يتصارع العالم مع مجموعة متنوعة من الأحداث، ومعظمها تصنف تحت اسم الإسلام. عاصفة من الانتقادات على وسائل الإعلام الاجتماعية ضد خطف بوكو حرام المتشددة لأكثر من 200 تلميذة في نيجيريا دفعت في نهاية المطاف دولًا مثل الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإسرائيل وكندا لتقديم المساعدات العسكرية والاستخباراتية لنيجيريا. وفي نفس الوقت، قاطع الناس بقيادة المشاهير أفضل الفنادق في هوليوود التي يملكها سلطان بروناي، وذلك بعد أن بدأت مملكته في جنوب شرق آسيا بتنفيذ مراحل من العقوبات الحدية وفقًا لقانون الشريعة الإسلامية، والتي من شأنها في نهاية المطاف أن تشمل رجم الزناة حتى الموت. وفي حين أن الحدثين ليسا مترابطين، ما يزالان يساعدان في تغذية الاستقطاب العميق بين الطرق التي تعتبر "إسلامية" وتلك التي ليست كذلك. هناك اثنان من الديناميات ذات الصلة مشاركة في حدوث هذا، والتي إذا ما تركت من دون نقاش قد تشعل العلاقات الدولية لعقود قادمة. الأولى، لها علاقة بمحاولة الاستخدام المفرط للإسلام في التعامل مع أكبر قدر ممكن من جوانب الحياة اليومية. فكون الإسلام دينًا شاملًا، يحاول قادة المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة وصف العديد من الجوانب الحديثة من الحياة العصرية في ظل نموذج إسلامي صارم. وللأسف، هذا الاتجاه يعكس ويحافظ في الوقت نفسه على ميل غير المسلمين إلى اعتبار أن المجتمعات المسلمة موجهة من خلال أيديولوجية دينية جامدة. أما الدينامية الثانية، فحدثت في المجتمعات المسلمة بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وتثبيط الانتقادات العلنية بين المسلمين لأيّ جانب موصوف بأنه إسلامي ضمن جوانب ثقافة مجتمعهم. ويتم تجنب هذا النقد خاصةً من قبل غير المسلمين في هذه المجتمعات. المساعدة الدولية التي أعطيت وتعطى اليوم لنيجيريا في البحث عن التلميذات لا تشمل أي بلدان مسلمة، وهذا أمر مؤسف ودليل على إعراض هذه الدول عن التفاعل مع النموذج الذي صنعته بقية دول العالم، وعن إعراضها عن تغيير الديناميات المذكورة أعلاه. تاريخيًّا، كثيرًا ما ترأس الجيش، والعلمانيون، مقاومة عمليات الأسلمة المفرط بها للبلدان ذات الأغلبية المسلمة. وقد كان هذا واضحًا في التاريخ الحديث للشرق الأوسط. أما في البلاد حيث سادت الملكيات، فقد كان من الصعب التنبؤ بمن سيقوم بهذا الدور. في بروناي، وهي بلد مستقر يعيش على آبار النفط، ترك التنفيذ المفاجئ للعقوبات الحدية العديدين في حيرة، ولا أحد يعرف الآن ما إذا كانت العملية كلها مجرد نزوة من شخص أوتوقراطي أو أنها استراتيجية طويلة الآجل. وفي الدول التي يشكّل فيها المسلمون أغلبية ضئيلة من السكان، كان دور الإسلام غير محدد تمامًا. في ماليزيا، حيث يشكل المسلمون نحو 60 في المئة من السكان، كان الاتجاه نحو تجانس الإسلام وتعزيز البيروقراطية الدينية. والخط الذي تم رسمه هناك بفعالية لفصل المسلمين عن غير المسلمين، وعلى مدى السنوات ال 40 الماضية، عجل في محو الفروق الصحية بين المسلمين أنفسهم بطريقة مؤلمة. هذا هو التغيير التاريخي المؤسف. يعتقد على نطاق واسع بأن الإسلام انتشر في جنوب شرق آسيا منذ القرن 14 بطريقة سلمية إلى حدّ كبير. ونظرًا لغلبة العلاقات المبنية على أساس الانتماء الطبقي في العديد من الممالك الهندية القديمة التي انتشرت في الأرخبيل في ذلك الوقت، جاء الإسلام كأيديولوجية لتحرير الطبقات الدنيا. ولكن هذا التحول الديمقراطي في الوعي الديني لم يبقَ لفترة طويلة، حتى عادت الهياكل السلطوية التقليدية إلى السلطة. السلاطين التسعة في ماليزيا وسلطان بروناي هم أمثلة عن هذه الحالة. وشكل التعايش المتوتر بين القانون المدني والقانون الإسلامي السمة الرئيسة لمجتمع ما بعد الاستعمار في ماليزياوبروناي. حقيقةً، إن الغالبية العظمى من الشعوب الأرخبيلية كانت من المسلمين، في حين أن المهاجرين إلى المنطقة هم من أتباع الديانات الأخرى، جعلت المعادلة السياسية صعبة جدًّا. وغالبية غير المسلمين في جنوب شرق آسيا ما زالوا يرون الإسلام باعتباره تهديدًا متزايدًا للحريات المدنية والدينية. ولكن هذا تمامًا هو ما يقلق بعض المسلمين اليوم أيضًا، من أن الإسلام قد تم خطفه في الآونة الأخيرة بطريقة واضحة وبسهولة كبيرة. في الحقيقة، يتم إنشاء الكثير من الارتباك داخل المجتمعات المسلمة من خلال الميل القوي للاستلقاء على الأريكة وتبسيط جميع التوترات الاجتماعية، والضغوط النفسية، والصراعات السياسية المعارضة لبعض المواقف الدينية. في الحالة التي تكون فيها القيادة السياسية ضعيفة، كما هو الحال في نيجيريا والكثير من دول العالم الإسلامي، يتم تجاهل هذا التمييز الحاسم بين ما هو سياسي وما هو ديني، وتشجيع مزيد من إساءة استخدام تسمية "الإسلام" كاختصار لتشريع الأفعال والقرارات السياسية. التصريحات الدينية، صحيحة أم خاطئة، أصبحت الطريق السهل إلى السلطة، وبالنتيجة أصبح "الإسلام" لقمة سائغة وعلامة تبرير تستخدم من أجل تمجيد الذات. * نقلا عن التقرير