برغم تركيز الجميع في السنوات السابقة على الشقيق الاصغر لولى العهد الامير سلمان بن عبد العزيز وزير الداخلية الامير محمد بن نايف ، إلا إنني كنت اسبح عكس التيار وأنتظر الاخ غير الشقيق لولى العهد ألا وهو الامير مُقرن بن عبد العزيز آل سعود الابن الخامس والثلاثون من الذكور للملك المؤسس . فبعد تولى سمو الامير محمد بن نايف لمنصب وزير الداخلية في نوفمبر2012م ظهر للجميع ان الامير محمد بن نايف بات هو الملك القادم خاصة بعد لقائه بالرئيس باراك اوباما بالبيت الابيض وهي واقعة غير المعتاد حدوثها أن يلتقى رئيس الولاياتالمتحدة بوزير داخلية دولة اخرى ، وهو الامر الذى جعل كل محللين السياسة المهتمين بشؤون المملكة يرسم خطوط العلاقات الامريكية السعودية و مستقبل المملكة على ذلك الاساس بأن الامير محمد بن نايف هو من ستكون له الكلمة العليا بالمملكة في المستقبل خاصة انه في يوليو 2012م ترك الامير مُقرن بن عبد العزيز منصبه كرئيس إدارة الاستخبارات العامة السعودية ليتولى ذلك المنصب بعد ذلك الامير بندر بن سلطان . فهل كان اعلان البيعة لسمو الامير مُقرن في نفس توقيت زيارة اوباما للمملكة التي اعدت له استقبالا فاتراً بكل ما تحمل الكلمة من معنى جاء صدفة ام كان معد لها مسبقاً. فالأمير مُقرن يحظو بثقة كبيرة من خادم الحرمين الشريفين الذي كلفه سابقا بتولي ملفات الصراعات بأفغانستان و باكستان فأصغر ابناء الملك المؤسس يحب القراءة و الثقافة و متطلع على حضارات وثقافات العالم اجمع ويشهد على ذلك مكتبته الضخمة التي تضم كتب و مجلدات من جميع انحاء المعمورة وهو ما جعلة يرأس العديد من المجالس والجمعيات المتخصصة و بعد تخرجه في عام 1964م التحق بالقوات الجوية الملكية السعودية وأكمل مشواره في الطيران بالمملكة المتحدة عام 1968م ، وفي عام 1980 عين أميرًا على منطقة حائل ثم أميرًا لمنطقة المدينةالمنورة عام 1999م كما عين في عام 2012م كمستشار للملك عبد الله و مبعوث خاص له ثم نائب ثاني لرئيس مجلس الوزراء بالعام السابق و هو الامر الذى جعل الجميع يلتفت لسمو الامير مُقرن. والامير مُقرن يستوعب جيدا حجم التحديات الهائلة التي تواجه المملكة العربية السعودية و يدرك ابعاد الصراع الاقليمي في المنطقة. فمن الواضح أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أطال الله في عمره بات يرتب اوراق البيت جيدا وأن ما يفعله اليوم هو تجنيب المملكة أي نزاعات او خلافات داخلية ، قاطعا بذلك كل المحاولات العبثية سواء من الداخل او الخارج التي قد تؤدى الى تفاقم أي نوع من الخلافات بين ابناء الجيل الثالث لمؤسس المملكة و تجلى ذلك واضحا عندما اكد الملك ان قراره لا يجوز تعديله باي حال من الاحوال او تبديله باي صورة كانت ومن اي كائن كان او تسبيب او تأويل , وايضا عندما جاء في البيان الملكي أن يُعين الأمير مُقرن ولياً للعهد وملكاً في حال خلو المنصبين . كما أن المملكة بهذا القرار التاريخي بعثت رسالة للعالم كلة بأن المملكة مستمرة في السير نحو الاستقرار ووجهت رسالة للخصوم و المتربصين بها بأن صقر سلاح الطيران الملكي يحلق فوق رؤوسكم. فذلك البيان الملكي عبر عن السلاسة داخل بيت الحكم و تقديم مصلحة المملكة و شعبها على اى اعتبار آخر ، كما انه جاء لتجديد الدماء في دائرة الحكم وهي ستكون بداية لإتاحة الفرصة لأجيال واعدة في الاسرة لتولى زمام الامور والمشاركة في دوائر السلطة. وأعتقد أنه سيكتمل ذلك مع انتهاء فترة تولى امراء المناطق لمناصبهم وكذلك بعض الحقائب الوزارية , فكل تلك الخطوات تؤكد أن المملكة العربية السعودية تسير نحو الطريق الصحيح . فمع اعلان ترشح المشير عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي لخوض الانتخابات الرئاسية بمصر ومبايعة سمو الامير مُقرن بن عبد العزيز آل سعود اصبح سرب العُقبان و الصقور جاهزا للتحليق. و الله الموفق .