تعقيباً على محادثات الوحدة الوطنية التي كانت جارية في القاهرة بين الجبهة القومية وجبهة التحرير، أعلنت بريطانيا في 23 أكتوبر 1967م أنها ستنسحب من الجنوب ولو لم تتفق جبهة التحرير مع الجبهة القومية. كان إعلاناً قصد به زيادة التعقيدات التي تواجه محادثات القاهرة، ودعوة الجبهتين للتسابق على استلام السلطة بشكل انفرادي عبر تصفية إحداهما للأخرى. تزامن هذا الإعلان مع خطوة جديدة أقدم عليها تريفيليان، تمثلت في إحالة عدد من القادة العسكريين المتعاطفين مع جبهة التحرير إلى التقاعد القسري، وتعيين متعاطفين مع الجبهة القومية محلهم. في هذه الأثناء كان السلطان صالح بن حسين الهبيلي (شريف بيحان)، الذي رحل إلى السعودية أسوة بالسلاطين الآخرين الذين أبلغتهم بريطانيا بأنها لم تعد مسؤولة عن حمايتهم، كان يحشد بعض الحشود على حدود بيحان من الأراضي السعودية، بحسب المصادر البريطانية، بقصد استرجاع سلطنته بعد أن سيطرت عليها الجبهة القومية، وذهب نائب المندوب السامي البريطاني في أوائل نوفمبر 1967م إلى السعودية لينذر شريف بيحان- صديق بريطانيا- بأن سلاح الطيران البريطاني لن يقف مكتوف اليدين إذا حاول الشريف الرجوع إلى بلاده بعد حصوله على إمدادات عسكرية من السعودية. فجأة وصل المندوب السامي البريطاني في عدن إلى لندن لإجراء مشاورات عاجلة حول الموقف المتدهور في عدن، كان ذلك في 24 أكتوبر 1967م، أعلن على إثرها وزير خارجية بريطانيا البدء بسحب القوات البريطانية من عدن. بعد القرار البريطاني بادرت كل من الجبهة القومية وجبهة التحرير في بيان رسمي صدر في الأول من نوفمبر 1967م بإعلان الاتفاق على جميع المسائل التي تم بحثها في محادثات الوحدة الوطنية بالقاهرة، وطالب البيان الشعب والجيش بالوقوف بحزم وصلابة في وجه كلما من شأنه الإضرار بالثورة والوحدة الوطنية. وبطريقة فجائية أيضا شهدت عدن خلال يوم 2 نوفمبر 1967م أحداثاً مريبة دامية، افتعلها تريفيليان بقصد إظهار القوى الوطنية بمظهر المتسابقين على تسلم السلطة على حساب تصفية كل جبهة للأخرى حسبما كان متوقعاً، وقد خرج المواطنون وعلماء الدين من المساجد وسط نيران الرشاشات وقذائف الهاون والبازوكا في شوارع المنصورة والشيخ عثمان بعدن حاملين المصاحف، مستنكرين هذه الحرب ومطالبين بوقف القتال. بعد معارك عنيفة استمرت 18 ساعة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، تم الاتفاق بين ممثلي الجبهتين في 3 نوفمبر 1967م على وقف إطلاق النار. وفي يوم 4 نوفمبر 1967م وجهت الجبهة القومية وجبهة التحرير نداءً مشتركاً من القاهرة للمقاتلين في عدن يطالب بوقف القتال؛ أذاعه كل من عبدالقوي مكاوي وقحطان الشعبي إلى جماهير الشعب في الجنوب عبر إذاعة (صوت العرب) من القاهرة بصوتيهما، وتكررت إذاعته ثلاث مرات في نفس اليوم، وأعلنا تشكيل لجنة تحقيق لتحديد مسؤولية الجبهة التي بدأت الاقتتال، وقالا إن عقوبات صارمة ستنزل على من يثبت قيامه بالاقتتال الأهلي وإعلان ذلك للشعب.