التضامن الاجتماعي أهم قيمة ايجابية كانت تتسم بها القبيلة أو العشيرة في اليمن لكنها انحسرت وولت ولم يعد لها وجود، وبقي من القبيلة شيء من العصبية والتعصب، ولدى بعض منها وظيفة الثأر، لذلك ليس بمستغرب أن يفتح اجتماع ما يسمى مجلس التضامن الوطني " مجلس شوراه" الأسبوع الماضي بجريمة ثأر. ولأننا مجتمع نقدس الفلكلور حتى ما كان منه متخلفاً ومعيقاً للتقدم، فلا بأس أن تظهر - من باب الحفاظ على الفلكلور - في مجتمعنا تجمعات فلكلورية قبلية بمسميات عصرية لزوم عصر الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير عن الرأي أو المجتمع المدني.. ولا بأس أن نسمع خطاباً يتمنطق بهذه التعبيرات والمصطلحات، ويزيد ويزايد في استخدام لغة محاربة الفساد والمواطنة، والوحدة الوطنية.. إلخ، غير أن كل ذلك لا يرقى إلى أن يقنعني، ليس لأنه يفتقد المصداقية بل إنه يتعارض مع التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والجمع والطرح والضرب والقسمة والقراءة الرشيدة. وإليكم الدليل: 1 - الدولة والشيخ على طرفي نقيض.. فحضور الدولة يعني انحسار الشيخ، والعكس يصح أيضاً، فحضور الشيخ يعني غياب الدولة.. وهذا طبعاً في تاريخ اليمن وجغرافيته. 2 - أما في التربية الوطنية - ويعنينا هنا موضوع الديمقراطية- فأهم مبادئ الديمقراطية، أن يكون الولاء للدولة وليس للقبيلة.. وهنا لا يستطيع أي مكون قبلي حتى وإن تدثر بالديمقراطية أن يخفي حقيقة أولوية انتماء المكون القبلي للقبيلة وليس للدولة. 3 - وأما في الحساب فإنه قد غاب تضامن القبيلة بمعناه الايجابي وحضر مشايخ الفيد، يأكلون الدولة والقبائل وعباد الله الطيبين. وللأسف لا ندري لأية حكمة تمالئ الدولة المشائخ، خاصة وأنهم في الغالب الأعم يسعون إلى تقويضها وتقويض سلطتها ويناهضون بناء الدولة الحديثة، وأمنيتهم العودة إلى ما قبل الدولة، فهذه بيئتهم الأكثر خصوبة ليعيثوا في البلاد والعباد ما شاء لهم أن يعيثوا ويعبثوا. أنا لست ضد القبيلة.. أنا مع القبيلة للتعارف والتضامن الايجابي وضد ما يمارس باسم القبيلة من تمشيخ مصلحي يناقض قيم التعارف والتضامن ويناهض العصر ومتغيراته، ويجر الوطن إلى الخلف.