بكل تواضع وأناة نعتقد أن الفعل السياسي الجنوبي لن يستقيم ظله ما دام عود بعض قياداته أعوج بسبب ضحالة أفقها الفكري الرث الذي جعلها عاجزة عن مغادرة مربع ثقافة الماضي الشمولي, مع فشلها سابقا في عملية البناء الوطني الديمقراطي.. بعد الاستقلال الأول 30 نوفمبر 67م لم تكن لديها الجرأة الثورية للمراجعة النقدية المسؤولة.. بالعكس هروباً إلى الأمام هرولت نحو الوحدة في 22 مايو 90م, استمراراً لذات النهج التدميري رغم هزيمتها العسكرية صيف 94م التي استطاع الرئيس البيض بوضوحه تحويلها إلى انتصار سياسي بقرار فك الارتباط. ومع ذلك لم تستفق من غيها بل واصلت حنينها المريض لصولجان السلطة وبهرجتها، وأبدعت نزق (تيار إصلاح مسار الوحدة), ولكونها أصلا معاقة فكريا تميزت منذ البداية بالبلادة والبلاهة وبالتالي لم تستفد من أخطائها بل مرقت مجددا عبر إعلام (الاشتراكي) لإعادة إنتاج نفسها مجددا لتتصدر عناوين الحراك. العامل الأبرز الذي ساعد على تسويق تلك القيادات رغم أنها (expire) عقدة الخوف من (البعبع) الجنوبي الراديكالي.. شماعة التخويف بالتطرف يساراً ويميناً أحد الأسباب للجهد الدولي الإقليمي لفرض (المبادرة الخليجية) للحيلولة دون استعادة الحركة السياسية الجنوبية عافيتها. إنجاح مثل تلك المساعي استوجب البحث عن أدوات محلية تستخدم لتنفيذ أجندة الخارج الدولي والإقليمي ضد إطراف جنوبية أخرى، تحمل بصدق (الحلم الجنوبي) على اعتقاد أن معركة كسر العظم بين (الإخوة الأعداء) تنعكس سلبا على وحدة (الحراك) في الداخل, مما يحمل سياسة المصالح الدولية والإقليمية عمليات الاستيلاد والتفريخ القسري ل(دكاكين) و(أكشاك) جنوبية منها ما هو تابع للمشترك وآخر للجنة الخاصة السعودية وكذا (جنوبيي) باب اليمن، والهدف أضعاف التمثيل الجنوبي بما يشوش المشهد السياسي على الجمهور. حالة بائسة جعلت "البعض" يغني على ليلاه للوصول إلى مبتغاه سواءً من خلال استنساخ مجالس حراكية على شاكلة (مؤتمر المنصورة) أو الانحراف بالأداء القيادي على شاكلة (كعبول ورفاقه) حل ذلك التناقض وتجاوزه لن يكون عبر الشروط المسبقة التي سوف تتلاشى حتما عندما يتم الجلوس على الطاولة الجنوبية– الجنوبية التي فيها سيحصحص الحق ويتم الفرز.. مواجهة تتكشف خلالها الأقنعة بين الباحثين عن السلطة و الباحثين عن استعادة دولة، وحينها فقط يتوحد من هم تحت سقف واحد وعنوان واحد. لذلك حرصا على الحراك التحرري الجنوبي بما يجنبه التداعيات السلبية للصراعات الجانبية للقوى الماضوية، تبرز الحاجة النضالية لإطار برنامجي منسق يعتصم بشرعية الشارع, على اعتبار أن الحراك في حقيقته عبَّر عن حاجة وطنية ولم يكن ترفاً فكرياً أو تقليداً، وبالتالي يصعب اتخاذه مطية للعودة إلى السلطة مجددا, لهذا نشدد على خطورة المرحلة والتي تتطلب أكثر من أي وقت مضى الوضوح والمبدئية لضمان عدم الانحراف بنضال الناس الطيبين لتحقيق مآرب ذاتية لمدمني السلطة والصراع عليها وحولها.. ذلك الوضوح والمبدئية يتحقق عبر تلازم الهدف والقيادة السياسية ممثلة بالرئيس علي سالم البيض الذي يعد الالتفاف حول شرعيته التفافاً حول قرار فك الارتباط 21 مايو 94م وما يعنيه من أهداف التحرير والاستقلال واستعادة الدولة.. بناء عليه أي قفز على الشرعية الثورية للرئيس البيض يكشف عورة أصحابة وعدم علاقتهم المبدئية الواضحة بهدف التحرير والاستقلال واستعادة الدولة. * منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن