تتكرر أمراض الأطفال، إذْ من السهل تلوث الأطفال بالميكروبات، لأن مصادرها في متناول أيديهم، ومجموعات كبيرة منهم تلعب بالتراب في الحدائق، وأخرى تفرك أنوفها، وهناك من يلتقطون أي شيء يرونه إما على الأرض مباشرة أو فوقها، أو قريباً منها ومن يضع في فمه أي شيء يلتقطه. وربما تهدأ شيئاً قليلاً ونسبياً أمراض الأطفال المُعدية خلال الإجازات، لكن ومع انطلاق الدورة الدراسية تبدأ أيضاً معاناة الأطفال والوالدين وبقية أفراد الأسرة من أمراضهم المتكررة. وتأتي من الأمهات منْ تشكو أن طفلها أو طفلتها مريضة طوال الوقت، إذْ لا تتخلص من مرض إلا وتبدأ بالآخر. ويسأل كثير منهن: هل من خطأ في تغذيتهم أم في العناية بهم أم في أخذهم للقاحات أم أنهم لا يلبسون ما يكفي، أم أن المدرسة هي السبب، وغير هذا. لكن الأمر ربما ليس بهذا السوء، بل الغالب أن هذا جزء طبيعي من مراحل تطور جهاز مناعة الطفل، التي يمر الطفل أثناءها بإصابات متعددة نتيجة التعرض لطيف واسع من الميكروبات كالبكتيريا أو الفيروسات. * حالات رئيسية * وبالمراجعات الطبية، وربما بشيء من تذكر الأمهات أو الآباء، فإن غالب الأمراض المعدية والمتكررة لدى الأطفال، التي تحول دون حضورهم إلى المدرسة مرات عدة خلال الدورة الدراسية، تنحصر في أربع حالات رئيسية. قد تزيد أنواعها لدى البعض منهم لأسباب محلية، أو قد تظهر أوبئة موسمية بين مجموعات أخرى منهم كذلك. وهي نزلات البرد، وحالات الالتهابات المعوية المصحوبة بالإسهال، واحمرار العين نتيجة التهاب الجفون وملتحمة العين، والتهابات الحلق البكتيرية. وفي كلها ، ماعدا احمرار العين، ترتفع حرارة الطفل ويظهر المرض عليه من خلال الضعف أو الألم أو أعراض أخرى. ولا يقوى على النشاط في الحركة ويلتصق بأمه أكثر طلباً للحنان والرعاية وخوفاً من التعب والمرض. ويغدو المزاج لدى الطفل في أسوأ أحواله، فلا يُقبل على تناول الطعام ولا الأدوية، مما يُوجد حالة من عدم الاستقرار الأسري والمنزلي. ومن أسس التعامل الصحيح مع المشاكل أياً كانت، فهمها وفهم أسبابها وفهم الكيفية السليمة للتعامل معها. * نزلات البرد * التهابات الجهاز التنفسي العلوي هي أكثر مرض يُصيب الأطفال بلا منازع. وغالب مراجعات الأمهات أو الآباء لأطباء الأطفال في العيادات أو أقسام الإسعاف هي بسببها. ويشمل الجزء العلوي من الجهاز التنفسي كلاً من الأنف والجيوب الأنفية والحلق بشكل عام. وتتسبب بنزلات البرد فيها مجموعة من الفيروسات المتعددة والمتنوعة. والمهم حولها هو أن الإنسان البالغ والسليم من أية أمراض مزمنة يُصاب بها طبيعياً حوالي أربع مرات في السنة، بينما معدل إصابة الأطفال أكبر من هذا، إذْ تبلغ من 6 إلى 10 مرات في السنة، والمدة التي يعاني الطفل فيها من نزلة البرد هي أطول مما يُعاني البالغ. وهو ما يُفسر للأمهات وللآباء تكرار إصابة أطفالهم بها، ويُهدئ قليلاً من روعهم، ويُسهل تعاملهم معها دون ارتباك أو إفراط في القلق والتوتر. والراحة ضرورية للمعالجة، والتغيب عن المدرسة يُعطي الطفل راحة أثناء المرض ويُسهم في حماية الأطفال الآخرين من الإصابة بعدوى الفيروسات المسببة لها. * النزلات المعوية * وثاني أكثر أمراض الأطفال شيوعاً هي النزلات المعوية. وتظهر على هيئة مرض يتسبب في القيء والإسهال، أو أحدهما. وارتفاع في حرارة الجسم، وإعياء شديد، وعدم تقبل للأكل، وتدني المزاج. وقد تنجم عن تكرار القيء أو الإسهال حالة من الجفاف، خاصة لدى الأطفال الأصغر سناً. وهي ما تُعرف بعلامات عدة، على الأم أن تتنبه لها، كالعطش الشديد وجفاف الفم وقلة التبول أو تغير لون البول نحو درجة داكنة وقلة إفراز الدمع عند البكاء مع إعياء وخمول شديد، وضعف عام في الجسم. ولذا فإن تعويض ما فقده الطفل من سوائل وأملاح، وتسبب في الجفاف. وهو جزء مهم من المعالجة، كي يسترد الجسم عافيته ويتم تزويد الجسم بكميات كافية من الدم، ينشط على إثرها جهاز مناعة الجسم وينجح في مكافحة المرض. * احمرار العين * والتهابات الملتحمة، وهي الأغشية المبطنة للجفون والمغلفة لبياض العين، تتسبب بها فيروسات وبكتيريا. وهي مُعدية للغير، من أطفال وبالغين، بصفة عالية. ولذا يستدعي الأمر التغيب عن الحضور إلى المدرسة. وسبق لصفحة الأسرة في ملحق الصحة بالشرق الأوسط أن عرضت موضعها قبل بضعة أشهر. والمهم أن مراجعة الطبيب ضرورية، واتباع إرشاداته العلاجية كذلك من قطرات أو مراهم للعين وكمادات دافئة وغير ذلك. * التهابات الحلق * وهناك ميكروبات عدة، سواء فيروسات أو بكتيريا، تتسبب في التهابات الحلق. والتي تظهر على هيئة ألم في الحلق مع ارتفاع حرارة الجسم، سواء أكانت اللوزتان موجودتين أم تم استئصالهما. مع صعوبة في البلع وربما قيء، ولدى 15% من حالات التهاب حلق الأطفال، تتسبب بكتيريا ستربتوكوكس بالمشكلة، خاصة لدى الأطفال. وتنتقل بينهم بسهولة. وهي ما تتطلب معالجة بالمضادات الحيوية كي يتم القضاء عليها سريعاً قبل أن تتأثر أعضاء عدة في الجسم منها كالقلب أو المفاصل أو الكلى، والتي تجمع ظهورها في تلك الأعضاء عبارة مرض الحمى الروماتزمية. * عند مرض الطفل.. يجب التغيب عن المدرسة * ينصح الباحثون من مايو كلينك بالتغيب عن المدرسة، والعودة إليها تكون بشروط. أهم ما يُعلمه الوالدان لأبنائهما الصغار أو الكبار أثناء تربيتهم للمحافظة على الصحة والوقاية من الأمراض هو غسل اليدين جيداً بالماء والصابون بشكل متكرر يومياً، لمدة لا تقل عن 15 ثانية كما يذكر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة. ومثلها في الفائدة، لتنظيف اليدين، ربما مناديل تنظيف اليدين المغمورة بسائل تنظيف، أو ما يُسمى «هاند وايب»، أو الجل المحتوي على شيء من الكحول. لأن الناس قد لا يستطيعون، مهما حاولوا، أن يمنعوا خروج الفيروسات والبكتيريا من المرضى إلى الهواء واستقرارها على أسطح الأشياء حولنا كالطاولات أو الأوراق أو الهواتف أو مقابض الأبواب أو غيرها، لكننا نستطيع أن نحد بشكل كبير من وصولها إلينا باللمس عبر نظافة اليدين دائماً. ومن خلال منع الطفل من الذهاب إلى المدرسة حال إصابته بأي من الأمراض المعدية، فإن الآباء والأمهات يُسهمون في تقليل فرص انتشار الأمراض وانتقالها إلى الأطفال الآخرين في المدرسة. والأساس أن تمتنع المدرسة عن استقبال الطفل إذا ما كانت حرارته تتجاوز 39 درجة مئوية، أو لديه إسهال أو قيء. وأن لا تقبل حضور من لديه التهاب بكتيري في الحلق من نوع ستربتوكوكس ما لم يكن قد بدأ في تناول المضاد الحيوي وأنهى جرعات أو يوماً منها، وكذلك الحال مع احمرار العين، وإن كان البعض يرى أن يوماً واحداً من وضع المضاد الحيوي على العين لا يكفي للسماح للطفل بالعودة إلى المدرسة، حيث لا يزال مُعدياً لبقية الأطفال. ويشير الباحثون من مايو كلينك، إلى أن الطفل قد يكون بإمكانه العودة إلى المدرسة، وقد تتقبل المدرسة حضوره طالما اختفى الارتفاع الشديد في حرارة الجسم، وأصبح قادراً على الأكل أو الشرب، ولديه القدرة البدنية والذهنية للبقاء في الفصل الدراسي وفهم ما يُطرح من دروس فيه، وأتم فترة العزل لو أن الطبيب نصح بها. ومن المفارقة ما تُشير إليه المصادر الطبية، وهو أن الحضور والانتظام في المدرسة هو ما يحتاج إلى تقرير طبي يُفيد بأن الطفل غير مُعد لزملائه وأن حالته الصحية مستقرة. ش.أ