تعاني اليمن تحديات اقتصادية صعبة خلال الفترة الراهنة وأزمات واضطرابات حادة في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية تلقي بظلالها على الحياة المعيشية المتدنية للمواطنين، وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وتهديد السلم الاجتماعي وإيقاف عجلة التنمية. وتزداد الأزمة الاقتصادية في اليمن تفاقما مع ارتفاع حدة الاعتداءات على موارد البلد المتعددة، وأهمها الاعتداءات المتواصلة على أنابيب النفط والغاز وتأثير ذلك على تدني الإيرادات وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة. وبحسب صحيفة "الثورة" الرسمية اليومية، يكشف تقرير اقتصادي حديث عن تحديات وصعوبات اقتصادية بالغة تواجهها اليمن، وأهمها الارتفاع الحاد في العجز المالي وضعف بيئة الأعمال. وأنفقت اليمن، بحسب أرفع مؤسسة مالية دولية، "ثلث العائدات على دعم الوقود والغذاء عام 2013م، وفي العام ذاته تجاوزت الأجور والرواتب 60 % من إجمالي الإنفاق الحكومي باليمن. ويدفع العجز المتنامي في المالية العامة إلى السحب من الاحتياطي الأجنبي مع تراجع عائدات الصادرات النفطية بشكل كبير وتعرضها باستمرار للاعتداءات وتأزم الأوضاع السياسية والأزمات الراهنة. كما أن استمرار تعرض خط أنابيب النفط في اليمن لأعمال التخريب، يؤثر على صادرات النفط ويؤدي إلى تراجع الاحتياطي الأجنبي للشهر الخامس على التوالي إلى 4.6 مليار دولار في مايو 2014م (ما يكفي أربعة أشهر من الواردات تقريباً) وهو أقل مستوى لها منذ يونيو 2012م، الأمر الذي يضع الاحتياطي النقدي مهدداً بالنفاذ بسبب تأزم الأوضاع والتحديات الاقتصادية الراهنة. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن اليمن ستسحب ما لا يقل عن ثلث احتياطاتها الأجنبية عام 2015م إذا استمرت الأوضاع الحالية، ويرى خبراء أن الاضطرابات السياسية والأمنية أثرت سلباً وبشكل كبير في النمو الاقتصاد الكلي ومدخلاته القطاعية المختلفة، فضلاً عن تداعياتها على الجوانب الاجتماعية وتفاقم مشكلات الفقر التي تجاوزت معدلاته 50%، والبطالة التي وصلت ما بين 35-40%، والحرمان وسوء التغذية الذي طالت تقريباً نصف السكان، والبعض الآخر وصل إلى حوالي 36% من سكان اليمن، وهذه الأرقام تنذر بخطورتها في حالة استمرار تدهورها على المجتمع وتفاقم أزماته المختلفة. كما يواجه سبعة بلدان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بينها اليمن وفقاً لأحدث تقرير صادر عن البنك الدولي الموجز الاقتصادي الفصلي الخاص بالتوقعات والتكهنات والحقائق الاقتصادية"؛ نموا متقلبا مازال أقل بكثير من إمكانياته، وحيز محدود في المالية العامة نتيجة تنامي عجز الموازنة وارتفاع الدين العام وتراجع الاحتياطي الأجنبي ما أدى إلى تقلص المدخرات المتاحة للاستثمار العام والخاص، بالإضافة إلى ضعف القطاع الخاص الذي يعجز عن دفع النمو وخلق فرص عمل. ولهذا العامل الأخير أهمية كبيرة بسبب الأعداد الضخمة من المواطنين، لا سيما الشباب الأكثر تعليماً، الذين يعانون من البطالة ويدفعون للعمل في القطاع غير الرسمي، كما يرى البنك أن تنامي العجز المالي زاد من عملية الاقتراض، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الاختلالات في الاقتصاد الكلي. وترجع مشكلة العجز الضخم في الموازنة إلى ما قبل أحداث العام 2011 والتي كان لها تأثير سلبي على التضخم ورصيد الحساب الجاري والنمو الاقتصادي، كما تعود الزيادة الحادة في عجز الموازنة بعد عام 2011 طبقا لتقرير البنك الدولي إلى زيادة الإنفاق الحكومي استجابةً للضغوط الاجتماعية والسياسية، وبخاصة دعم الوقود والغذاء وأجور القطاع العام.