في وضع موقف المشترك في الأزمة القائمة واصطفاف المظاهرات "مع وضد" فإنني أعرف وأعي تأثير طرح داخلي وخارجي لاستمرار الرئيس صالح أكثر من ثلاثة عقود بما يتجاوز الواقع وواقعية الوعي به. بالنسبة إذا الخيار يتم من خلال صناديق الاقتراع بما يعني احتياجي لمعرفة من هو المنافس أو المنافسون لعلي عبدالله صالح لأمارس المفاضلة والوصول لقرار اختيار. أما حين مجيء متغير ما تعرف ب"ثورات الشباب" فإنني معها كتغيير في الواقع للأفضل أو كتغيير ببديل أفضلية بالنسبة للنظام، أما أن يكون التغيير هو إسقاط حاكم أو نظام دون تقديم بديل تغيير يوقف في أفضلية فذلك ما لست معه!. إذا التغيير الذي يطرح خطابه وإيقاعه "الرحيل" سيؤدي إلى فوضى ومكارثية بأي قدر، فذلك ما أرفضه ولن أقبل به بأقصى مستطاع. في عام 2000م كان الأستاذ محمد القاضي والشيخ حسين الأحمر والشيخ أحمد العيسي في صف أو اصطفاف، فيما شخصي في الاصطفاف المقابل خلال انتخابات اتحاد كرة القدم. أساس خياري أو قناعتي في ذلك الاصطفاف حقيقة هو عدم قناعتي بأفضلية البديل، وليس مجرد وقوف أو موقف مع صديقي العزيز المرحوم الأستاذ علي الأشول، وبعد أكثر من عقد تولى الثلاثة في الاصطفاف الآخر فإنني أقبل قياس الأفضلية ومن واقع ووقائع أداء من كنت في اصطفافه مع البدائل التي قدمتها انتخابات 2000م، بما في ذلك حقائق الفساد داخل هذا الاتحاد أو المؤسسة، وحيث هؤلاء في اصطفاف اليوم باتوا ثواراً ويحاربون الفساد. في الأزمة الحالية القائمة والأكبر في البلد فلم يعد أساس موقفي هو أفضلية الرئيس صالح أو عدم وجود أفضلية لدى الآخر، لأن وضع الأزمة قد يجعل بديلاً حتى أقل أفضلية تحت مخارج من أزمة وكأفضلية للبلد. أساس موقفي هو رفض الفوضى والقتال والدمار.. ودمار بعد الرحيل. سيرد بالقول المعتاد: ألا يوجد في اليمن غير علي عبدالله صالح؟!!.. وماذا يكون الحال لو توفى فجأة؟!!.. التسليم السلمي الذي يكتسب صيغة أو تصويغ توافق دستوري وواقعي هو الضمان الوحيد لعدم حدوث الفوضى والصراع والدمار والدماء. إذاً فنحن مع التغيير وحتى مع الرحيل ولكن بما يعطي ويحقق ضمانات عدم حدوث فوضى ودماء ودمار وتمزق وشرذمة، وهذا هو الحد الأدنى لاستحقاق ما نعيشه كواقع ونعايشه كوقائع واستحقاق لما يسلم به غالبية أبناء اليمن كوعي وواقع. الشيوعية كانت شرط الوحدة لتفرض بالقوة والتخلي عن الشيوعية كان شرط تحققها سلمياً، فالمتغير الشمولي والصراعي هو الذي يملي شروطه كطرف في التغيير، ويستعمل القوة أو عنفها وعنفوانها في التغيير، فيما التغيير السلمي والديمقراطي أكان متغير نظام أقليمي أو دولي هو الذي توفر سلميته السلام وتتجسد ديمقراطيته في الوئام!!. خلط السلمية بعنفوان التثوير وعنف الثورات هو كما خلط الأسلمة كإسلام أميركياً وغربياً بتثوير وتصدير الثورة إلى أفغانستان. أميركا والغرب نجحت في تخليق ثورة أسلمة من الشرق للتصدير للشرق في الحالة الأفغانية، والثورة كانت إرادة المنطقة وشعوبها، فيما الغرب استنفر هذه الإرادة وعبأها أو دعمها، وثورات الشباب ليست معزولة ولا مقطوعة الصلة بإرادة أميركا والغرب. أميركا والغرب بات ثقل النظام الدولي في المنطقة منذ توقيع أول اتفاق سلام مع إسرائيل، وهو من كان يوجه بمواجهة ومنع خطر تصدير ثورة إسلامية أو بتصدير ثورة إسلامية، ومن يحدد جهة الخطر على المنطقة حتى الوصول إلى تحالف دولي لمواجهة خطر الإرهاب. بالرغم من كل هذه التجارب فكل الشعوب وبمنتهى وأعلى مصداقية لحسن النوايا مقتنعة بأنها كانت بحاجة لهذا المتغير والتغيير لوضع أنظمة، إما تآكلت أو تعجرفت بأي قدر، ولكن بشرط امتلاك مرونات واعية تراعي واقع كل شعب وتتعامل معه بواقعية. الإرهاب ليس نبعه وجود أو استعمال وسائل العنف، ولكن التطرف الموقفي اللا واعي واللا واقعي هو نبع ومنابع، وأي متغير سلمي وتغيير حضاري لا يفترض أن يتطرف مواقفياً كما الإرهاب، وإلا تصبح ثورات المتغير والتغيير هي تفعيل للإرهاب تحت شعار السلمية وغطاء وتأثير إعلام النظام الدولي الجديد. حين محاولة إرجاع حاكم قطر الأب وفرض عودته بالقوة وإقصاء نجله المنقلب عليه، كان المستحيل مجرد التفكير بأن قطر ستصبح قوة تهدد استقرار نظام كما المصري، فهذا النظام الأقليمي كان يفكر كما الاستعمار القديم في العدوان الثلاثي على مصر، ولم يهتم بتطورات قوة عالمية أو تطورات عالمية. إسرائيل بمفردها هزمت لاحقاً مصر وأغلقت قناة السويس بدعم أميركا، وكذلك "الجزيرة" في قطر صنعت ومارست الدور الأهم في إسقاط نظام ثقل كما مصر. لقد تعلمت أميركا الانتصار أو إسقاط أنظمة بأخطائها وبرأس حربة أكان الخميني أو "الجزيرة" وبأي تدوير أو تدويل أو تثوير أو تدمير. حين أتأمل في الشوارع المحاذية للجامعة بصنعاء والتي تسمى "ساحة التغيير" تتباوب التقاطات التثوير والثورة بين الخمينية الكاسحة والطالبانية الزاحفة فأية سلمية أو ديمقراطية يدعمها ويؤيدها الغرب لبلد مثل اليمن في الشرق؟ غالبية شعبية هي أكثر بكثير من التي خرجت إلى الشارع تأييداً للنظام هي في يقين إلى حد الإيمان بأن رحيل النظام بالطريقة التي تطرحها المعارضة "المشترك" هي حتمية الدخول في دماء ودمار وبكل تأكيد. وبقاء النظام بالتفاف شعبي متزايد حوله يمثل بديل أفضلية وخيار أفضل للواقع من قتال مفتوح ودمار بلا حدود. ليس فقط "المشترك" بل أميركا والاتحاد الأوربي أطراف معنية بالتفكير إلى أين تدفع بالأمور في اليمن مقارنة بالحالة الليبية، وهي الأطراف التي تتحمل كامل المسؤولية في حالة حدوث ذلك!!.