خرج شابان خليجيان في رحلة جوية إلى تركيا حيث يسعدان باحتساء الخمر كما يريدان ولا بأس من العربدة المفتوحة التي لا يستطيعان ممارستها بحرية في بلادهما التي تحظر كل ذلك بكل السبل الموجودة واختارا أن يذهبا لقرية نائية بعيداً عن اسطنبول التي يمكن أن يصادفا فيها من يعرفهما أو يلتقيا بخليجيين وعرب وبعد أن ابتاعا زجاجات وفيرة من الشراب قصدا الفندق الصغير بهذه القرية وحينما رأى موظف الاستقبال جوازي سفرهما فرح وسألهما من أي مدينة بالضبط فأجابا أنهما من المدينة فبادرهما بسعادة (أنتما من المدينةالمنورة.. مدينة رسول الله )!.. ثم دلهما إلى غرفتهما وباشرا بالشرب حتى الساعات الأولى من الفجر فإذا بطارق يدق الباب وقد كانا بنصف سكرتهما.. فتح أحدهما الباب ووجد موظف الاستقبال يقول له ( منذ أن علم زبائن الفندق بوجود مواطنين من المدينة حتى أصروا على أن يؤم أحدكما صلاة الفجر بنا باللغة العربية الصريحة ونحن مشتاقون لذلك.. لا تتأخرا ننتظركما في مصلى الفندق بالبهو)!!.. رجع الشاب مذهولاً إلى صديقه يخبره ما سمع فصمتا غير مصدقين (الورطة) التي حلّت بهما فذهبت السكرة وباتا يفكران بفكرة للخروج من هذا المأزق فإذا بموظف الاستقبال يستعجلهما بأن الحضور بانتظارهما بالأسفل فقال أحدهما (يا هي وهقة والله ماني حافظ غير الفاتحة وقل هو الله أحد.. تحفظ غيرهم)؟!.. أجابه صديقه( وانا مثلك)!.. اغتسلا وخرجا للصلاة ولقيا ترحيباً من المصلين ثم وقف أحدهما مكان الإمام وقالها (الله أكبر) ولتكتمل الصلاة بسلام حتى أقبل المصلون على الشابين يسلمون عليهما وينشدونهما السلام على رسول الله ورغبتهم الصادقة في زيارة بيت الله في مكة والمسجد النبوي بالمدينةالمنورة وقبر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام!.. موقف أثر كثيراً في هذين الشابين اللذين أعلنا توبتهما والتزامهما وإنهما في نعمة كبيرة لولا أضلهما الشيطان عن مسار الحق والهداية… هو موقف لربما تبحثون عن أسباب ذكري له ولِمَ سقته في رمالي ولكني احببت أن تشاركوني جمال هذا الموقف الذي ذكره أحد الشيوخ في أحد دروسه بالمسجد وكم استرسلت في فكري وأنا استعرض في مخيلتي كم شابٍ خليجي انسلخ من جلده وهو لايزال بالطائرة وقبل أن يحط رحاله في البلد الأجنبي المسافر إليه؟!.. كم خليجي رسم في مخيلته فصول مسرحيات فسوقه وضياعه بين أحضان المومسات وكؤوس الشراب المملوءة والرقص والمجون والأموال المهدورة تحت دعوى (خلونا نستانس في شبابنا)؟!.. كم شاب يفكر منذ الآن (بالصيفية) وأين يمكنه أن ينزوي عن أنظار الناس متناسياً وربما متجاهلاً إنه أمام السميع البصير الذي لا تخفى عنه خافية؟!.. كم شاب مارس كل الرذائل وعاد يبحث عن زوجة بها كل الفضائل؟!.. بل ويشترط على والدته وأخواته أن تكون بمواصفات الليدي ديانا بخلاف أن تكون في علاقاتها المشبوهة؟!.. كم شاب بحث عن الكمال في زوجة المستقبل وهو الناقص في دينه وأخلاقه وسلوكه؟!.. وأنا والله استغرب عن الذين يجدون بعد مسيرة طويلة من الفسوق والعصيان عباءة الدين ليمحوا بها تاريخهم الفاسد فينالوا مباركة الأهل والمجتمع واعتبار إن كلّ ما كان منه (طيش شباب لا يؤخذ عليه) بينما تعجز الفتاة التائبة من أن تطلق لحية طويلة لتثبت هي الأخرى تدينها وتوبتها وتطلب بذلك مغفرة الله ثم تسامح المجتمع معها الذي قد لا يرحمها بتناول سيرتها!!.. ولن أكون مثالية وأقول إنني أدعو الجميع ليكون قدوة لدينه وأخلاق مجتمعه بالخارج – رغم إن ذلك هو ما يجب حقاً – لكني وجدت في أسفاري من ينزعن العباءات المسدلة في (حمامات المطار) قبيل المغادرة وكل منهن تقول للأخرى ضاحكة (بنحتاج العبايات لين ردينا لا تقطونهم)!!.. وشباب يذكر كلّ منهم الآخر بالبرنامج الذي يتنوّع ما بين المراقص والشوارع الشهيرة والفنادق التي تكثر فيه الخليجيات المعروفات سلفاً بانفلاتهن الأخلاقي في الخارج!.. هؤلاء هم الغالبية من شبابنا وفتياتنا ممن لم تمنعهم أخلاقهم ودينهم وهم في دولهم العربية المسلمة أن يتقيدوا بشيء من الالتزام داخلها فكيف بخارجها رغم وجود من يمثّل دينه وخلقه وأهله خير تمثيل بالخارج… لا يجب أن ننسى أن كلاً منا يحمل في طيات اسمه أسماء والده وأجداده وعائلته وأنه مسؤول عن كل هذه القبيلة داخل قطر وخارجها والشخص لا يولد منفرداً مقطوعاً من شجرة كما يقولون!.. ولا أخفيكم فقد شهدت مواقف كثيرة من هذه ولم أستطع أن ألجم لساني عن النصيحة حتى لمن يكبرني عمراً فيقابلني أحدهم بالازدراء وآخرون بالتجاهل بينما بعضهم يرون فيني فتاة (ملقوفة) بقولهم (وانتي شدخلج)؟!.. لأجيبهم (أخاف عليك تسافرين على ريولج وتحين خاتمتك هناك على سوء فترجعين على ظهرج وما تلحقين تعتذرين لي وتقولين معاج حق مشكورة. *كاتبة قطرية [email protected]