أن يرفض الإجابة عن سؤال في غير زمانه أو مكانه، ولكن كما ذكرت، البطولة معترك وسوق رائجة بالنسبة لهذه المناورات الإعلامية، والبعض يحترفها فيوجه الرسائل التي يريدها ويشغل الآخرين عن منتخب بلده، بينما البعض الآخر لا فيتورط أو يكون ضحية لها، والمفروض أن يضع الجميع مصلحة البطولة في المقام الأول . بمناسبة الصراع ما بين السركال والشيخ سلمان من معسكر غرب آسيا مع الصيني جيلونج من معسكر الشرق على رئاسة الاتحاد الآسيوي في إبريل المقبل، ما رأيك وما تصورك للنتيجة؟ - كل منهما يمارس حقه المشروع في الترشح وفي الترويج وأجمل ما في هذا الصراع أن كلاً منهما يقدر ويحترم الآخر في حملته وفي مواقفه وتصريحاته، ولكن عليهما الحذر من محاولات إثارة الوقيعة من عناصر أخرى، كما حدث مؤخراً . والمنافسة على صعيد آسيا لها اعتبار، والمنافسة على صعيد المنطقة وغرب آسيا لها اعتبار آخر، والذي يخشى منه، والذي أراه وارداً جداً هو أن يحدث انقسام داخل المنطقة وخارجها في التصويت للاثنين فتضيع الفرصة عليهما معا ويفوز المرشح الصيني على حسابهما، ولذا أتمنى وأتوقع في الوقت نفسه، أن يتنازل أحدهما لمصلحة الآخر قبل الوصول إلى محطة الانتخابات بوقت كاف حتى يتم التحرك الجماعي لمرشح عربي واحد . ضد المصلحة والمنطق ما سر هذا التوقع والتأكيد عليه؟ - لأن ما يحدث ضد المنطق وضد المصلحة العربية، ومن المفروض أن يتم حسم هذا الانقسام عن طريق اتحاد غرب آسيا الذي يضم الاتحادين البحرينيوالإماراتي معاً، فبالإمكان مراجعة موقف كل منهما بتصويت داخلي والاستقرار على مرشح واحد . نعود إلى كأس الخليج، بسؤال أخير عما ينقصها كبطولة تجاوز تاريخها 4 عقود من الزمان؟ - لا ينقصها إلا أن يعمل أصحابها وأهلها على تطويرها والاهتمام بها، وأعتقد أنه بعد هذا الزمن الطويل من المفروض بحكم استمرارها وانتظامها أن تكتسب شرعية وأهمية تنافسية أعلى بجعل نتيجتها مؤهلة لتصفيات قارية رسمية، كما هو حاصل مع دورات أخرى في آسيا وإفريقيا، فالبطولة بشهادة بلاتر رئيس الفيفا أصبح لها اعتبارها ومكانها ومكانتها، وآن الأوان لترجمة ما حققته عبر دوراتها ال 21 إلى مكتسبات رسمية .