العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    كيف طوّر الحوثيون تكتيكاتهم القتالية في البحر الأحمر.. تقرير مصري يكشف خفايا وأسرار العمليات الحوثية ضد السفن    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركات الإسلامية وأثرها في الاستقرار السياسي
نشر في عدن أون لاين يوم 14 - 07 - 2011


عبدالوهاب الأفندي، وآخرون
-عدد الصفحات: 235
-الطبعة: الأولى
-الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي 2002
عرض/ إبراهيم غرايبة
يعرف عبد الوهاب الأفندي مصطلح "الحركة الإسلامية" بأنه يطلق على الحركات التي تنشط في الساحة السياسية، وتنادي بتطبيق الإسلام وشرائعه في الحياة العامة والخاصة، وهي تسمية أطلقتها الحركات الإسلامية على نفسها.
وتسمى أيضا حركات "الإسلام السياسي" و"الأصولية الإسلامية" ترجمة للمصطلح الإنجليزي Fundamentalism، ولا تطلق التسمية على الجماعات الإسلامية التي لا تنشط في المجال السياسي مثل الصوفية ولا الأحزاب التقليدية ذات الخلفية الإسلامية مثل حزب الاستقلال المغربي وحزب الأمة السوداني والرابطة الإسلامية في باكستان، كما لا يطلق على حكومات تطبق الشريعة الإسلامية مثل المملكة العربية السعودية، ولا يشمل الأحزاب والحركات الإيرانية بل يغلب عليها تسمية الإصلاحيين والمحافظين، (ويشمل هذا التعريف جماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية والجماعة الإسلامية في باكستان وحزب الرفاه في تركيا وجماعة العدل والإحسان في المغرب والجبهة الإسلامية القومية في السودان، كما يشمل أيضا الجماعات الأكثر تطرفا وعنفا مثل الجهاد في مصر وجبهة الإنقاذ الإسلامي في الجزائر).
تتميز هذه الحركات بحداثتها، فهي نشأت في كنف الحداثة واستجابة لتحدياتها، وهي أيضا إسلامية بمعنى أنها اختارت استجابة لتحديات الحداثة المرجعية الإسلامية.
وخلاصة التعريف بالحركات الإسلامية أنها تلك الحركات التي تؤمن بشمول الإسلام لكل نواحي الحياة وتتصدى لقيادة ما تراه جهدا لازما لإعادة تأكيد الأعداء.
محاولات الاستئثار بصفة الإسلامية لا تعني بالضرورة أن تنفي الحركات الإسلامية هذه الصفة عن غيرها مثلما لا يستتبع أن تتسمى حركة بالديمقراطية أو الاشتراكية أنها لا ترى غيرها ديمقراطيا أو اشتراكيا
قيادة أخلاقية
وبذلك تدعي هذه الحركات لنفسها دور القيادة الأخلاقية للمجتمع، متحدية بذلك القيادات السياسية والدينية التقليدية معا، وهذا دور هيأته لها ظروف النشأة بما أوجدته من فراغ في هذا المجال وما هيأته الظروف المحيطة من فرص وإمكانات، فلا يكفي أن يطلق المرء دعوى القيادة الأخلاقية أو التحدث باسم الدين لكي يتحقق له ذلك، ولكن ما يحدد فاعلية الدور من عدمها هي الاستجابة التي تلقاها هذه الدعوة، وهي استجابة تعتمد أولا على مصداقية الدعوة والداعي، ولكنها قد تعتمد أيضا على ظروف وملابسات عدة.
وبالقدر نفسه فإن تصدي هذه الحركات لهذا الدور ومحاولاتها الاستئثار بصفة الإسلامية لا تعني بالضرورة أنها تنفي هذه الصفة عن غيرها مثلما لا يستتبع أن تتسمى حركة بالديمقراطية أو الاشتراكية أنها لا ترى غيرها ديمقراطيا أو اشتراكيا، فهذا من باب التنافس على الرموز والمعاني المشتركة في المجتمع والسعي إلى تمييز النفس ببعض دلالاتها، فعلى سبيل المثال نجد المعتزلة تسموا ب"أهل العدل والتوحيد"، والشيعة انتسبوا إلى آل البيت، مع أنه لا يوجد مسلم يجادل في توحيد الله وعدله، كما انه لا تكاد توجد طائفة بين المسلمين لا تنحاز إلى أهل بيت رسول الله أو لا ترى وجوب محبتهم.
بدأت الحركات الإسلامية هامشية في مجتعاتها، ولكنها تطورت وأصبحت مؤثرة وفاعلة في المجتمعات وبقيت عضويتها غالبا في الطبقة الوسطى وسكان المدن ولم تكسب قطاعا ذا شأن من كبار الملاك ورجال الأعمال، وبدأت في شبه القارة الهندية في الطبقة الوسطى واتخذت توجها صفويا حافظت عليه مما جعل أثرها الشعبي محدودا.
نشأت الحركة الإسلامية رد فعل على أزمة أرادت الخروج منها وانتهت إلى أزمة خلقتها هي بوجودها وعجزها عن تحقيق الحسم ولكنه فشل تقع مسؤوليته على الأمة كلها
فشل في الوصول للحكم
ولم تتمكن الحركة الإسلامية رغم تنامي شعبيتها من الوصول إلى الحكم في أي بلد عربي أو إسلامي (مع استثناءات قليلة)، وقد تحقق لبعضها مشاركة في الحكم مثل الأردن والجزائر وتركيا واليمن والكويت وماليزيا وباكستان والسودان في السبعينيات والثمانينيات أو دخول البرلمان في مصر ولبنان والجزائر وسوريا في الخمسينيات والستينيات، ولم تتطور المشاركة إلى دور أكثر فاعلية في الحكم، وتعتبر السودان هي الحالة الوحيدة التي وصلت فيها حركة إسلامية حديثة إلى السلطة ولكنها وصلت إليها بانقلاب وليس بسند شعبي (لا يلاحظ الباحث تجربة حزب الرفاه في تركيا عام 1996).
ونشأت الحركة الإسلامية رد فعل على أزمة أرادت الخروج منها وانتهت إلى أزمة خلقتها هي بوجودها وعجزها عن تحقيق الحسم ولكنه فشل تقع مسؤوليته على الأمة كلها.
تعكس الحركات الإسلامية واقع مجتمعاتها من حيث هي نتاج لتأثير الحداثة في هذه المجتمعات أولا، وتعبير عن بنية هذه المجتمعات، ولهذه الحركات جذور فكرية وتاريخية تستند إلى مفاهيم عقائدية في الإسلام، وتنتسب إلى تراث حركات تاريخية وفكرية مازالت تتمتع بنفوذ وقبول، والظاهرة تتعلق بالمجمتعات المعنية كونها متأثرة بالعقيدة الإسلامية، وليس بكونها تعاني من مشكلات عارضة، فالأزمات التي تعانيها الحركات الإسلامية لم تنهها بخلاف الحركات الفاشية أو الشيوعية على سبيل المثال، بل إنها لم تخلف أثرا بعد زوالها وتجاوزتها المجتمعات التي كانت تحت هيمنتها، أما في البلدان الإسلامية فإننا نجد حتى في البلدان التي تعتبر فيها هذه الحركات أصغر أثرا فإن الحكومات والجهات المهيمنة تتصرف كما لو كانت تلك الحركات هي المهيمنة في البلاد بينما الحكومات هي المعارضة التي تجاهد لتتحرر من قبضة هذه الحركات، فالأزمة عامة تواجهها الأنظمة العلمانية والتي تصف نفسها بأنها تتمسك بالشريعة الإسلامية وتواجهها أيضا الحركات الإسلامية.
حنفي والإسلام السياسي
لقد كان الدين باستمرار وسيلة للتغيير الاجتماعي والسياسي والثقافي وحركة اجتماعية تعبر عن قوى اجتماعية مضطهدة أو مهمشة في المجتمع ضد قوى التسلط والطغيان، وكان الدين أداة لتحرير الشعوب مثل تحرير اليهود من قبضة فرعون، وكان وسيلة لجمع القبائل وتأليفها كما في الجزيرة العربية. فمقولة (لا دين في السياسية ولا سياسة في الدين )هي قول سياسي تطلقه الأنظمة السياسية لتفعل ما تشاء طبقا لمصلحة النخبة السياسية دون مراعاة لشريعة أو قانون.
وقد نشأ علم الكلام نشأة سياسية حول موضوع الخلافة والحكم، ونشأ التصوف سياسيا كرد فعل على التكالب على الدنيا وحياة البذخ والترف، ونشأ علم أصول الفقه نشأة اجتماعية للتعامل مع الوقائع الجديدة، ونشأت علوم الحكمة بفضل الدولة في عهد الخليفة العباسي المأمون، وكانت علوم الفقه والحديث والتفسير والسيرة والفقه بدوافع اجتماعية وسياسية أيضا، وقد ظهرت السيرة السياسية واضحة في السيرة المعاصرة في "كتابي حياة محمد" و"في منزل الوحي" لمحمد حسين هيكل، وكذلك في "على هامش السيرة" لطه حسين، والسيرة الاشتراكية في كتاب "محمد رسول الله" لعبد الرحمن الشرقاوي، والسيرة السياسية في كتاب "فترة التكوين في حياة الصادق الأمين" لخليل عبد الكريم.
الإصلاح الديني والسياسة
ونشأ الإصلاح الديني بدافع سياسي تمثل في ضعف الخلافة العثمانية واحتلال أراضي الأمة وتجزئتها وتخلفها عن المدنية الحديثة، وكان أكبر ممثل للإسلام السياسي رائد الحركة الإسلامية الحديثة جمال الدين الأفغاني الذي صاغ الإسلام السياسي، الإسلام في مواجهة الاستعمار والقهر ومن أجل تحرير أراضي المسلمين وحريتهم.
وكانت الحركة الوطنية في مصر منذ محمد عبده ومصطفى كامل مرتبطة بالإسلام السياسي، كما أن الأفغاني هو الذي صاغ وحدة وادي النيل ووحدة مصر والسودان، وفي المغرب العربي ارتبطت الحركة الوطنية بالإصلاح الديني، علال الفاسي مؤسس حزب الاستقلال في المغرب، ومالك بن نبي وبن باديس في الجزئر، والفاضل والطاهر بن عاشور والثعالبي في تونس، والسنوسيين وعمر المختار في ليبيا، وفي سورية عبد الرحمن الكواكبي، والمهدية في السودان، والقسام والحسيني ثم حركتا حماس والجهاد في فلسطين.
وكان حسن البنا تلميذ محمد رشيد رضا تلميذ محمد عبده تلميذ جمال الدين الأفغاني قد أنشأ جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت أقوى التنظيمات الإسلامية في مصر والوطن العربي، ودخل الإخوان في أتون العمل الوطني وشاركوا في حرب فلسطين عام 1948 وعارضوا النظام الإقطاعي الاستبدادي للإنجليز والقصر وأحزاب الأقلية.
جدل الشرعية واللاشرعية
ثمة أربعة أنماط للعلاقة بين النظم السياسية والحركات الإسلامية، الأول هو البرلماني الذي يسمح بشرعية الحركات الإسلامية ويعتبرها جزءا من النظام السياسي أو إحدى فصائل المعارضة مثل لبنان، والنمط الثانيوالنمط الثالث يحظر الحركات الإسلامية بقوة كما في مصر وسوريا والعراق وليبيا والسعودية وعمان، والنمط الرابع قائم على التوتر والصراع المسلح كما في السودان والجزائر. يسمح للحركة الإسلامية بالعمل طبقا لذكاء عملي لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي وتحقيق أمن الدولة كما في الأردن والمغرب واليمن والكويت،
إن دمج الحركة الإسلامية في نظام سياسي ديمقراطي تشارك فيه أو تكون معارضة شرعية هو الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبغير ذلك فإن الدول تدفع بنفسها إلى الصراع والحروب الأهلية.
التطرف.. الأسباب والدوافع
يرى عماد الدين شاهين أن الحركة الإسلامية دخلت في طور التعددية منذ فترة بعيدة، وصار الحديث الآن عن الحركة الإسلامية ما بعد السياسة وأصبحت هذه الحركات تشكل جزءا مهما من الشريحة السياسية والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، ولا تمثل مجموعات العنف والتطرف سوى شريحة صغيرة وهامشية داخل الحركة الإسلامية والتيار الإصلاحي العام.
والتطرف ليس مقصورا على الحركات الإسلامية وحدها، فهناك التطرف العلماني والتطرف الحكومي الرسمي في السياسات والإجراءات والمواقف ومعاداة الدين واستخدام مفرط للعنف ضد المخالفين السياسيين.
ويجب التمييز بين العنف والتطرف، فقد يكون التطرف فكريا غير مرتبط بالعنف وقد يكون بعض التطرف مطلوبا للالتزام الأيديولوجي وزيادة الفاعلية والقدرة على التأثير، ويجب التفرقة بين العنف كأسلوب طارئ قد تستدعيه ظروف معينة وكونه جزءا من فكر الحركة وأيديولوجيتها المنظمة.
ويرجع العديد من المحللين جذور التطرف الديني إلى فكر سيد قطب وحكمه بارتداد المجتمع عن الإسلام وتردي هذا المجتمع في الجاهلية لرفضه حاكمية الله، واستخدمت فئة من الشباب هذه الفكرة أساسا لتغيير الواقع ورفضه والعمل على تغييره بالقوة.
وبرغم تنامي الحركة الإسلامية فإن واقع الخريطة السياسية للدول العربية والإسلامية لا يعكس هذا الحجم والحضور الشعبي، فتسعى الأنظمة السياسية إلى تجاهل الحركات الإسلامية وتهميشها مما يؤدي إلى صراع وعنف متبادل وحالة خلل وعدم استقرار.
وإذا كان اتجاه الحركة الإسلامية إلى الاعتدال يمثل رغبة حقيقية وجادة فإن ذلك يعتمد على النظم السياسية والمجتمعات إضافة إلى الحركات الإسلامية نفسها.
الحركات الإسلامية والديمقراطية
يحاول حمد الموصلي في هذا البحث الإجابة عن سؤالين، الأول يتعلق بالظروف المفضية بالفكر الأصولي إلى التحول إما إلى خطاب معتدل وإما متشدد، والثاني عن تأثير السياسات القمعية للدولة وللنظام العالمي في نشأة وتبلور الفكر الإسلامي المتشدد المهدد للاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
ويصنف الباحث الحركات الإسلامية حسب رؤيتها لمفاهيم الديمقراطية والتعددية السياسية من خلال الممارسات الفعلية التي قامت بها الحركات الإسلامية، ويحاول الإجابة على أسئلة، مثل هل تتبنى الحركات الإسلامية الديمقراطية بالفعل أم بصفتها وسيلة سلمية وبراغماتية للوصول إلى الحكم؟ وهل المشاركة السياسية في الأنظمة السياسية القائمة تعني أنها الخطوة الأولى من أجل الوصول إلى الحكم ومن ثم الانقلاب على الديمقراطية الليبرالية كما تم الترويج لها؟ وهل لهذه الأفكار مرجعية دينية؟ وهل ستؤدي المشاركة السياسية للحركات الإسلامية إلى الاستقرار أم الاستعداء والاستقطاب؟.\ويرى الباحث أن التيار المعتدل وهو الغالب في الحركة الإسلامية يطالب بالديمقراطية ويقبل بها، ويلاحظ أن بعض الدول تحاول إدخال هذا التيار قسرا في العنف لإبعاده عن الحياة السياسية وللحفاظ على مصالح النخبة الحاكمة.
الإسلاميون والاستقرار السياسي
إن أهم التساؤلات التي يحاول الباحث فواز جرجس الإجابة عليها هي هل تبادر النظم السياسية العربية إلى فك حالة الاشتباك القائمة مع الحركات الإسلامية وتسعى إلى استيعابها واستخدامها في عملية النهوض الوطنية أم أنها ستبقي الوضع على ما هو عليه والمتمثل في القمع السياسي وانتهاك حقوق الإنسان وكبت الحريات؟.
إن القيادات الإسلامية تحاول جديا إعادة صياغة المشروع الإسلامي على أسس جديدة تعتمد على المشاركة السياسية السلمية ورفض العنف، وتحاول تأصيل فكر فقهي ونظري من أجل تشكيل الأحزاب السياسية والتعددية، ولا يبدو حتى الآن أن النظم السياسية القائمة تملك الرؤية الإستراتيجية بعيدة المدى التي تأخذ المعطيات الجديدة بالاعتبار وتبني مواقفها وأفكارها على أساس المواجهة فقط، ولكن هل تملك الحركات الإسلامية مشروعا نهضويا يقدم تغييرا حقيقيا ويختلف عن برامج الحركات الاجتماعية القائمة؟.
الإسلاميون والمتغيرات الدولية
بلغ تجذر الحركات الإسلامية في الواقع العربي حدا لا يمكن معه تصور اختفائها أو تراجع تأثيرها في المدى المنظور، وقد شهد العقد الأخير انفتاح الفكر الإسلامي الإحيائي الذي تحمله الحركات الإسلامية على كثير من المتغيرات المتضاربة، وهناك مخاض زاخر تخوض الحركات الإسلامية غماره باعتبارها جزءا قويا وواسعا من المشهد العربي والإسلامي والسياقات المتغيرة لعالم اليوم تضغط على تلك الحركات كما على سائر الفئات الثقافية والسياسية.
ويستشهد بنصين، أولهما للفقيه السوري المعروف وهبة الزحيلي، والثاني بيان صادر عن الإخوان المسلمين السوريين في 4/5/2001. في النص الأول مازال الزحيلي المقيم في دمشق يتحفظ على الديمقراطية مستندا في ذلك على قراءته لكتاب محمد ضياء الريس "النظريات السياسية الإسلامية" الصادر عام 1974 وتحفظاته هي أن الديمقراطية تقترن بفكرة القومية وأنها دنيوية بحتة وأن سلطة الأمة فيها مطلقة. بينما يرى الإخوان المسلمون السوريون في بيانهم الصادر من لندن أنه ليس من حق أحد ادعاء تمثيل الوطن أو الأمة بمفرده سواء كان فردا أم حزبا، ولذلك فإن الجماعة تدعو لحوار وطني ولتعددية حزبية مستندة إلى الدستور والعمل الحر والديمقراطي، وتؤمن الجماعة بأن الانتماء الإسلامي لا يتناقض مع الانتماء العربي للسوريين ولن يكون داعية تفرقة أو تمييز، وهم يريدون العمل مع سائر الفرقاء على بناء دولة حديثة ذات صيغة تعاقدية يسود فيها فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات والتعددية السياسية الحزبية ونبذ العنف من العمل السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.