نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا مطولاً عما وصفته ب"الربيع العربي" في السعودية المتمركز بالمنطقة الشرقية، حيث شهدت المنطقة حركة احتجاجية دعت إلى الديمقراطية والكرامة ومزيد من الحقوق للأقلية الشيعية المحرومة. وأشارت المجلة الي أن قتل المتظاهرين واعتقالهم وإطلاق النار على رجال دين معارضين أشعل ثلاث دورات من الاحتجاجات، وتشكلت موجة من الاحتجاجات والتظاهرات المتجددة في حركة لمقتل مطر أحمد 18 عاما في 27 ديسمبر 2012 في القطيف، وألقي باللائمة على قوات الأمن في كثير من التصعيد، وخاصة محافظ منطقة الشرقية محمد فهد عبدالعزيز للمنطقة الشرقية، والذي قضى فترة طويلة في هذا المنصب. وأصدر الملك عبدالعزيز في 14 فبراير يوم الاثنين مرسوما بإعفاء الأمير من منصبه بعد 28 عاما، "بناءعلى طلبه" وتعيين الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز محافظا جديدا في المنطقة الشرقية. وشبهت المجلة ماشهدته االمنطقة الشرقية بما حدث عام 1979 / 1980 والتي سحقت تظاهراتها من قبل الحرس الوطني، وأدى لوقوع إصابات بالعشرات، وفي السعودية هناك ما بين مليونين وثلاثة ملايين شيعة، وكثير منهم يعيش في المنطقة الشرقية، ويتمركزون حول واحات الإحساء والقطيف، وينتمي الأمير الجديد إلى فرع بن جيلوي في العائلة السعودية، وتم استبدال محافظ المنطقة الشرقية بعد انتفاضة 1979 / 1980 بعد مرسوم ملكي يشبه الفترة الحالية. واستعرضت المجلة ظروف المنطقة الشرقية في عهد المحافظ السابق محمد بن فهد الذي تولى منصبه عام 1985 بعد ثلاث سنوات من تولي والده شؤون السعودية كملك، في بداية الأمر تم تنصيب محمد بن فهد لتحقيق نهج جديد في المنطقة الشرقية، وفتح صفحة جديدة مع الأقلية الشيعية، في الوقت الذي كان فيه مئات السجناء السياسيين والمعارضين في المنفى، وذلك استمرارا لتقاليد الإمارة أو المحافظة في معالجة الأمور في المنطقة المهمة اقتصاديا للسعودية، وقدم محمد بن فهد برامج تنموية مختلفة ومتنوعة للمناطق الشيعية، وأطلق سراح المعتقلين،والتقى بوجهاء الشيعة بانتظام وسعى لكسب بعض النخب الشيعية الجديدة والطلاب. وتحت حكمه تحولت بعض المناطق في المنطقة الشرقية إلى قوى اقتصادية للبلد، وأهملت مواقع أخرى خاصة المناطق الريفية التي يسكنها الشيعة، وأصبح من الواضح بعد مرور سنوات أن المواطنين الشيعة سيظلون من الدرجة الثانية ولن يتغير وضعهم بشكل جذري،ولذلك استمرت المظالم الشيعية، ودخل الربيع العربي جيل جديد من الناشطين المحليين، وتقرر يوم الغضب في أوائل مارس 2011 وهدد النشطاء باحتجاجات في جميع أرجاء المملكة، والتقى الأمير محمد بن فهد بن عبد العزير مرارا وتكرارا مع أعيان ورجال دين ونشطاء شباب محليين في محاولة لثنيهم عن الاحتجاج، وأثر ذلك فيهم وأصدر رجال دين شيعة ووجهاء بيانات تحث الشباب على عدم الاحتجاج، على الرغم من احتجاج العديد منهم. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن هناك قضايا أخرى بجانب مشاكل المنطقة الشرقية تكمن خلف تلك التعديلات، ففي نفس الوقت الذي استبدل فيه محمد بن فهد عين فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز محافظا للمدينة المنورة، وذلك يشير إلى أهمية السعي إلى العرش بعد وفاة الملك الحالي، ويشير إلى الصراع على السلطة بين أحفاد الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية، فحتى الآن جميع الملوك وأولياء العهد الذين أعقبوا الملك عبد العزيز، والمعروفين باسم بن سعود وأبناؤه مباشرة، لكنهم يموتون مباشرة أو يمرضون، بمن فيهم الملك الحالي عبدالله بن عبد العزيز الذي يقارب 90 عاما وفي حالة صحية ضعيفة جدا، وتأخر قرار أي فرع من فرع الجيل المقبل من أفراد العائلة المالكة سيذهب لتولي العرش. وقالت المجلة أنه سيكون من السابق لأوانه قراءة ماحدث لمحمد بن فهد على أنه هزيمة، وأضافت أن البعض يقول أنه سيعين في منصب رفيع آخر ولايزال مرشحا لولاية العهد في المستقبل، نظرا لعلاقاته ومصالحه التجارية الواسعة مع الشيعة في المنطقة الشرقية، وكان "مجتهد" المغرد السعودي الشهير المجهول الهوية على "تويتر" سرب معلومات من الدوائر الداخلية للعائلة المالكة السعودية، أن محمدا بن فهد يريد أن يصبح ملك في المستقبل عن طريق التحالف مع الشيعة في المنطقة الشرقية. وفسرت "فورين بولسي" ذلك بأنه يدل على أن المعركة بين الجيل الثالث حول العرش في العائلة السعودية قد بدأت وبشكل جدي، ويظهر كذلك شمولية النظام السعودي في هيمنة العائلة المالكة على كل المناصب العليا في المملكة السعودية. وأشارت المجلة إلى أن تعيين محافظ جديد في المنطقة الشرقية يقدم إمكانية حدوث بعض التغيير السياسي بعد سنتين "عسيرتين"، ولكن لايوجد إلا القليل في سلوك النظام السعودي يوحي بالتغيير الجذري في عقلية النظام، فلاتزال المخاوف الأمنية تشغله، وتملؤه مشاعر الكراهية تجاه الشيعة والنشطاء الداعين إلى الإصلاح السياسي والنظام الملكي الدستوري.