لماذا ظلت الشعوب تتظاهر ضد إسرائيل ولا تتظاهر ضد أنظمتها؟!! الحلول السلمية لماذا تستوعب أو لا تستوعب في سيناريو الثورات؟!! ظل الاشتراكي كإعلام يطرح بين حين وآخر بأن فترة الشراكة له مع المؤتمر بعد تحقق الوحدة هي فترة الحريات المذهبية وذلك ما قد نتفق معه فيه من وجه واحد للفهم كحريات، ولكننا إن قرأناها من الوجه الآخر كصراع فإننا قد نخالفه في الرؤية أو يختلف معنا في الرأي. فإذا رجعت الآن إلى أعداد صحيفة "الثوري" عام 2008م أو قبل أو بعد ذلك فلا يمكن القول بعدم وجود حريات، ولكن سقف الحرية إما لم يمارس التفعيل الأفضل له لصالح الواقع والمجتمع أو أن حاصل جمع الحريات كتفعيل أفضى إلى ميزان أو حالة توازن تفقد طرفاً أو أطرافاً قدراً من التأثير في الواقع والمجتمع في ظل تفعيل أطراف أخرى للحريات. ولهذا فمحطة 2011م هي محسومة مسبقاً كمسمى "ثورات سلمية" مثلت تلقائياً ملحمة والتحاماً بالصراعات كذروة صراعات، ومن السهل كاستنتاج أو معطى طرح البعض بأن 2011م هو عام الحريات الذهبية. الفصل بين الحريات والصراعات هي مسألة تترك للوعي الاجتماعي أو المجتمعي أو لوعي الأطراف السياسية حين تختلف أو حين تتصارع، وبالتالي فواحدية الصراعات والحريات في الفهم أو كمفاهيم تأتي من وعي صراع واقعي يمثل المتلقي ومن إرادة صراع في الواقع تمثل المرسل والموصل للواقع. إذا عام 2011م افتراضاً هو عام الحريات الذهبية فهل عام 2012م هو عام الحريات البرونزية؟!!.. إذا الأمر كذلك فذلك ربط وارتباط بالصراعات وليس بالحريات، فبقدر ما خفضت المبادرة الخليجية والتوقيع عليها من الصراعات تراجعنا كواقع أو كإيقاع من المرتبة الذهبية إلى البرونزية. انتقال الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدةالأمريكية من وضع الشراكة في نهاية الحرب العالمية الثانية يحتاج إلى ترتيبات وفترة انتقالية، وانتقال الولاياتالمتحدة من الصراع مع السوفيت في الحرب الباردة ومن وضع الشراكة مع الإرهاب كجهاد إلى الحرب ضد الإرهاب يحتاج إلى فترة انتقالية مثلها تحرير الكويت وحصار العراق. رحيل علي عبدالله صالح لحاكم يجعل المشترك في حاجة لفترة انتقالية حتى تقديره استحقاق استهداف الخلف عبد ربه منصور هادي، والمؤتمر يحتاج كذلك لفترة انتقالية حتى يمارس النقد تجاه حكومة الوفاق. ولهذا فلدينا صراعات وفترات انتقالية داخل فترة انتقالية التي عليها معالجات وحسم أكبر وأخطر القضايا تحت سقف العامين، فهل ما يراد هو حريات تأجيج الصراعات أم حريات معالجة الصراعات؟!!.. ربع قرن من الفوضى واللانظام في الصومال قد تصبح فترة حريات ذهبية لا تنافسها كحريات أعرق الديمقراطيات في العالم. عندما نسقط هذا على واقعنا العربي وتجاربنا خلال أكثر من نصف قرن فلسنا مع سقوف الأنظمة أو ما تمنحه كهامش للحريات، ولسنا بالمقابل مع فوضى الحريات أو حريات الفوضى كما تسير معارضات أو تدفع إليه. تحرير الكويت أو غزو أفغانستان كان مبرراً في الشرعية الدولية في ظل متغيرات دولية، ولكن غزو العراق لم يكن مبرراً ولم يثبت فوق ذلك وجود أسلحة فتاكة، وإذاً فأثقال دولية نفذت هذا العمل بحساباتها وحسابات مصالحها. غزو أفغانستان كان بمثابة الإرهاب للعالم والأنظمة في العالم وغزو العراق كان بمثابة الإرهاب لأنظمة المنطقة أيا كان الاختلاف حول المشروعية أو المبررات، فإذا عادة ما تشاهد الشعوب العربية في مظاهرات ضد إسرائيل حين يدنس القدس أو تشن الحروب على غزة أو غيرها، فهل هذه الشعوب لا مطالب لها ولا حاجيات ولا مظالم ولا أخطاء من أنظمتها أم أن الأنظمة تسمح بالمظاهرات ضد إسرائيل ولا تسمح بها ضدها؟!!.. إذا لم يكن مألوفاً ولا معتاداً خروج الشعوب للمظاهرات ضد أنظمتها فخروجها هو ثورة في ظل واقع وأنظمة لم تعتد على مثل هذا أو تتعود عليه، وبقدر من الإسناد السياسي والحملات الإعلامية تسقط هذه الأنظمة أو تتساقط. المحطة حقيقة هي ربيع ولكن للاخوان أو الاسلاميين وفي هذا السياق لنا استرجاع فوز "الانقاذ" في الجزائر عبر الانتخابات ولكن الجيش الجزائري رفض وأسقط نتائج الديمقراطية، ولو ان هذا السياق طبيعي وواقعي في مواقف الغرب فكان الأولى الدفاع عن الديمقراطية والانتصار لنتائجها، ولكن تثوير وثورات الشعوب هي في حد ذاتها حاجية في سياق تطويع أو تطبيع أو غير ذلك. ما دامت الولاياتالمتحدة لم تستطع خلال عقد وأكثر إعادة كامل الأمن والاستقرار لافغانستان أو العراق ولم تستطع من خلال البلدين تقديم أنموذج للديمقراطية ولجأت لأسلمة وطلاء الحالة التركية كأنموذج، فهي لا تريد ان تحمل المسؤولية والافضل ان تتحملها الشعوب التي سارت في الثورات والتثوير. من حق أميركا أو أي بلد عمل ما يراه من اجل مصالحه وموقف روسياوالصين في مجلس الأمن هو في الأساس من منظور مصالح الطرفين، وبالتالي فلا ثقافة كراهية لدي تجاه أميركا ولا أحمل عداءً أو أدفع إلى عداء، ولكن إذا أميركا أو روسيا أو الصين تمارس وعي ومواقف مصالحها فكل طرف في واقع اليمن حاكماً أو محكوماً وفي ظل أي وضع للخلافات أو الصراعات معني بتعظيم مصالح اليمن فوق ما يعتمل كأولويات وأهداف صراع. لا أتصور ولا يعقل حين مجيء مثل هذه المحطة وفي وضع وتموضع الصراعات باليمن ان تقول أي معارضة أو تسير في موقف اللاثورة أو رفض الثورة لأي ارتباط يقدر لحسابات ذلك بخارج، ولكن أية معارضة واعية وواقعية تستطيع ان تكون وواقع بلدها هما المستفيد الأول والأكبر من هذه المحطة دون حاجة إلى تدمير أو صراعات مدمرة. ولهذا فإنني أرى ان كل ما قدمه المشترك كتنازلات أو نفذه كالتزامات في تطبيق المبادرة الخليجية هو القبول بالحريات الفضية 2012م القريبة من الذهبية 2011م. علي عبدالله صالح أول حاكم عربي يصدر قرار تحديد الرئاسة بفترتين متواليتين وأول حاكم عربي يعلن في محطة 2011م قبوله الرحيل على أساس سلمي والتبادل السلمي للسلطة. هو أول حاكم ربما في تاريخ اليمن يقبل الرحيل ويسلم السلطة لآخر، ولكن إعلام المشترك في ممارسة الحريات الفضية يمارسها كالذهبية كتأجيج دموي وتدميري للصراع وكأنه لا بد للكارثة ان تحل وللمكارثية ان تتحقق. الأرضية أو الاثقال الخارجية لمحطة الثورات السلمية هي اخطأت عمداً أو باللاوعي في الارتكاز على الحسم الثوري للثورات السلمية، وبالتالي فالأفضل لهذه الأرضية أياً كانت حساباتها ان تنتقل أو تتوازن بين ضغوط الرحيل الفوري كما عرفناها وضغوط الحلول والحلحلة السلمية. فإذا أصبحت الحلول والحلحلة السلمية هي من مكونات سيناريو وخيارات الثورات وليست ضمن ما هو انتقالي داخل الانتقالية كتكتيك، فالشعوب ستصبح ضغوطها أقوى وذات فاعلية في التصعيد ضد الطرف الرافض لمثل هذه الحلول بقدر ما تصبح في أمان ومأمن من التفجرات المكارثية ومن المجهول. إذا كان ما جاء حتى الآن أو ما سيأتي مرتبط بما يعرف بتغيير الخارطة فإنه قد لا يصبح أو لا يكون للحلول والحلحلة السلمية مكاناً أو موقعاً كون هذه الحلول تتقاطع مع هدف من أهداف المحطة. إذا الصراعات هي التي منحتنا حريات القومية ومدها والأممية وزخمها والأسلمة وأفغنتها وزحفها، فالطبيعي بعد كل ذلك ان تمنحنا الحريات الذهبية والفضية والبرونزية، فكيف ننظر للقائم وماذا ننتظر في القادم؟؟!!.