هناك ما يمكن تسميته بالقصور القانوني في بعض التغطيات الإعلامية خاصة للقضايا القانونية والقضائية.. والسبب –قطعا- يعود في الغالب لغياب الثقافة القانونية لدى البعض من ممتهني مهنة الصحافة والذين يقعون في أخطاء المفردات التوصيفية، حيث نجد في خطاب هؤلا أن لا فرق بين (الحكم) و( القرار) و( الأمر) في المقابل هناك قضايا تستدعي عند تناولها الكثير من الحرص المهني و القانوني، بحيث لا يحدث ما يمكن تسميته بالاستلاب أو التضليل لذاكرة المتلقي أو المساهمة في تحريف المصطلحات القضائية بحيث يجد طرف من الأطراف في أي قضية هو المستفيد من التسريبات الإخبارية والتناولات الصحفية وفي الغالب دون إدراك كاتب الخبر أو التحليل لهذا الاستغلال الذي يدخل في نطاق الخصومة والإعلام عادة ما يكون مسرحا لأصحاب القضايا ويحاول كل طرف استغلاله بقدر الإمكان وهو ما قد يؤدي غالبا إلي تحريف مسار القضايا والتأثير عليها وعلي نتائجها وهو ما شهدته قضية اغتيال الشيخ الشهيد / أحمد منصور الشوافي مدير عام مديرية خدير ورئيس مجلسها المحلي والذي اغتيل صبيحة يوم 23 مارس الماضي أمام مكتبة في مبنى المجمع الحكومي بمدينة الدمنة محافظة تعز .. بيد أن أبرز ما يمكن وصفه بالخطاء (المهني) وهو خطاء قد يترتب عليه خطيئة تستوطن ذاكرة المتلقي علي ضوء تناولات إعلامية وقع أصحابها في أخطاء التوصيف مثل القول ( بأن ما صدر عن محكمة خدير الابتدائية ) وأدى إلي إطلاق المتهم أحمد عباس البرطي من سجنه هو ( حكم ) وبالتالي يرى البعض أن هذا ( الحكم) قد برى البرطي.. وقول كهذا لا أساس له من الصحة، فالمحكمة التي تناولت القضية "وبغض النظر عن موقفنا منها ومن رؤيتها التي ترتب عليه الإفراج عن النائب البرلماني المتهم" ولكن حيثيات الموقف الذي رأته المحكمة وبنت عليه موقفها لم يعف البرطي أو يبرئه، ولكنه قال ( بعدم سلامة إجراءات القبض علي المتهم) وهناك فرق بين القول بالبراءة والقول بعدم سلامة الإجراءات.. وبالتالي لم تبرئ المحكمة النائب المتهم، ولكنها أعادت الأمر لسلطات الضبط القضائي وهي النيابة العامة التي وحدها من يملك سلطة الضبط وبرعاية وتوجيه المحكمة.. وبالتالي هناء نجد أنفسنا أمام لغط قانوني أخر ويتصل في قضية أو إشكالية ( الحصانة) ووفق التفسير القانوني والدستوري والقضائي فأن قضية الجدل حول حصانة البرطي قضية لا قيمة لهاء غير لمزيد من التسويف، فحصانة النائب سقطت لحظة القبض عليه , إذ أن النائب المتهم لم يعد "في رأيي" يحمل (الحصانة ) أو يتمتع بها منذ لحظة وجوده علي مسرح الجريمة، وهو ما لم يستوعبه بعض النواب الذين تعاملوا مع القضية علي ( ثلاثة اتجاهات) الأول (جاهل ) بالنصوص والتفسيرات القانونية والدستورية , والاتجاه الثاني متعصب لدوافع متداخلة , والاتجاه الثالث أدرج القضية في سياق الثارات السياسية.. وبالتالي راح كل هؤلا يخوضون في القضية كل علي طريقته، بعيداً عن الحيثيات القانونية والقضائية والدستورية والمؤسف أن بعض أعضاء مجلس النواب لم يتركوا القضاء يأخذ دوره وراح كلاً.. لدوافعه يستهدفوا القضاء ويشككوا في رسالته ونزاهته وهو ما جعل محامي (البرطي) يطالب بقضاء دولي ..؟!! لقد شوه بعض النواب بتعصبهم وجهلهم ورغباتهم -وفي اعتقادي- صورة القضاء حتى حين يطالب بعضهم بنقل القضية للعاصمة فهذا انتهاك وتشكيك بعدالة القضاء الوطني، ناهيكم أن هذا القول فيه تغذية للمشاعر الطائفية والعنصرية المقيتة ويتحمل تبعاتها بعض أعضاء مجلس النواب الذين يناصروا عضوا من أعضاء المجلس علي حساب سمعة ومكانة ودور ورسالة القضاء وهو فعل لا يليق بنواب الشعب الذين تقتصر مهمتهم علي صياغة التشريعات لا علي تنفيذها وتطبيقها أو القول ببراءة هذا وإدانة ذاك ..!! لقد وقع المجلس في خطأ كبير حين وضع نفسه بديلاً عن القضاء والمؤسسات القضائية والمحكمة والنيابة، وأصبح يتحدث بخطاب متعالي وهو بهذا الموقف يضع نفسه في مكانة لا تليق به كجهة تشريعية وحسب.. في ذات السياق ذهبت بعض التناولات الصحفية تخوض في ذات المفاهيم والمصطلحات القاصرة التي تهمش حقيقة القضية وتعريفاتها القانونية والقضائية والدستورية , وعليه فإن ما يصدر عن المحكمة هو حكم وهذا الحكم لا ينقضه غير حكم أخر ومن محكمة أخرى أعلى من تلك التي أصدرت الحكم السابق وحين قالت محكمة خدير بعدم سلامة إجراءات القبض علي النائب البرطي لم تقل ببراءته , وحين صدر حكم محكمة الاستئناف القاضي ببطلان ما صدر عن محكمة خدير الابتدائية وحكمت استئناف تعز بعودة النائب البرطي للسجن المركزي بتعز كان موقفها القضائي الذي أكدته في هذا الحكم الصادر قد تجاوز حكاية (الحصانة) ولم يعد مطلوبا من المجلس رفع (الحصانة) عن النائب، لآن المحكمة "بحكمها" قد تعاملت مع النائب كمتهم ثبت تورطه.. وبالتالي ليس صحيحا ما يقال عن توصيف (التلبس) والذي يراه النواب كل علي طريقته لكن النيابة وبرعاية المحكمة لها رؤيتها المعززة برعاية ورقابة المحكمة وتوجيهاتها , والمحكمة التي طلبت إلقاء القبض القهري علي النائب البرطي لم تعد حكاية (الحصانة) تعنيها ولا تكترث بموقف المجلس من رفع الحصانة التي رفعت فعلا لمجرد تأكد النيابة لملابسات الحادثة وتواجد النائب في مسرح الجريمة وهو ما يجعل حديث وزير العدل أو النواب بعضهم أو كلهم عن (الحصانة) فعل من ترف لا قيمة قضائية ولا حجة قانونية أو دستورية له، بل أن الدستور والقانون يتجسدان في موقف ودور النيابة والمحكمة.. وبالتالي كل ما يصدر عن المحكمة هو ما يجب الأخذ به.. وهنا نجد مجلس النواب يغرد خارج السرب ويلعب بعيدا عن المسرح المفترض أن ينشط فيه النواب ..في المقابل نجد محامي المتهم يحاول تظليل العدالة وتسفيه القضاء من خلال ربط الجريمة بأبعاد سياسية مع أن النائب أقل وعيا بكثير مما يذهب إليه محاميه أمام المحكمة ,حيث يقدم المحامي عن المتهم صورة مغايرة للقضية ويحاول أخذها إلي مربع غير مربعها مستندا بهذا لمواقف بعض النواب ولسوء فهم البعض للنصوص القانونية والدستورية ,ولهذه الغاية راح بعضهم يحاول تظليل الوسائط الإعلامية من خلال تحوير المفردات القضائية والنصوص التشريعية والدستورية , بل أن من حاول تسويق فكرة أن خروج البرطي من السجن تعني البراءة له من التهمة قد ظلل المتهم أكثر مما أثار أولياء الدم فمنطوق الحكم لم ينص ببراءة (النائب المتهم) بل قال (بقصور في سلامة الإجراءات) وهو قول لا يبرئ النائب بل أن المحكمة وهي تقول هذا عملت علي إعادة الأمر للنيابة العامة التي هي صاحبة الولاية والقرار وهي بدورها وضعت الأمر أمام محكمة استئناف تعز التي أصدرت حكمها بالقبض علي النائب المتهم "قهريا" وهذا يعني أن النائب ليس بريئا كما حاول البعض تصوير عند تهريبه من (السجن المركزي ) في تعز ..؟! للموضوع تتمة