3 - العدو الصهيوني أخذ العدو الصهيوني هو الآخر ينظر بعين الاعتبار إلى الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر، كونه يؤثر سلباً وإيجاباً على سياساته التوسعية من جهة، وعلى ضمان ما يسمى بأمن هذا الكيان من جهة أخرى، لأن أغلب الدول المحيطة بالبحر هي أقطار عربية تعيش في حالة من الصراع المصيري معه. لذلك دأب العدو الصهيوني إلى تكثيف تحركه ونشاطه من أجل ضمان تحقيق الاستفادة القصوى من هذا الممر المائي، لا سيما وأنه يرتبط بعلاقات سياسية واقتصادية مع بعض الدول الأفريقية والآسيوية، مما جعله يقدم على الاحتلال العسكري لبعض الجزر المهمة في هذا البحر، لا سيما إبان حكم هيلا سلاسي لأثيوبيا، حيث عمل بالتنسيق معه على تركيز وجوده في بعض الجزر القريبة من مضيق باب المندب والتي تتمتع بموقع مؤثر على حركة الملاحة الدولية، وقد وسع العدو الصهيوني دائرة نشاطه في البحر إثر حرب أكتوبر عام 1973م، بعد أن استطاعت القوات البحرية المصرية فرض حصار بحري على حركة العدو في باب المندب، وقد ازدادت مخاوف العدو بعد أن نالت جيبوتي استقلالها عام 1977م، حيث تم على إثره منع البحرية الصهيونية من استخدام ميناء جيبوتي. الدور العربي لقد عانت الأمة العربية، وما تزال، من آثار التدخلات الأجنبية في هذه المنطقة بعد تعمد الدول الكبرى استغلال بعض نقاط الخلاف بين الدول العربية والعمل على تعميقها، ومن ثم تحويلها في بعض الأحيان إلى صراعات إقليمية حادة، الأمر الذي يستدعي من الدول العربية النهوض باستراتيجية عربية، تهدف إلى إبعاد المنطقة من الصراعات الدولية. وحري بالتنويه أن قيادة الشطر الشمالي من الوطن آنذاك كانت قد دعت منذ يناير عام 1977م، وما تزال تدعو حتى اليوم، إلى ضرورة التوصل إلى صيغة جماعية للأمن في منطقة البحر الأحمر، وقد مثل قيام "تجمع صنعاء" الذي ضم عدداً من الدول المطلة على البحر الحمر بدعوة من فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ترجمة أمينة لهذه التطلعات، وثمرة من ثمار التوجه الجاد والواعي والحريص على النأي بالمنطقة عن سياسات تصدير المتاعب والقلاقل التي تستنزف الإمكانيات المتواضعة لدول المنطقة وتحرفها عن توجهاتها التنموية والنهضوية الحقيقية، وكذلك مناهضة سياسة التنافس بين الدول الكبرى في هذه المنطقة والتي تعكس آثارها المدمرة على سيادة واستقرار دول المنطقة، وكذلك الحرص على احتواء كل الخلافات التي تنشب بين دول المنطقة في سياق هذا النهج السلمي، وأن يكون البحر الأحمر مصدراً للأمن والسلم للعالم كافة ودول المنطقة خاصة.