تطورت الاغتيالات والتصفيات بين جبهتي القومية والتحرير في عدن إلى قتال أهلي بين الجبهتين امتد إلى محافظات لحج وابين وشبوة وحضرموت في فترات لاحقة، وبدلاً من أن توحد الجبهتان جهودهما في مقارعة قوات الاحتلال انشغلتا ببعضهما حسب ما خطط تريفيليان. في أعقاب انتشار القتال الأهلي بين الجبهتين في مناطق مختلفة من الجنوب عرض بعض المسؤولين الشماليين على بعض الشخصيات الوطنية المستقلة من أبناء الجنوب التدخل لإنهاء الاقتتال الأهلي بين الجبهتين وحقن الدماء اليمنية، فتشكلت لجنة ثلاثية للوساطة تكونت من الشيخ عبدالله مساعد المصعبي والشيخ مقبل عاتق باغرب والشيخ محمد صالح المصلي، وقد طافت اللجنة بالعديد من المناطق الملتهبة، والتقت بأكثر من مسؤول في الجبهتين، وكان كل مسؤول ينفي أن تكون جبهته البادئة بإطلاق النار ويؤكد حرصه وجبهته على حقن الدماء والالتزام ببذل كل المساعي لوضع حد للاقتتال، لكن خطة تريفيليان كانت تقضي بتأجيج الاقتتال الأهلي واستمراره، لذلك باءت كل جهود اللجنة الثلاثية بالفشل بينما استمر القتال الأهلي مستعراً. مع اشتداد الاقتتال بين الجبهتين تدخلت الجامعة العربية ونجحت في استصدار بيان مشترك وقعه عبدالقوي مكاوي عن جبهة التحرير وفيصل عبداللطيف الشعبي عن الجبهة القومية في 25 سبتمبر 1967م ناشدا فيه المقاتلين من أعضاء الجبهتين وقف الاقتتال فوراً والتآخي والحذر خاصة وأن الاستعمار يريد أن يعمق روح الخلاف وينشر بذور الحرب الأهلية قبل رحيله الذي أصبح محتماً. وماهي إلاّ أيام حتى تجدد الاقتتال مرة أخرى مما حذا بالمواطن والشخصيات الوطنية وعلماء الدين إلى توجيه نداءات إلى الجبهتين بإيقاف الاقتتال، واستجابت الجبهتان لهذه النداءات الوطنية وقررنا الاجتماع في القاهرة يوم 3 أكتوبر 1967م لمعالجة كافة الاختلافات بينهما، صدر عنه بيان مشترك جديد دعا إلى وقف الاقتتال فوراً، لكن المراقبين لاحظوا أنه منذ اللحظة الأولى لاجتماعات القاهرة أنها سارت ببطء شديد وتعثرت حتى وصلت إلى موقف متأزم عند مناقشة مسؤولية الحكم بعد رحيل المستعمر، وقد انفض الاجتماع عن احتدام عنيف بين الطرفين، ولكن بذلت محاولات حميدة لاستئناف المحادثات بعد توقفها قرابة يومين. في تلك الفترة تحدث فيصل الشعبي عن أهمية الوحدة الوطنية بين الجبهتين قائلاً: "ان الوضع الذي نشأ عن نجاح الثورة في إسقاط حكومة الاتحاد والنظام السلاطيني وقرب موعد الاستقلال يجعل طرفي الثورة -الجبهة القومية وجبهة التحرير- أمام مسؤولياتهما التاريخية في إيجاد وحدة وطنية توحد موقفهما وتمكنهما من مواجهة المستقبل ومواجهة كل احتمالات تلاعب بريطانيا وكل تحركات أعداء الثورة، ولكون الاستعمار الجديد يحاول أن يحل محل الاستعمار الغارب، كل ذلك يحتم وحدة الجبهتين في صف داخلي متماسك.. إن إطار الوحدة الوطنية التي يمكن أن تحافظ على مكاسب الثورة هي تلك الوحدة الوطنية التي تقوم بين الجبهتين".