توارت مساعي الرئاسة اليمنية عن الأنظار لإقناع قيادة جماعة الحوثي بإخلاء العاصمة صنعاء من المظاهر المسلحة والتقيد بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية وسحب المجاميع المسلحة التابعة لها من كافة المحافظات التي تمددوا إليها بشكل قسري. وتمددت جماعة الحوثي بشكل لافت خلال الأيام الأخيرة وأحكمت سيطرتها على منطقة أرحب شمال العاصمة، وشنت حملة اعتقالات واسعة تجاه كل من يبدي رفضه لسياسة الحوثيين القائمة على قوة السلاح. وبرر قيادة جماعة الحوثي رفضها سحب مسلحيها من صنعاء وبقية المحافظات بعدم جاهزية الأجهزة الأمنية للاضطلاع بمهام الإشراف على ضبط الأمن العام وكون اللجان الشعبية تقوم بدور مساعد. وعلق مراقبون أن الأوضاع الأخيرة التي عاش على وقعها اليمن تبرز مدى تقدم الحوثيين ميدانيا في صمت واضح من قبل السلطة اليمنية التي ظلت مكتوفة الأيدي أمام التوسع الحوثي الذي يهدد الوحدة اليمنية. وأكد هؤلاء أن الرئيس اليمني عبدربه منصور الهادي يعيش حالة من العزلة السياسية على مستوى اتخاذ القرارات وعدم تحركه بشكل فاعل لمنع وقوع مؤسسات الدولة تحت سيطرة الميليشيات المسلحة. وذكرت تقارير صحيفة محلية في وقت سابق، أن الرئيس هادي يعيش أوضاعا صعبة، بسبب بسط جماعة الحوثيين سيطرتهم على العاصمة صنعاء وإحلال أنفسهم بدلا من الأجهزة الحكومية الرسمية خاصة في الأمن والقضاء وزيادة تدخلهم في عمل الوزارات والمكاتب الحكومية، وفرض أنفسهم كرقيب على العمل اليومي. وقال مستشار سياسي للرئيس عبدربه منصور هادي ، إن الدولة بهياكلها ووزاراتها ومؤسساتها "لا تحكم البلاد"، وجماعة أنصار الله الحوثيين هي من "تحكم". وتطرق عبدالكريم الإرياني إلى الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون، موضحا أن "الحوثي يمتلك من السلاح والذخائر أكثر مما يمتلكه الجيش اليمني". واعتبر خبراء أن تصريحات الإرياني لم تأت من فراغ وإنما لإدراكه لموازين القوى بين الحوثيين وأجهزة الدولة، وصنفوا تصريحاته المناهضة للتمدد الحوثي في كافة محافظاتاليمن على أنها رسالة واضحة بأن مؤسسة الرئاسة لم تعد قادرة على درء الخطر المحدق بها. وفي أبرز تجليات التعدي على صلاحيات الرئيس هادي أمعنت جماعة الحوثي في التعدي على هيبة الدولة اليمنية عبر ممارسة قوانينها الذاتية بفصل جديد من فصول الاحتكار بعد أن اقر المجلس المحلي بمحافظة الحديدة، بناءً على توجيهات جماعة الحوثي تكليف حسن أحمد الهيج بالقيام بمهام المحافظ. وحذر متابعون من الشلل التام الذي يهز مؤسسة الرئاسة اليمنية، معتبرين أن عدم الوقوف بقوة في وجه أنصار الله، يمكن أن يفهم على أنه ضوء أخصر للتوسع والسيطرة على المحافظات المستعصية والتي تعتبر خزانا لتنظيم القاعدة. وفجر المسلحون الحوثيون مقار تتبع حزب التجمع اليمني للإصلاح في أرحب ، رغم إعلان الجماعة انتهاء المواجهات مع مسلحي القبائل الموالين للحزب. وفجرت الميليشيات الحوثية داراً للقرآن في أرحب، إضافة إلى مقرين لحزب الإصلاح في نفس المنطقة، في أسلوب درجت عليه الجماعة لمعاقبة خصومها السياسيين بعد السيطرة على مناطقهم. وقال مراقبون إن الميليشيات الحوثية والإخوان في اليمن يبحثون عن مصالحهم في حرب كسر عظام بين الطرفين جنت على اليمن الويل والثبور مع دخول تنظيم القاعدة على الخط لنصرة الحزب الإخواني. وأعلنت جماعة الحوثيين انتهاء المعارك وسيطرة اللجان الشعبية المدعومة برجال القبائل على كامل مناطق أرحب، التي اندلعت فيها الاشتباكات خلال الأيام القليلة الماضية. وأكدت مصادر محلية أن مشايخ قبائل أرحب اتفقوا على وقف المواجهات مع الحوثيين، مشيرة إلى وقوف لواء الحرس الجمهوري في منطقة الصمع، الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح مع الحوثيين في مواجهة القبائل. وتعيش الخزانة اليمنية أوضاعا كارثية منذ سبتمبر/أيلول، وبعد تداول أنباء عن عدم قدرة الحكومة على سداد رواتب موظفي الدولة لشهر نوفمبر/تشرين الثاني، اضطر البنك المركزي إلى صرفها في توقيت غير معتاد بعد مرور أربعة أيام من الشهر الجاري، بعد الاستعانة ب"أذون الخزانة" الخاصة بالمصارف اليمنية. وقال خبراء إن هيمنة الحوثيين على مفاصل الدولة اليمنية حرم البلاد من مكاسب الدعم الخليجي الذي يعتبر المتنفس الوحيد للاقتصاد اليمني. وتخشى دول الخليج من وقوع المساعدات المالية في أيدي الحوثيين، في ظل ترهل مؤسسة الرئاسة، ما يمكن أن يوظف في عمليات تسليح ورفع القدرة القتالية للحوثيين المدعومين من إيران لتوسيع رقعة المد الشيعي وتهديد استقرار المنطقة. إلى ذلك كشفت مصادر سياسية عن مخطط حوثي مؤتمري لتقويض سلطات الرئيس هادي والشرعية الدستورية تمهيداً للإطاحة به. وأكد مراقبون سياسيون أن هناك تنسيقاً عالي المستوى فاق كل التوقعات بين المؤتمر الشعبي العام وجماعة الحوثي يتجه لتقويض سلطات رئيس الجمهورية وتقويض الشرعية الدستورية وإسقاط المحافظات عسكرياً وإدارياً". وأوضح المراقبون أن ما يحدث حالياً في المحافظات انعكاس لهذا التحالف الذي فاق كل التوقعات بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين. وأشاروا إلى أن المخطط بدأ الآن ببرنامج السيطرة على المحافظات وإسقاطها عسكرياً وإدارياً وما حدث امس في محافظة الحديدة كان ضمن هذا البرنامج برنامج الإطاحة بالمحافظين وإسقاط المحافظات. وجاءت عملية الإطاحة بمحافظ الحديدة صخر الوجيه امس من قبل جماعة الحوثي والمجالس المحلية التي تتبع المؤتمر الشعبي العام. وأثبتت عمليات الإطاحة بمحافظي المحافظات هذه التوجه الحوثي المؤتمري الذي يسعى للإطاحة بالرئيس هادي. وكان الحوثيون قد أطاحوا بأربعة من محافظي المحافظات بدءا بالإطاحة بمحافظ محافظة صنعاء ثم محافظ عمران وبعده محافظ ذمار وأخيراً محافظ الحديدة وذلك تم بالتنسيق مع المؤتمر الشعبي العام, حيث تم استخدام قوة السلاح والمجالس المحلية في الإطاحة بهؤلاء المحافظين مع العلم أن المجالس المحلية تتبع المؤتمر الشعبي العام وتنفذ توجيهات مركزية من قيادة حزب المؤتمر الشعبي العام. ونقلت صحيفة «أخبار اليوم» عن مراقبين قوله إن «عملية التقويض والاستيلاء على السلطة الآن بقوة السلاح يكثف التحالف الغير نظيف بين المؤتمر وجماعة الحوثي ويستخدم هذا التحالف الآن شرعية الرئيس هادي كمظلة لاستكمال سيطرتهم على المحافظات وتقويض سلطات الرئيس تمهيدا للإطاحة به». المصادر ذاتها أكدت أن هذا السيناريو الذي تم اتخاذه في عمرانوصنعاءوذماروالحديدة يعد الآن في محافظة عدن من قبل جماعة الحوثي وحزب المؤتمر بتحالف تيار ثالث هو تيار علي سالم البيض غير أن العائق أمام تنفيذ هذا المخطط والبرنامج هو غياب محافظ عدن وحيد علي رشيد عن المحافظة وهذا هو العائق الوحيد الذي أوقف هذا السيناريو بعدن، ويؤكد ذلك أن خروج مسيرات الحراك من تيار البيض والمظاهرات لم تشر ولم تتحدث عن القائم بأعمال محافظ المحافظة عبد الكريم شائف نائب المحافظ وأمين عام المجلس المحلي بالمحافظة رغم أن المظاهرات ذاتها كانت أيام تواجد المحافظ تخرج ضد المحافظ. وفي محافظة إب أكدت المصادر أن السيناريو يعد حالياً للإطاحة بمحافظ محافظة إب وتعيين محافظ جديد للمحافظة بحيث تسقط المحافظة إدارياً بعد سقوطها عسكرياً.