مطلع التسعينات انطلقت جهود الدولة حثيثة في العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، معطية القطاع الخاص دوراً أكبر ليقوم بدوره الحقيقي في دعم الاقتصاد اليمني والتنمية الشاملة.. واعتمدت تلك الإستراتيجية الجريئة على التكنولوجيا كخيار استراتيجي لتنفيذ برامج إصلاحات اقتصادية شاملة، ركزت في مجملها على رفع كفاءة الاقتصاد الوطني، وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية والاعتماد على الذات. غير أن المتابع للشأن الاقتصادي اليمني لا يرى أن أجهزة الحكومة قد نفذت الأجندة الاقتصادية والتنموية كما رسمتها القيادة الحكيمة , فقد مر على انطلاق تلك الاستراتيجية قرابة عقدين من الزمان ولا زالت تراوح مكانها. اليمن في نظر الاقتصاديين الدوليين تعتبر" البلد البكر" في المنطقة لامتلاكها مجموعة كبيرة من المقومات الاقتصادية المتنوعة والجاذبة للاستثمار والتي لم تستغل حتى الآن , ورغم ما قامت به الهيئة العامة للاستثمار في السنتين الماضيتين إلا أن اليمن لم تحظ بالترويج الاستثماري المطلوب من قبل الجهات والهيئات المعنية بذلك!!. وتشير بعض الدراسات إلى تزايد هجرة رؤوس الأموال اليمنية إلى الخارج فضلاً عن إخفاق الحكومة اليمنية في استقطاب رساميل خارجية كبيرة تبحث عن أسواق لاستثماراته عابرة القارات، مما يعني أن هناك خللاً ما في السياسات الاستثمارية, ومعضلات بيروقراطية تقف أمام المستثمر , يجب معالجتها والتغلب عليها مهما كلف الأمر. والآن – لا شك- أن الأحداث والمستجدات التي طرأت على اليمن ستؤثر سلباً على حركة التنمية الاقتصادية ما لم تتدارك الحكومة هذا الأمر بمعالجة حكيمة، وتشد العزم على المضي قدماً نحو إصلاحات اقتصادية شاملة، وتثبت جديتها في محاربة الفساد والتخلص من وبائه المدمر, وتسدل الستار على مرحلة قاسية عاشها الاقتصاد اليمني سنوات طويلة. فإذا كان قد قدر لليمن أن يتعثر اقتصادياً ويتأخر عن ركب التنمية في منطقة الدول النامية إلا أنه لا زال يمتلك الكثير من المقومات الاقتصادية الواعدة والجاذبة للاستثمار أكثر من أي وقت مضى , وبلا شك ستكون مرحلة انتقالية صعبة سيخوضها اليمن في السنوات القادمة شئنا أم أبينا, والأمر يتطلب من الحكومة مضاعفة الجهود والعمل بوتيرة عالية ووضع استراتيجية واضحة المعالم. وللعلم فإن الكثير من دول العالم لا تملك النفط والغاز إنما تملك العلم والعقول المفكرة والمبدعة، التي وضعت بلدانها في مقدمة الدول الاقتصادية وأصبحت تتحكم في اقتصاد العالم بأسره .. فعلينا أن نخلع عباءة الجهل والقبلية المتعصبة ونخلص العمل لبناء اقتصاد اليمن الجديد.. وقد أثبت الإنسان اليمني على مر العصور وفي أحلك الظروف أنه قادر على بناء وطنه. [email protected]