بين المناورة السياسة الذكية، والمؤامرة، اختلف المراقبون حول وصف التقارب الأخير بين جماعة أنصار الله الحوثي الشيعية، وحزب التجمع اليميني التابع للإخوان المسلمين، فبينما وصفها البعض بالمؤامرة التي كشفت وقائع السيطرة الحوثية على صنعاء، أكد آخرون أن ما حدث ذكاء سياسي من الفريقين. بدوره كشف الدكتور يسري محمد، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن أن الاتفاق بين جماعة الحوثي وحزب التجمع اليمني للإصلاح (المحسوب على تيار الإخوان المسلمين)، يؤكد أن اليمن وقعت فريسة مؤامرة شاركت فيها أطراف داخلية، وخارجية. * مكاسب شخصية وقال الخبير السياسي ل "مصر العربية" إن اتفاق أكبر فصيلين مختلفين في اليمن، يؤكد تدخل أطراف خارجية في صناعة المؤامرة، مؤكدا أن الاتفاق كان برعاية إيرانية خالصة. وعن الاتفاق، أكد الخبير السياسي أن إخوان اليمن وجماعة أنصار الحوثي اتفقا على نوع من تقسيم المصالح في اليمن، معتبرًا أن ما حدث يؤكد أن كل الفصائل اليمنية كانت تبحث عن مكاسب شخصية دون النظر للوطن. وأضاف: "اليوم عرفنا كيف استطاعت ميلشيات الحوثي السيطرة على صنعاء بهذه السهولة، إنها المؤامرة، مؤكدًا أن بن علي واحد من هؤلاء المتورطين". وعن تأثير التقارب على الوضع تابع الخبير السياسي، أن اليمن به العديد من التكتلات السياسية، يأتي على رأسها الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، وتنظيم القاعدة العدو الأول لجماعة الحوثي الشيعية، مؤكدًا أن التقارب المحتمل سيعمق من الأزمة، وسيزيد من حدة الصراعات المسلحة. * مناورة سياسة ومن جانبه وصف الدكتور مختار محمد الخبير السياسي، جلوس جماعة أنصار الحوثي مع إخوان اليمن، بالمناوئة السياسة، مؤكدًا أن ذكاء الحوثيين هو من دفعهم للجلوس مع حركة الإصلاح تجنبًا لفتح جبهة صراعات جديدة معهم. وقال الخبير السياسي إنَّ حزب الإصلاح تعامل مع الموقف هو الآخر بحنكة سياسية، خصوصا وأنهم يدركون أن جماعة الحوثي صاحبة الصوت العالي الآن، ويسيطرون على محافظات عديدة من اليمن، ويتحكمون في السياسة الحاكمة. وتابع الخبير السياسي أن جماعة الحوثي تحاول تنحية الإخوان جانبًا، تجنبًا لجبهة جديدة من الصراعات المسلحة، خصوصا وان الجماعة مشتبكة مع تنظيم القاعدة في حرب ضروس. وعُقد أول اجتماع بين الحوثيين وحزب الإصلاح الإسلامي في اليمن وسط أزمة متفاقمة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء. وقال الحوثيون في موقعهم على الانترنت إن الاجتماع بين زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي وممثلي حزب التجمع اليمني للإصلاح عُقد ليل الخميس في مدينة صعدة معقل الحوثيين شمالي العاصمة. وأصدر حزب الإصلاح بيانا قال فيه إن الجميع ابدوا رغبتهم في التعاون والتعايش عملا بمبادئ الإسلام التي تدعو إلى الأخوة والمحبة والسلام. وقال مسؤول في الإصلاح لوكالة فرانس برس إن الجانبين يتفاوضان بشأن مشروع اتفاق يهدف إلى نزع الفتيل عن خطر اندلاع فتنة طائفية. * مرحلة جديدة ومن جانبه اعتبر القحوم القيادي وعضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله "الحوثيين" أن الاتفاق على فتح حوار مع حزب التجمع اليمني للإصلاح، يؤسس لمرحلة جديدة من المحبة والتسامح والتعايش بين الطرفين. وقال في تصريحات صحفية، إن "اتفاق جماعته مع حزب التجمع اليمني للإصلاح على فتح حوار وطي صفحة الماضي يؤسس لمرحلة جديدة من التسامح والتعايش بين الطرفين، ويدعم سبل بناء الدولة العادلة التي تكفل الحقوق والحريات لجميع اليمنيين". وأشار إلى أن حزب التجمع اليمني للإصلاح لديه نوايا طيبة في تخطي الماضي وبدء صفحة جديدة مع جماعته، وقال إن "التفاهم والحوار والمصالحة الوطنية سبل مثلى لحل كل المشكلات في البلاد". وعقب الاتفاق قال زيد الشامي رئيس الكتلة البرلمانية لحزب التجمع اليمني، إن حزبه اتفق خلال لقاء وفد تابع له مع عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين على بدء صفحة جديدة، وفتح حوار لمعالجة التداعيات التي حدثت بعد دخول الحوثيين صنعاء في سبتمبر الماضي". وتوقع الشامي أن يصدر توجيهات مباشرة من قبل عبد الملك الحوثي بمعالجة هذه التداعيات. * جدل واسع وأثارت زيارة قادة حزب التجمع اليمني للإصلاح لزعيم الحوثيين «عبد الملك الحوثي»، جدلا واسعة بين أنصار الحزب، واعتبرها بعضهم «خيانة لدماء الضحايا وإذعانًا لمنطق القوة الغاشمة» يأتي ذلك في الوقت الذي تظاهر فيه عشرات من الناشطين اليمنيين أمس في صنعاء وإب ضد الوجود المسلح لميليشيات الحوثيين، ورفضًا لدمج عناصرها في صفوف الجيش والأمن. وردت ميليشيات الحوثيين باعتقال عدد من النشطاء. وشهدت العلاقة بين حزب التجمع اليمني للإصلاح وجماعة الحوثي، توترًا كبيرًا عقب سيطرة الأخيرة على صنعاء واقتحام مسلحيها لعشرات المقرات والمؤسسات والمنازل التابعة للحزب. ومنذ 21 سبتمبر الماضي، تسيطر جماعة الحوثي المحسوبة على المذهب الشيعي بقوة السلاح على المؤسسات الرئيسية في صنعاء، ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية إيران، بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول بالمنطقة بين إيران والسعودية، جارة اليمن، وهو ما تنفيه طهران. ورغم توقيع الحوثيين اتفاق "السلم والشراكة" مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وتوقيعها على الملحق الأمني الخاص بالاتفاق، والذي يقضي في أهم بنوده بسحب مسلحيها من صنعاء، يواصل الحوثيون تحركاتهم الميدانية نحو عدد من المحافظات والمدن اليمنية خلاف العاصمة.