انقسام حاد تشهده ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء منذ الأسبوع الماضي مصحوباً بحالة من الاحتقان بين طرفين، أحدهما مؤيد لدعوة قيادات في الإخوان المسلمين للزحف إلى القصر الجمهوري والمنشآت الحكومية والآخر رافض.. وبلغت درجة الاحتقان حد الاشتباك بالأسلحة ولأكثر من مرة. وحمل الشباب المعتصمون في ساحة جامعة صنعاء القياديين في الإخوان المسلمين حميد الأحمر وتوكل كرمان وخالد الآنسي، مسؤولية تبعات أحداث الزحف التي جرت مساء الأربعاء الماضي إلى مقر رئاسة الوزراء ومبنى الإذاعة، وآثارها السلبية على ثورة الشباب. وقال عدد من الشباب المستقل لمراسل "الجمهور نت" في ساحة الاعتصام إنهم رفضوا الخروج مع الإخوانية توكل كرمان وزميلها خالد الآنسي للزحف إلى مقر رئاسة الوزراء، مشيرين إلى أن توكل والآنسي لجآ إلى الاستعانة بالفرقة الأولى مدرع ومليشيات جامعة الإيمان للقيام بعملية الزحف. وأكدت مصادر "الجمهور" في ساحة جامعة صنعاء إن الاخوانيين توكل كرمان وخالد الآنسي تقدما مجموعة مسلحة بزي مدني من عناصر الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان، يصل عددهم ألفي عنصر اتجهت عصر الأربعاء إلى مقر رئاسة الوزراء وإذاعة صنعاء لاقتحامهما بالقوة. وأوضحت المصادر أن توكل كرمان قامت بالتنسيق مع قيادة الفرقة الأولى وجامعة الإيمان للمسيرة المسلحة، الأمر الذي أدى- حسب المصادر- إلى امتناع الشباب المستقلين في ساحة الاعتصام من المشاركة في المسيرة، أو الدعوة لها أو حتى مباركتها. وقال أحد الشباب الممتنعين عن الخروج: "رفضنا الخروج لأننا لا نريد مواجهة مع رجال الأمن والجيش".. مشيراً إلى ان الترتيب بهذا التصعيد الذي أسموه "بالحاسم" لإسقاط النظام يتم الإعداد له منذ أيام. وأضاف تلقينا في ساعة متأخر من مساء الثلاثاء رسائل قصيرة من التلفون الخاص بتوكل كرمان.. تدعو فيها إلى الحضور عصر الأربعاء للخروج في مسيرات لم تحدد وجهتها، ونص الرسالة يقول: ستنطلق مسيرتنا الهامة اليوم بعد العصر من ميدان التغيير.. نتمنى حضوركم "توكل كرمان". وأضاف المصدر بأن المسيرة التي كانوا يعتقدون أنها سلمية قد تحولت إلى زحف مسلح لاقتحام مقر مجلس الوزراء وإذاعة صنعاء، وهو ما لقي رفضاً واسعاً في أوساط الشباب المستقل، وأمام هذا الرفض اضطرت توكل والآنسي إلى الاستعانة بجنود الفرقة ومليشيات جامعة الإيمان لتنفيذ الزحف، الذي فشل بجوار مبنى بنك الدم. وبحسب المصادر فإن المسيرة انطلقت من ساحة الاعتصام باتجاه مبنى رئاسة الوزراء والبرنامج العام الأول "إذاعة صنعاء" بغرض اقتحامهما وتخريبهما والعبث بمحتوياتهما، وعندما وصل المشاركون في المسيرة إلى الساحة المقابلة لمبنى بنك الدم بدأوا برشق رجال الأمن وخدمات الإذاعة بمختلف أنواع الأحجار والأقواس الحديدية والخناجر. وأكد شهود عيان قيام مسلحين بإطلاق النار من عمارة بجوار بنك الدم تابعة للشيخ حميد الأحمر ومباني أخرى مجاورة.. مشيرين إلى أن إطلاق النار كان بشكل عشوائي باتجاه المتظاهرين ورجال الأمن. وقال أحد الشباب المشاركين في المسيرة إن توكل كرمان وخالد الآنسي اللذين قادا المسيرة فرا هاربين أثناء المواجهات أمام بنك الدم، وعادا إلى الساحة وتركا الشباب يواجهون مصيرهم. مشيراً إلى أن سيارات الإسعاف أيضا منعت من الدخول إلى الساحة بحجة وجود مندسين من خارج ساحة الاعتصام. وأفادت مصادر "الجمهور" ان توكل حين عادت إلى الساحة بصحبة الآنسي وغيره من الإخوان المسلمين صاحت في المعتصمين "أغيثوا إخوانكم".. فرفض الشباب المعتصمون وتشاجروا معها وحملوها مسؤولية ما حدث للمسيرة، فيما تطور الشجار مع العناصر التي فرت مع توكل إلى اشتباك بالأيدي والعصي. وشهدت ساحة التغيير قبل عملية الزحف مهاترات لسانية شديدة بين المؤيدين للزحف، يتزعمهم القياديان في الإخوان المسلمين توكل كرمان وخالد الآنسي وبقية شباب الساحة المعارضين للزحف.. كما رفضت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الزحف وأصدرت بياناً عشية الأربعاء دعت فيه إلى عدم الالتفات إلى دعوات انفعالية أو فردية للزحف. وقال شهود عيان من شباب الساحة إن توكل كرمان هاجمت بيان اللجنة التنظيمية وقالت (إن اللجنة لا تمثل سوى نفسها).. وأضاف شهود عيان أن كرمان اعتلت منصة ساحة التغيير ونادت على الشباب: "اللي مع توكل يخرجون إلى هنا.. واللي مع الأحزاب الفاشلة يخرجون هنا".. مشيرة بكلتا يديها إلى اليمين واليسار.. وقال قيادي في المشترك تعليقاً على المسيرة التي قادتها توكل والآنسي: "يجب أن يحاسب من انفرد بقرار التوجه إلى مقر رئاسة الوزراء، ويحاسب أيضا من تهاون في إنقاذهم).. فيما اتهم الشباب توكل كرمان والإخوان المسلمين بأنهم يسعون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية عبر المزيد من الجثث والدم ودموع الأمهات.. وفي هذا الصدد قالت الأستاذة أروى عثمان: "ينبغي أن يحاسب كل من قاد الشباب لمحارق الموت سواء هذه المرة أو محارق سابقة.. في كل واقعة منذ بدء خروج الناس إلى الشارع يحدث نفس السيناريو، يرمى بالشباب إلى الموت، القيادة تختفي، تلفونات القيادة التي أودت بالناس إلى أكثر من مصيدة تغلق، تحدث المجزرة، تصعد القيادة إلى المنصة وتهتف (كلما زدنا شهيدا)". وأضافت أروى عثمان في صفحتها عبر الفيس بوك قائلة: "البعض يفترش طريق نجوميته بجماجم الشباب.. بلا شك ليس لدى هؤلاء ذرة من ضمير". مشددة على ضرورة عدم السكوت على ما يفعله البعض بفلذات كبد هذا البلد حين يفرشون طريق نجوميتهم بمزيد من الجثث والدم ودموع الأمهات. وأضافت: "عشرات الشهادات تقول إن هؤلاء منذ اليوم الأول يفرون قبل كل شيء ويتركون الناس يواجهون الموت والرصاص والقنابل المسيلة للدموع.. يدفع الشباب إلى هذه المحارق بلا خطط ولا جدوى ولا اتفاق مسبق، بل بنزوات شخصية ونزق فردي وقرارات لها علاقة بذوات صنمية، بدأت مبكراً تتقمص دور القائد الفرد صاحب الصلاحيات المطلقة الذي يقول للجميع، كن فيكون".