"النفايات وبداية العام الدراسي"، عنوانٌ جديد لجزءٍ جديد من مسلسل أزمة القمامة التي لم تجد خواتيمها بعد. أبطال هذا الفصل، يتمثّلون بالأطفال "الضحايا"، والحشرات السامة التي تتغذّى على جبال القذارات. الكلاب الضالة و"الجرذان المتخمة" تدخل الحلبة أيضاً، لتحتلّ دوراً بطولياً في القصّة، نظراً إلى سهولة وصولها إلى مصادر المياه وتلويثها. كلّ ذلك قد يتجمهر في المدارس، حيث العنصر الأكثر حساسيّةً في المجتمع: الطفل الذي ذهب الى الصف كي يتعلّم، لا ليعود الى المنزل مريضاً هزيلاً. فما هي الأمراض الكثيرة التي قد تهدّد صحّته مع بداية موسم الشتاء؟ الربو والمشاكل التنفسيّة يلخّص الاختصاصي في طبّ الأطفال في مستشفى رزق، الدكتور جيرار واكيم الجزء الأوّل من المشاكل الصحيّة التي قد يواجهها الأطفال نتيجة أزمة النفايات "بالمشاكل التنفسيّة التي لها علاقة بمرض الربو، إضافةً الى مشاكل جينيّة تعرقل عمليّة الإنجاب قد يواجهها الأطفال مستقبلًا بسبب اختلاط المياه بالنفايات العضويّة التي تسفر عن إنتاج غاز الميتان الذي تتسم خطورته بأنه عامل أساسي للاحتباس الحراري. هذا إضافةً الى النفايات المنزليّة التي قد تحوي مواد خطرة كالبطاريات التي عند رميها في مستوعب المهملات ومكوثها وقتاً طويل، ستعزّز إفراز الرذاذ السام منها، مما يضاعف خطر إصابة الأطفال بالأمراض الرئويّة". وحول طرق علاج الربو والمشاكل التنفسيّة، ينصح "بضرورة إعطاء الأطفال لقاحات مضادة للإنفلونزا، أما في حال ارتفعت حرارة الطفل لمدّة تتجاوز الثلاثة أيام، فيتوجّب على الأهل اللجوء الى المضادات الحيوية، إضافةً الى عدم تعريض أطفالهم للأماكن التي توجد فيها القمامة بشكلٍ كبير". التهاب العيون «conjonctivite» يرى واكيم أن "عيون الأطفال هي الأكثر عرضةً للتأثّر في حال همّوا في اللعب الى جانب أماكن معرّضة للقمامة تحوي مواد تفرز الرذاذ السام، كبقايا البطاريات وبعض المواد الطبيّة مما يؤدّي الى عدوى بكتيريّة تطالهم. من هنا على الأولاد تجنّب احتكاك اليدين بالأعين وغسلهم باستمرار بالماء والصابون". بين الclostridium والكوليرا والسالمونيلا يشدّد واكيم على "ضرورة غسل الفاكهة والخضار والمأكولات النيئة جيّدًا قبل إطعامها للأطفال، لما قد تعتريه من بكتيريا في ظلّ أزمة النفايات"، ويلفت الى أن خطورة تلوّث المياه "تكمن في امكان اختلاطها بالقمامة التي تؤدّي الى إمكان انتشار العديد من الأوبئة والأمراض الداخليّة التي تطال الأطفال والتي تسفر عن التهاب المعدة والأمعاء". وباء ال clostridium أو ما يسمّى بالعربيّة بالمطيّة العثيرة، هو نوع من البكتيريا (جرثومة)، وهي تصنع مادة سامة تسبب الإسهال. ويمكن ان تسبب ايضاً حالات اكثر خطورة مثل التهاب القولون. كما أن عوارضها تتمثّل "بإسهالٍ حادّ وحرارة مرتفعة وتقيؤ وإرهاق الشديد، ويتوجّب على الأهل استشارة الطبيب فورًا في حال ظهرت هذه العوارض على طفلهم". في حين أن أمراضاً داخليّة أخرى قد تهدّد صحّة الأطفال أبرزها "خطر انتشار الكوليرا الذي بات مرجّحًا في حال بقي وضع النفايات في لبنان على حاله، كما سجّلت حالات انتشاره في الشرق الأوسط". أمّا المرض الداخلي الثالث فيتمثّل "بالسالمونيلا حيث تتمثّل عوارضه بارتفاع حرارة الطفل عن المعدّلات الطبيعيّة وتترافق أيضًا مع مشاكل الإسهال والتقيؤ". لدغات البعوض السّامة يعتبر واكيم أن "خطر الحشرات الطائرة يكمن في إمكان نقل البكتيريا الملوّثة من القمامة الى جلد الطفل الذي يعدّ حسّاسًا. عادةً لدغات البعوض تنتج حساسيّة وبقعاً صغيرة حمراء في حال تمّ الاحتكاك مع بعوضة غير محتكّة مع بكتيريا النفايات الملوّثة. أما في حال نتج الاحتكاك من بعوضةٍ ملوّثة فذلك سينتج التهاباً في البقع الحمراء. أما العلاج فيكمن من خلال اللجوء الى استخدام أنواع الكريم المضاد للجراثيم". الimpetigo يعرّف واكيم الimpetigo أنّه "عبارة عن التهابٍ جلديٍّ معدٍ ناتجٍ من بكتيريا ينتقل من طريق إفرازاتٍ جلديّةٍ من شخصٍ لآخر. الاحتكاك المباشر بين التلاميذ يحتّم نقل العدوى، اضافةٍ الى المقتنيات المدرسيّة كالطاولة والكرسيّ والمقاعد التي قد تساهم في نشر المرض في صفوف الزملاء وهو ينتج بقعاً تظهر جليّاً على الجلد. ومن أسبابه أيضاً قلّة النظافة والاختلاط بين الأطفال في أماكن مليئة بالنفايات". ويشير الى ان "انتشار أولاد النازحين السوريين قد يضاعف إمكان خطر الإصابة به نظرًا لصعوبة إمكانيّة توعيتهم في ظلّ ظروف معيشيّة صعبة. بيد أن وتيرة انتشار هذا الإلتهاب الجلدي في المدارس قد تراجعت في الآونة الأخيرة". الوقاية وطرق الحماية يشدّد واكيم على ضرورة اتباع الأهل الإجراءات العامّة التالية تفادياً لإصابة أطفالهم بالأمراض الجلديّة والتنفسيّة والداخليّة الخطيرة: الحفاظ على النظافة الشخصية للأطفال والاستحمام يومياً للتخلّص من البكتيريا. غسل الزي المدرسي يوميًّا، عوضًا من ارتدائه عدّة أيام متتالية مما يضاعف خطر الإصابة بالأمراض. اللجوء الى الأطعمة المطهوّة على درجة حرارة مرتفعة، عوضًا من استخدام الخضار النيئة. عدم الشرب من صنبور المياه المدرسيّ. الحرص على استخدام مياه نظيفة في المدارس لغسل اليدين والاستعمال الخارجي. استخدام قنينة مياه خاصّة بكلّ طفل ويستحسن تبديلها يوميًّا والاستعاضة عن "المطرة" بها. عدم تبادل الأغراض والأطعمة بين الأولاد لتفادي انتقال العدوى. غسيل اليدين بالمياه والصابون بشكلٍ اعتيادي للتخفيف من خطر انتقال البكتيريا. إرشاد المدارس الأهل والأطفال على حدٍّ سواء إلى طرق للحفاظ على النظافة وتفادي خطر الإصابة بالأمراض من طريق أطباء الأطفال الذين يزورون المدارس دوريّاً.