تصاعدت حدة الخلافات بين واشنطن من جهة، والقاهرة وأبو ظبي من جهة أخرى، على إثر إعلان وزارتي الدفاع (البنتاغون) والخارجية، أن الغارات الجوية التي تعرضت لها ليبيا، تقف وراءها كل من مصر والإمارات، قبل أن تتراجع وزارة الخارجية خطوة إلى الوراء، وتصدر بياناً آخر في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، تقول فيه إن التعليق بشأن ليبيا «كان يقصد به الإشارة إلى دول أفادت تقارير بأنها شاركت في العملية». ويقول مصدر دبلوماسي عربي في القاهرة إن البيان الأول، لوزارة الخارجية الأميركية، أعقبه سلسلة من الاتصالات بين أبو ظبي وواشنطن، انتهت إلى إصدار بيان التراجع. ويؤكد المصدر أن الإمارات، وتحديداً وزير الخارجية عبد الله بن زايد آل نهيان، أجرى اتصالات بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، طالبه فيها بضرورة تصحيح الموقف، بعدما وضع بيان الخارجية الأول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مأزق، ولا سيّما بعد نفيه، شخصياً، الأمر، خلال لقائه برؤساء تحرير الصحف المصرية قبل أيام. ونقل موقع «العربي الجديد» المصري، عن المصدر نفسه القول إن «القاهرة لوّحت بنشر معلومات استخباراتية حول تواجد عناصر عسكرية أميركية في ليبيا، قامت خلال الأيام الماضية بعمليات نوعية على الأراضي الليبية، من دون أن يوضح طبيعة هذه العمليات». ويؤكد المصدر الدبلوماسي العربي، أن من نفذ الهجمات كانت طائرات إماراتية، بمساعدة استخباراتية وقواعد جوية مصرية. يأتي هذا في الوقت الذي نفت فيه مصر، رسمياً، شن الغارات الجوية. بينما قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، على حسابه الشخصي بموقع "تويتر"، إن "هذه المزاعم روجها إسلاميون معادون" لبلاده. وترى رئيسة تحرير" نشرة الإصلاح العربي" في "مؤسسة كارنيجي للسلام"، ميشيل دن، أن "العمليات الحربية التي شهدتها ليبيا، وفي مقدمتها الغارات الجوية الأخيرة، تصب جميعها في هدف واحد، هو تقويض نفوذ الإسلاميين، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين" المؤيدين ل"قوات فجر ليبيا". وتتساءل دن، «كيف يقدم النظام المصري تحديداً على هذه الخطوة، ولا سيما أنها تمثل مخاطر بالغة على مواطنيه العاملين في ليبيا، والذين سيكونون مستهدفين من الليبيين الغاضبين؟». وفي سياق ردود الأفعال السياسية المصرية، دان خبراء وسياسيون مصريون العدوان العسكري المصري الإماراتي المشترك ضد ليبيا. ويقول السفير، إبراهيم يسري إنه من غير المستبعد أن نشهد تدخلاً عسكرياً في ليبيا من قبل الجيش المصري والإمارات، مع وجود حلف إقليمي عربي بمباركة قوى دولية. ويضيف يسري أن التدخل العسكري في ليبيا له عواقب كارثية بالنسبة لمصر، معتبراً أن هناك أزمة أكبر من فكرة التدخل، تتمثل بتهميش دور جامعة الدول العربية. إلى ذلك قال موقع «أسرار عربية» إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد يعيش حالة من الارتباك الكبير، بعد أن كشفت الولاياتالمتحدة تورط الإمارات ومصر بقصف طرابلس قبل عشرة أيام. وقالت مصادر دبلوماسية إماراتية للموقع إن ولي عهد أبو ظبي لم يقرر بعد طريقة الرد والتعامل مع المعلومات التي كشفها مسؤولون أمريكيون حول قصف الطائرات الإماراتيةلطرابلس الغرب، مشيرة إلى أن أبو ظبي توقعت أن تمر عملية القصف دون أن تكتشفها الرادارات الأمريكية والغربية، وهو الأمر الذي ثبتت عدم صحته بعد تصريحات المسؤولين الأمريكيين. وأضافت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، إن «ستة طائرات حربية إماراتية من طراز "ميراج" انطلقت من قاعدة عسكرية مصرية في منطقة "سيوة" على الحدود مع ليبيا، وشنت غارات على جماعات إسلامية في طرابلس، قبل أن تعود مرة أخرى للقاعدة المصرية». وبحسب المصادر، فإن محمد بن زايد يخشى من غضب الأمريكيين بسبب تنفيذ الغارة دون التنسيق مع الولاياتالمتحدة، وهو الأمر الذي قد يؤثر على العلاقات مع الحليف الدولي الرئيسي للإمارات، ما أصاب أبو ظبي بالارتباك، ومنعها من إصدار أي نفي أو تأكيد للتصريحات الأمريكية عن تورط الإمارات بالقصف، حتى الآن.