مثلما لم يأت علي سالم البيض بجديد من قبل، كذلك لم يأت هذه المرّة بجديد على تخبطه المعهود ونرجسيته التي شهد له بها الأحبة قبل المختلفين معه في التوجه أو الفكر والمزاج. فها هو علي سالم البيض الذي تسلّق على شعارات، والحداثة، والفكر الثوري، ومزاعم التقدمية البلوريتاريا وحكم الشعب.. يعود إلى عرجونه القديم.. ويكشف عن ضيق أفقه وقصر رؤيته التي لا تتعدى سقف قدمه..؟ هاهو يكفر بالوطن والشعب والجماهير وشعارات التقدمية والبلوريتاريا ويعلن تأييده لحفنة الرجعية، التي تطمح بإعادة عجلة التاريخ إلى ما قبل نصف قرن، والعودة بالشعب إلى عهود تقبيل الرؤوس والأيادي والأقدام. وليس غريباً على البيض وأمثاله (ممّن تعّودوا الارتماء في كل حضن)، أن نجده اليوم مرتميّاً بكل ثقله في أحضان حفنة مرتزقة مثله، بصرف النظر عن اختلاف الأيديولوجيات المعلنة لكل طرف.. فأمثال البيض لا أيديولوجية يمكن احتسابه على معتنقيها، ولا مبدأ يمكن تذكيره بالسير عليه، ولا قيمة إنسانية نبيلة يمكن تأنيبه على أنه حملها ذات يوم..! فالبيض هو ذلك الركام من الشطحات النرجسية العبثية التي كان (ولا يزال، وسيظل) يتمثلها في حله وتر حاله.. ولا عزاء لمن خدعتهم الشعارات..