أعلن تنظيم القاعدة في اليمن، الأسبوع الفائت، الحرب ضد الشركات النفطية، واستهدف في 21 من ديسمبر الحالي منشأة بلحاف النفطية بصاروخين من طراز كاتيوشا. التنظيم أكد في بيان له أن استهدافه لمنشأة بلحاف التابعة لشركة توتال الفرنسية يأتي «انتقاماً من هجمات الطائرات بدون طيار التي تنطلق من منشآة بلحاف، وكذا من أجل وقف نزيف ثروات المسلمين التي تنهبها هذا الشركة وغيرها، ورداً على تهجير المسلمين من المناطق المحيطة بالمنشأة والمواقع التابعة لها». وحذر المسلمين الذين يعملون في هذه الشركة من التواجد فيها، مشددا على النصيحة لهم بالابتعاد عنها حفاظا على أرواحهم، موضحا أن المنشأة الفرنسية هدف مشروع لعملياته. يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه مسلحو الحوثي إلى إحكام سيطرتهم على منابع النفط في محافظة مأرب، إضافة إلى سيطرتهم على شركان نفطية بأمانة العاصمة صنعاء. ورضخت الحكومة لمطالب الحوثيين الهادفة للاستحواذ على شركات النفط والغاز، حيث أصدر وزير النفط محمد نبهان قرارا بتعيين أحد الأشخاص المحسوبين على الحوثيين لإدارة شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج، بعد اقتحامها قبل أيام من قبل مسلحي الحوثي الذين طردوا مديرها السابق أحمد كليب الذي تلقى تهديدا إذا ما عاد للشركة. واقتحم مسلحو الحوثي، الخميس الماضي، مقر شركة شركة أوكسيدينتال النفطية في العاصمة صنعاء، واحتجزوا أفراد حراستها، ونهبوا سيارات كانت في باحة الشركة. وذكرت مصادر عاملة في الشركة أن الحوثيين نهبوا 4 سيارات صالون مدرعة من مقر الشركة، إضافة إلى نهب سيارتين كامري و4 سيارات برادو وسيارة هايلوكس إضافة إلى بعض اللابتوبات التابعة للموظفين. وشركة أوكسي شركة أجنبية تشغل إحدى القطاعات النفطية ووكيلها في اليمن حميد الأحمر تحت ما يسمى مجموعة السلام إلا أن الإنتاج شبه متوقف منذ سنتين لكن ذلك لا يبيح لمليشيا الحوثي اقتحام الشركة ونهبها، فضلاً عن أن الشركة تعمل وفق القوانين السارية وبترخيص من وزارة النفط. وإثر التهديدات الحوثية أعلنت كبرى شركات النفط العالمية وقف إنتاجها في اليمن، وأكدت شركة كنديان نكسن النفطية وقف إنتاجها بسبب التهديدات الأمنية، وقالت المتحدثة الرسمية باسم الشركة في بيان صحافي، إنه تم توقيف العمل في القطاع 51 والقطاع «باك بف»، وكذلك تجهيزات منشآت حقول النفط كون فرق العمل تعمل في ظروف خطيرة وغير ملائمة، مؤكدة أن توقيف عملها سيستمر حتى استقرار الوضع الأمني. من جهتها أوقفت شركة «دى ان أو» النرويجية عمليات الاستكشاف والانتاج التي تقوم بها في محافظة حضرموت بجنوب اليمن بسبب التدهور الأمني الذي تعيشه البلاد. وتعليقا على ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي علي البكالي إن الصراع بين الحوثيين والقاعدة على النفط والشراكات صراع شكلي حقيقته غير ظاهرة للعيان، مؤكدا أن ثمة علاقة دقيقة للملف النفطي في اليمن وليبيا والعراق بالمشكلة الايرانية. وأضاف البكالي في حديث ل «الخبر»: «وتحديدا ثمة علاقة دقيقة للملف النفطي اليمني والليبي والعراقي بالمشكلة الايرانية تحديدا العقوبات الاقتصادية على ايران حيث تعتقد ايران أن انخفاض أسعار النفط بهذا الشكل عبارة عن مؤامرة دولية لتدمير اقتصادها القائم على النفط بدرجة 80%». وأوضح أن إيران تضغط باتجاه إيقاف انتاج النفط في هذه الدول التي لها نفوذ عسكري فيها إما بفعل القاعدة أو غيرها من قبيل الضغط على المجتمع الدولي في الملف النفطي. وأشار إلى أن الاقتصاد اليمني سيتضرر جراء ذلك وستتعرض موازنة الدولة للانهيار، مضيفاً «ولكن للحركة الحوثية حساباتها في هذه المسألة كما هو واضح من خلال سعيها للسيطرة على عمليتي الايراد والصرف لكل مؤسسات الدولة». وفيما يخص بيان القاعدة حول استهداف المنشآت النفطية قال الباحث والخبير في شؤون تنظيم القاعدة سعيد الجمحي إن «عمليات القاعدة كانت تبرز تحت عنوان (أنصار الشريعة) والتي تستهدف الجيش واللجان الشعبية التابعة لجماعة أنصار الله الحوثيين، لكن عملية استهداف منشأة بلحاف في شبوة لم تكن كذلك، بل جاء بيان تبنيها باسم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب من خلال بيان رقم 88 وبعد انقطاع بيانات القاعدة الفترة الماضية». وأرجع سبب ذلك لكون عمليات أنصار الشريعة تأتي في الإطار المحلي، بينما استهداف منشأة نفطية تديرها شركة أجنبية (فرنسية) يندرج تحت مقاتلة العدو الخارجي، مستدركاً: «ومن هنا كان بيان التبني يعلل القيام بها ( نصرة لإخواننا المسلمين ضد الحملة الصليبية العالمية) وأيضاً اعتبارها انتقاماً لدماء المجاهدين التي سفكتها الطائرات الأمريكية». وأضاف الجمحي في حديث خاص ل «الخبر» إن تنظيم القاعدة يواصل عملياته الميدانية والتي يحرص أن تكون موزعة على مساحات واسعة من البلاد ، لتأكيد سعة انتشاره وتعاظم قدراته، واستنزاف خصومه بتكتيكات متعددة ، متوقعاً أن يشهد القادم هجمات مزدوجة للتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة. واعتبر الجمحي ما يقوم به تنظيم القاعدة يأتي من حرصه الشديد للاستفادة من حالة عدم تماسك وتجانس خصومه، ويسابق الزمن من خلال عمليات تزعج وتزعزع توازن خصومه وتستنزفهم من عدة نواح.