حتما سيأتي يوم يحكى فيه تاريخ الحراك التحرري الجنوبي بموضوعية, لأن أحداثه قد وقعت ويمكن إخفاؤها أو القفز عليها لكن يصعب التأثير عليها وتطويعها.. وكون الأمر كذلك أقول: متى وأين بدأ التصالح والتسامح كفكرة؟!!..المشاع المتعارف عليه انه بدأ في 13 يناير2006م بجمعية أبناء ردفان الخيرية بعدن, ويتفق الجميع أن حرب صيف 94م أيقظت الروح الوطنية الجنوبية التي كاد خيار "اليمننة" يغيبها بحماسة ثورية.. وشهادة للتاريخ روح المقاومة بدأت مع أول محاولات القوات الشمالية فرض احتلالها, وتبلورت بشكل واعٍ ومنظم بكتابات احتضنتها صدر صفحات صحف "الثوري", "التجمع" "الوحدوي", "الشورى", "الأمة", "الفرسان", "الطريق", "الأيام" .. الخ. نضوج الظروف الموضوعية والذاتية دفعتنا مع الشهيد أحمد محمد القمع وعباس العسل بعد فشل حركة (ارحلوا) بسبب خلافات أصحاب الفكرة وعدم استيعابها لحركة النضال التحرري الجنوبي للبحث عن أسباب هزيمة الجيش الجنوبي، رغم انتصاراته بحروب 72م , 79م, فتوحدت الرؤية في أن غياب الوحدة الوطنية الناتج عن صراعات الماضي أحدثت تشرخات في جدار الوحدة الوطنية الجنوبية، نفذت منه القوات الشمالية لتحقيق انتصارها.. نضوج حركة المقاومة هو من أبدع الحاجة للتصالح والتسامح الجنوبي/ الجنوبي لترميم الوحدة الوطنية, لذلك جاء اختيار يوم 27 إبريل 2006م موعداً لملتقى أبين للتصالح والتسامح من قبل مؤسسيه الشهيد القمع, والعسل والدكتور عبد الرحمن الوالي, وأمين صالح, والدكتور عبده المعطري.. الخ, مع دور قيادي متميز للأخ المناضل اللواء السفير أحمد عبد الله الحسني أمين عام "تاج"، والمناضل الجسور العميد ناصر النوبة، وتحت رعاية الرئيس علي ناصر محمد الموجه المرجعي للعبد لله كرد فعل واعٍ وناضج على الحرب, لذلك – بموضوعية- فإن ملتقى أبين يمثل الانطلاقة الواعية الحقيقية لحركة التصالح والتسامح والتي انطلقت منه إلى كل الجنوب. إبداع تلك المرحلة كان رؤية صائبة, بعدها انطلق الحراك التحرري بقوة في ساحة العروض-خور مكسر في 7/7/2007م استذكاراً وحنيناً للهوية التي تمثلها تلك الساحة، التي كان يستعرض فيها الشموخ الوطني قوته في أعيادنا القومية 14 أكتوبر و30 نوفمبر.. عدم استيعاب حقيقة (الحراك) كحركة تحرر وطني من قبل العامة والنخب المرتبطة بالرجعية السعودية أعاق حركة التصالح والتسامح وحصرها في إطار نخبوي غير قادر على تحديد إن كانت ماهية (القضية الجنوبية) وتحديد جوهر الصراع مع الآخر, لأن المسألة الجنوبية إن كانت قضية سياسية, أرض, دولة، فيمكن إيجاد حلول لتلك الإشكاليات في إطار الجمهورية اليمنية والقرار الأممي 2014. وإمعاناً في تشويه طبيعة الصراع للالتفاف عليه كصراع هوية يتم توصيفه أحيانا ب"جنوب عربي"، وهو خيار يستوعب في إطار اليمن أيضاً, ولعملية التضليل الواسعة تلك ولأنها هوية تضرب في أعماق التاريخ يصعب إخفاء حقيقتها كأمة حضرمية واحدة من المهرة حتى باب المندب, كان التصالح والتسامح شرطاً لازماً لتحقيق الوحدة الوطنية, كما أن تحديد حقيقة الصراع مع الآخر كصراع هوية شرط لازم للانتصار. *منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن [email protected]