عندما يعتقد بعض البشر انهم قد ملكوا من القدرات ما يجعلهم يتحكمون بمصير البلاد والعباد, تأتي قدرة الله التي تفوق كل القدرات، وتهطل الأمطار بالخيرات وتكشف عورات من يعتقدون أن لهم قدرات الإخفاء والسيطرة وملكات الفساد والإفساد، وموهبة إبرام الصفقات المشبوهة، من اصحاب الذمم الرخيصة التي تعبث بالوطن من موظفين ومقاولين جشعين تتوافق مطامعهم مع مصالح شخصية لمسؤولين ووزراء ووكلاء فاسدين في قطاعات متعددة من الحكومة. وقد أراد الله بكرمه ومنته على اليمن واليمنيين، ان تهطل قطرات مياهه السماوية الطاهرة لتكشف المستور، وتعري المكسي من أسفلت وشوارع وطرقات العاصمة، وتؤكد العشوائية والارتجال والقدرات الخارقة لرجال يسمون أنفسهم بالمهندسين والمختصين القادرين على إعداد الخطط والدراسات والمخططات الفنية والهندسية ويزعمون قدرتهم على فعل كل شيء دون غيرهم، نموذجهم بعض القيادات والعاملين في قطاع الشؤون الفنية بأمانة العاصمة، وما أدراك ما قطاع الشؤون الفنية بأمانة العاصمة، وأي فن يتفنون.. من العزف على القانون إلى الغناء بالأكاذيب على الناس في العاصمة إلى ما لا نهاية. إن الامطار الغزيرة نعمة من الله تحولت الى نقمة على اليمنيين، فقد أظهرت الامطار واقعاً يتكرر عاماً بعد عام، يتمثل في مطبات وحفر على الاسفلت اعتقد أن عددها يفوق اليوم عدد سكان العاصمة، ويترسخ أعتقادي هذا عندما لا أجد كيلومتراً واحداً في العاصمة على حالته بعد الأمطار الأخيرة، باستثناء جزء يصل الى كيلومتر واحد من شارع قصر غمدان الممتد من تقاطع جولة نقم إلى تقاطع جولة جامع المشهد. وعندما سألت أهل المنطقة لماذا هذا الشارع يبدو جديداً في وسطه متماسكاً وبلا حفر؟!.. ردوا علي قائلين: إنه نفذ عام 1981م بدراسة وتنفيذ واشراف وتمويل الحكومة الصينية، ولا يزال صامدا رغم ان الامطار تهطل علية سنويا ولا يتأثر، ولا يتآكل منه سوى أطرافه المحاذية للرصيف الذي نفذ عليه مشروع المجاري الاسعافي لخدمة منطقة نقم، ولا أجد تفسيراً لصمود ذلك الشارع ثلاثين عاما وفقا للمعايير الفنية اليمنية سوى أن الصينيين ربما استخدموا الأعشاب الصينية في هذه الطريق!!.ويرجع كل ما كشفته الأمطار – من وجهة نظري- الى المقاولين الجشعين، وعدم وجود الرقابة وغياب الضمير والذمة لدى المهندسين والمشرفين على المشاريع، وانعدام المسؤولية واللامبالاة وعلى رأسهم المسؤولون في السلطات المحلية، وفي مقدمتهم بعض المسؤولين في قطاع الشؤون الفنية بأمانة العاصمة ومكتب الأشغال والطرق بالامانة التابع حاليا للقطاع، دون ان يحرك فيهم ذلك ساكنا ولن يحرك طالما أنهم مدعومون بدلا عن البنزين، وأمثال هؤلاء لا يشعرون بالتقصير بل ان بعضهم يكابر ويرفض اي انتقاد للسلبيات لأنه لا يقبل الآخر، ولا يقبل الاعتراف بالفشل في تحمل مسؤولياته الفنية التي يراها القاصي والداني على الطرقات من حفر ومطبات لا يسببها الفقر وإنما النصب والاحتيال وانعدام الأمانة والإخلاص بالعمل. إن حكاية شوارع العاصمة وما يحدث بعد الأمطار كل سنة مسلسل مكسيكي يمله الأطفال والكبار، ولا يعرف من هو المسؤول عن وضع المواصفات والمقاييس ومستوى الجودة لشوارع العاصمة ومدى تحملها، ويثير هذا كثيراً من التساؤلات في الشارع اليمني عن غياب الرقابة الحكومية ورقابة الهيئات الإدارية للسلطة المحلية في العاصمة، وعدم اتخاذها أية إجراءات بحق المقاولين والمهندسين والمنفذين الذين يُعبّدون هذه الشوارع دون التزام بالمواصفات والمقاييس الموضوعة لهم من قبل الشؤون الفنية بالأمانة، أو التأكد من سلامة التنفيذ أو جودة ورداءة المواصفات والمقاييس الموضوعة بالأساس من الشؤون الفنية بالأمانة، فالدولة تنفق المليارات على هذه الشوارع والطرقات من قوت أجيال الغد. أعترف بأنني عندما أكتب عن شوارع العاصمة هذه الأيام تتلوى أفكاري وتتعرج خواطري وتصعب عليَّ الكتابة تماما كما يحدث مع كل الناس عندما يحاولون عبثاً تفادي الحفر والمطبات بسياراتهم الضعيفة مخافة ان تبطش بهم أسعار قطع الغيار التي يحتاجونها لإصلاح ما دمرته مطبات وحفر العاصمة، ولكنني أعترف أن هذه الشوارع ومطباتها وحفرها حسنة فقد أهلتني لمرتبة سائق محترف، وهدت أفكاري إلى أن أتقدم لخوض سباقات راليات دكار والبحرين وقطر والسعودية، ولمَ لا أشترك في السباقات العالمية للسيارات، فقد أحصل على جوائز أو القاب ثمينة باسم بلدي، وربما أجد منافسين لي يحاولون استغلال هذه الحفر والمطبات قبل أن يفوق عددها عدد سكان اليمن في غضون سنوات، أو تتحول إلى برك ومستنقعات كما كان قبل الثورة والجمهورية؟!!.