ما إن يزور المرء مخيمات المعتصمين في جولة جامعة صنعاء إلا ويعتريه الكثير من الذهول والدهشة معاً.. مفادهما كثرة المسميات للحركات في المخيم، مثل حركة 3 نوفمبر وحركة الأحرار وحركة الصوت الحر وحركة ثورة شعب و.... و...وغيرها من الحركات التي تدعي أنها ثورية. هل فكر الناس بتداعيات هذه الحركات مستقبلاً؟!!.. لا شك أن كل حركة ستدعي أحقيتها في الثورة لو قدر الله ونسأل الله اللطف.. نعم الكل يريد أن يجني ثمار مشاركته في هذه الثورة، خاصة إذا ما علمنا أن من يقف وراء هذه الحركات لهم علاقة بأحزاب دينية متطرفة، تريد أن تستحوذ على النصيب الأوفر من الكعكة. وهذه الأحزاب الدينية ترى أن ما يحدث في عموم البلاد العربية من ثورات شعبية ضد الأنظمة الحالية بداية الاتجاه الصحيح صوب الخلافة الإسلامية، التي بشر عنها الرسول عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث المروية عنه، وعلى هذا تنسج الحركات الإسلامية أحلامها بعودة هذه الخلافة، وتعمل على تمهيد الطريق إليها مهما كانت النتائج فادحة، فالغاية تبرر الوسيلة وفقا لمنظورها. إنها الخلافة إذا!!.. ولا شك أن الطريق إليها ليس مفروشاً بالورود.. ولا بد من التضحية بالمال والنفس، هذا ما ألمح به الشيخ عبدالمجيد الزنداني في كلمته للمعتصمين بحي الجامعة الجديدة، وهكذا زينت له نفسه الأمارة بالعنف والاقتتال في سبيل الوصول إلى خلافة إسلامية راشدة كما يقول.. غير أننا نقول لشيخنا الفاضل: اتق الله في الوطن.. اتق الله في الشباب الذين يحملون لك كل الحب والتقدير بصفتك عالم دين لا بصفتك عالم سياسة. كان الأحرى بك أن ترشدهم إلى طريق الخير.. تلك الطريق الآمنة من أعمال العنف والفوضى والفتنة. إن الفتنة تطل برأسها على بلادنا وهي بمثابة نار هادئة، وهناك من يسعى لإشعالها أكثر لتأتي على الأخضر واليابس.. لا أحد يعرف حجم المعاناة وفداحتها إذا ما أخطأ الساسة والمثقفون ورجال الدين طريق الحكمة في احتواء الأزمة التي تعيشها بلادنا -وأملنا أن تتوافق الجهود الصادقة من كل الأطراف، وتغلب مصلحة الوطن والأجيال القادمة على المصالح الشخصية والحزبية - ناهيك عن الأحلام التي تراود البعض بأن هناك خلافة إسلامية في الطريق إلينا. يرى بعض المحللين للشارع اليمني أن كلا من النظام الحالي وأنصاره من جهة وأحزاب المعارضة وشركائها من جهة أخرى يمارسون سياسة عض الأصبع، إلا أنهم يؤكدون السؤال المر والأكثر فضولاً: من سيصرخ أولاً؟.. ونحن نتمنى ألا يصرخ أحد، وأن يكون الجميع متوافقين في مجتمع تسوده المحبة والإخاء، بحيث يكون الهم الوحيد هو كيفية بناء الوطن والإنسان في يمننا الحبيب..