(هما أصلاً "بيطابزوا" بيت الحُرّاب، عندنا الحُرّاب اللي"يدي"عسل، وهو إذا شاغلته يلقصك) هذا هو التشبيه الذي أطلقه صالح على نفسه وشريكه في هذه الحرب، في لقاءه الأخير مع قناة الميادين، بعد مضي ما يقرب من70يوم. صحيح أنه عرف الحُرّاب بأنه الذي يصنع العسل، لكن صالح كعادته يجهل الكثير من هذه الأمور البديهية، كالفرق مثلاً بين النحلة والحُرّاب، صالح الذي حكم اليمن أكثر من33عاماً، لا يعرف الدول المجاورة لدولته، فمثلاً هو يعتقد بأن الصومال تقع على البحر الأحمر، لذلك حددها منفذاً وحيداً لخصومه، هو لا يعرف جيداً سوى إذكاء العداوات بين خصومه، وإشغال الشعب بلقمة عيشه، ليتفرغ لمراجعة طرق ووسائل ما يتعلق بحسابه الشخصي. الحُرّاب أو الدبّور، هو حشرة تبني خليتها من الطين، بغرض التكاثر وليس لعمل العسل، وهي عدوةٌ للنحل، لأنها تأكلها أو تستخدمها في خليتها كيرقة تلقحها لإنجاب دبوراً جديداً، شخصياً أعرف هذه الحشرة جيداً، وكان لي معها في صغري حروب عبثية كثيرة، أكسبني ذلك معرفة بها، ذكرني بها صالح في ذلك حوار، هي بالفعل حشرة مغامرة ولسعتها مُؤلمة، خاصة إذا وقعت على الوجه، فإنها تغير ملامحه لمدة لا تقل عن24ساعة، هذه الحشرة من يعرفها يجد تشابه بين صفاتها وحلفاء الانقلاب(صالح والحوثي)فهي تدفع بفريقها للمواجهة بكميات كبيرة، وتفقدهم بنفس الكميات، وهي تتركهم طعاماً للحشرات، تماماً كما يفعل(صالح والحوثي)وهي تعيد بناء خليتها منذ لحظة تحطمها، وحين تتعرض للإعتداء، تصير عدوانية ضد الجميع وبشكلٍ دائم، وعندها لا يمكن التخلص منها إلا بالتدمير الكامل لخليتها، وتنتهي بمهاجرة من لم يمت من فريقها إلى مكان آخر، ولستُ أدري بشأن وجود زعيم لتلك الحشرة. الحُرّاب يلسع نعم، لكن لسعته ليست مُميتة، لذلك فهي تجعل الإنسان يكون أكثر إصراراً على التدمير الكامل لخلية الحراب، وهذا بالفعل ما يقوم به صالح والحوثي تجاه دول التحالف الخليجي، لعل من الفوارق بين الحُرّاب وحلف صالح، أن الحُرّاب، حين يواجه ويقاتل، فإنه يقاتل الاعتداء الخارجي، هو لا يُقاتل أبناء خليته مُطلقاً، أما صالح في نفس ذلك اللقاء يقول(بأنه لن يواجه المملكة، ليس لديه القدرة على مواجهة طائرات إف16وإف15فهل يواجهها بالكلاشنكوف) لكن أفعاله تقول بوضوح أكثر، بأن الشعب الذي لا يمتلك الدبابات والمدرعات، والأسلحة الثقيلة، لذلك فهو يقوم بقتاله، أما الخارج، فقد أدرك بعد مضي70يوماً، بأن ما يقوم به ليس سوى لسعة حُرّبي. ومع ذلك فإن الكثير من تلك الصفات تتشابه كثيراً مع صفات هذا الحِلف، كما أنه يصير اسماً مُعبراً إذا قصدنا به (الدبور بدل الحُرّاب) والذي يعني صاحب الحظ السيئ، ومصدر المتاعب. يبدو أن المملكة والتحالف، يدركون جيداً ذلك التشابه بين الحُرّاب، وخصمهم؟! مواقفهم الأخيرة تؤكد بأنهم مصممين على القضاء النهائي لخلية الحُرّاب، ليس ذلك حُباً في اليمن، بل حِفاظاً على مصالحهم، وأمنهم، واستقرارهم، الهدنة السابقة وما تلاها أثبتت، بأن حصول الحُرّاب على أدنى فرصة، فإنهم ينشرون قذائفهم العشوائية ضد الداخل، ولسعاتهم نحو الخارج، لذلك ترى المملكة بأن الإبقاء على ذلك العُش، سيكون قراراً خاطئاً، ستدفع ثمنه لسنوات طويلة قادمة، ولأنها لا تثق بمقاومة الداخل، فإنها تحاول أن تقوم بذلك بنفسها، فليست على عجلة من أمرها. أن تخوض حرباً الكترونية حديثة على هذا النحو(مراقبة كاملة عبر أفضل ما أنتجته الأقمار الصناعية الفرنسية، بطائرات وصواريخ في غاية الدقة) أن تدير كل ذلك، على أرض خارج حدود بلدك، من الناحية الأمنية والاستراتيجية، فأنت المنتصر، أما من الناحية المادية، قد تكون مُكلفة إلى حدٍ ما، غير أن الوضع المادي والعسكري والتقني لدول التحالف، ليس مهماً إلى ذلك الحد، لأن فارق ارتفاع سعر برميل النفط منذ بدأ عاصفة الحسم، سيغطي تلك التكاليف ويزيد عليها، كما أن الحرب الحالية بالنسبة إليهم، هي بمثابة فرصة ثمينة، لتجريب كافة الأسلحة التي يملكونها، فهي مخزنة لديهم منذ عقود، وهي فرصة للتخلص من الأسلحة القديمة، التي تكلفهم عمليات صيانتها مبالغ كبيرة.. أما مسألة التخلص منها في الوضع الطبيعي حين تصبح في وضع منتهي الصلاحية، فإن تكاليفه ستكون كبيرة، ناهيك على أنها تقاتل خصماً في عُقر داره، دون أن يؤثر ذلك على سلامة وأمن مواطنيها، الذي قد يُشكل عامل ضغط سلبي عليها للقبول بخيارات قد لا تكون مُلائمة لها إن قاتلت داخل حدودها، إذاً: فالوقت لا يعنيها، ما يُعانيه الشعب اليمني لا يخصها، لذلك فهي تقوم بمهامها، وتحقق أهدافها على أقل من مهلها، تُراقب، تتبع، ترصد، تسدد ضرباتها بدقة، بدأت من الطائرات، إلى المعسكرات، إلى مخازن الأسلحة، إلى التجمعات المُسلحة، إلى القيادات، وصولاً إلى المنازل، وأماكن الاختفاء، وقد تطال الأشخاص على مستوى الفرد الواحد، هي تفعل ذلك منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، ولازالت تفعله الآن، وستبقى تفعله لاحقاً، لأن كل شيء في صالحها، ضغوطات الأممالمتحدة، التي تفرضها الدول الحليفة لصالح والحوثي، بمقدورها أن تتجنبها، وأن تحولها إلى ضغوطات معاكسة، لأن ما تبحث عنه تلك الدول هي ضمانات لمصالحها، ومتى ما توفرت ستنقلب الطاولة، هي لا تبحث عن مصالح حلفاء الإنقلاب في اليمن، وذلك ليس أمراً مستغرباً البتة، وقد كانت الاتفاقيات بين كل من المملكة من جهة، وروسيا، وفرنسا من جهة أخرى خير دليل على ذلك، وذلك كله ليس أمراً مستغرباً. المستغرب هو أن الحُرّاب، حتى اللحظة لا يدركون معنى الحرب، التي أشعلوها، من السهل إشعال الحروب مع أي طرف، لكن من الصعب إيقافها، إيقاف الحروب تحتاج إلى شجاعة ورجولة، لا تقل عن شجاعة ورجولة، أفضل المقاتلين في الجبهات الأولى للقتال، وذلك فنٌ لا يتقنه الجبناء، وأصحاب الأهواء، والمطامع الشخصية. المستغرب، هو ما يقوم به (صالح والحوثي) في الداخل، مُعتقدين بأن ورقة ضغطهم هي الإمعان في قتل شعبهم، وأن هذه الورقة ستكسبهم نصراً لاحقاً -أو هكذا تقول لهم الدول التي يعتقدون بأنها تقف إلى جوارهم- هذا الحلف لا يدرك بأن شعوب الآخرين -كل الآخرين- بلدانهم، قياداتهم، الجميع في مأمن، من الدمار، ومن المحاسبة والملاحقة القانونية. ترى هل يدركون بأنهم يديرون حرباً ضد شعوبهم، مواجهة مع مواطنيهم، هم الوحيدين الذين يحاولون الحصول على مكاسب سياسية، من دماء وأشلاء شعبهم وأبناء وطنهم، هم الوحيدين الذين بيدهم وقف ما يجري ضد أبناء شعبهم، هم الوحيدين الذين صدرت بحقهم قرارات دولية، هم لا يخسرون فقط أنصارهم، وأسلحتهم، ومصداقيتهم، والمناصب التي يحاولون الوصول إليها، أو العودة إليها، بل يخسرون دينهم، وقيمهم، وأخلاقهم، ووطنيتهم، وإنسانيتهم، هم بهذه الممارسات، يُسجلون سابقة خطيرة في الإجرام بحق وطنهم وشعبهم، ستلاحقهم في كل أصقاع الأرض، وفي آخرتهم ستكون هي المُهلكة، أليس منهم رجلٌ رشيد؟!!!. [email protected]