من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    وفاة وكيل وزارة الثقافة عزان    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    عدن على حافة الانفجار: انهيار شامل وخيوط مؤامرة دولية تُنسج بأيدٍ يمنية    بوساطة قطرية.. اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    بالتعادل.. إنتر ميامي وبالميراس يحلقان إلى دور ال16    أوساكا.. انتصار أول على العشب    اليمن تضع إمكانياتها تحت تصرف قطر وتطلب من المغتربين عدم العودة لسوء أوضاع وطنهم    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    حان وقت الخروج لمحاصرة معاشيق    مسئول ايراني كبير: تصريحات ترامب حول اتفاق وقف النار "خدعة"    الفريق السامعي: المنطقة على موعد مع حدث خطير    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    بطولة عدن الأولى للبلولينج تدخل مرحلة الحسم    - من هو رئيس تحرير صحيفة يمنية يلمّح بالزواج من إيرانية ؟ أقرأ السبب !    عربة خدمات ارضية تخرج طائرة لليمنية عن الخدمة    إيران تفرض حرب استنزاف باهظة على الصهاينة ..!    خامنئي: لم نعتد على أحد ولا نقبل ان يعتدى علينا    الخارجية اليمنية: الهجوم الإيراني على قطر انتهاك صارخ للقانون الدولي    تحركات مشبوهة للقوات الأجنبية حول مطار المهرة ..    السقلدي: هناك شحن وتعبئة لقوات الامن تجاه المواطن    - الأوراق تكشف كيف رحل رجل الأعمال الشيباني وقلبه مثقل بخيانة نجله؟ صراع على التركة وفضيحة مدوّية داخل العائلة!    وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    17 لاعبا مهددون بالرحيل عن مانشستر سيتي بأمر من غوارديولا    دوامة الأزمات التي تخنق العاصمة عدن إلى متى؟    الرئيس المشاط يعزي في وفاة عبد الله عبد الوهاب قاسم    بعد المونديال.. بيلينجهام يغيب عن ريال مدريد 3 أشهر    النفط يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يناير بسبب المخاوف بشأن الإمدادات    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    اجتماع موسع لمناقشة الاستعدادات الجارية لبدء العام الدراسي الجديد في مدينة البيضاء    ضبط مخزن للأدوية المهربة بمحافظة تعز    الفاسدون في الدولة وسياسات تخريب الطاقة الكهربائية السيادية؟!    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    الحرارة فوق 40..عدن في ظلام دامس    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    مرض الفشل الكلوي (9)    كشف أثري جديد بمصر    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعالوا نكسر التلفزيون
نشر في الخبر يوم 11 - 03 - 2016

قد يتذكّر بعض الذين عاشوا طفولة مترفة، وأنا لست منهم بالطبع، كيف كانوا يكسرون ألعابهم الثمينة، ليكتشفوا ما في داخلها، فيتعرّضون للتوبيخ، وربما العقاب، على ما اقترفوا، إلا في حال كان الأهل ممن قرأوا أو سمعوا نتائج أبحاث ودراسات علميةٍ ترى، في مثل هذا السلوك عند الأطفال، مؤشراً على الذكاء، أو الفضول المحمود، في أسوأ الأحوال.
صار التلفزيون، منذ زمن بعيد، لعبة الكبار، كما الصغار. ولم يتجرأ الناس، غالباً، على كسره ليروا ما في داخله. هناك طرائف وحكايات واقعية كثيرة عن مشاهدين حطموا أجهزة التلفاز في منازلهم، غضباً من خبر فاجع، أو رد فعل على مسلسل درامي صادم، وليس بدافع الرغبة في الاكتشاف. هناك أيضاً من قذفوه جماعياً بالأحذية، في المقاهي والساحات العامة، تعبيراً عن موقف سياسي من رئيسٍ، أو ديكتاتور فاسد ظهرت صورته داخل المستطيل السحري، في يوم من أيام ربيع الثورات العربية، غير أن ذلك لم يكن سوى استثناءات عابرة، في سيرة تقول إن الشاشة الفضية تمنح الأشخاص الذين يتكرّر ظهورهم عليها هالة استثنائية، وغير مستحقة، على الأرجح، لا في ما يتعلق بحُسن أشكالهم الخارجية فحسب، وإنما على مستوى صدقية مواقفهم، وعمق آرائهم، في الوقت نفسه، فترى المعجبين بالملايين، يبحثون عن أخبارهم ويتابعونهم على مواقع الإعلام الجديد، ويقلدونهم، ويستشهدون بأقوالهم، ويسارعون إلى التقاط الصور معهم، إن صادفوهم في مكان عام، بينما يستمرئ هؤلاء اللعبة السهلة المريحة والمربحة، حتى يصير من غير المستغرب، مثلاً، أن تجد بينهم/ بينهن من تمتلك الشجاعة على التصرف بوصفها نموذج جمال خارق، وغير مسبوق، وهي تعرف كمية المساحيق والجراحات التجميلية التي تواظب على تعريض نفسها لها، ومثلها من يجرؤ على التنظير والفتوى في أشد المسائل الاجتماعية والسياسية والفكرية تعقيداً، وهو لم يقرأ كتاباً في حياته سوى كتب المنهاج المدرسي، إن قرأها.
ستجد كذلك، إذا أمعنت النظر، أو قل إذا كسرت التلفزيون، نماذج أخرى مشابهة، وأكثر من أن تُحصى على شخصياتٍ سياسيةٍ وإعلاميةٍ وفنيةٍ، استطاعت تسويق نفسها للمشاهدين، بألسن مطلية بمساحيق الأفكار الثورية المتشددة، ثم لم تتورّع، في لحظة الحقيقة، عن المضمضة بدم المعجبين وأهلهم وأحبائهم، لتنحاز إلى أجنداتٍ مذهبيةٍ وإقليميةٍ ودوليةٍ، ما انفك أصحابها ينشرون الموت والخراب في سورية والعراق ومصر، دفاعاً عن أنظمة حكم قمعية فاسدة.
يحدث هذا الخداع، للأسف، لا في زمن التلفزيون "الأسود والأبيض"، وإنما في زمن الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية، ليقول إن الشاشة الصغيرة، حتى لو صار لها بُعد افتراضي ثالث أو رابع، تبقى في حقيقتها مسطحةً تماماً، وكذا يظل، في معظم الحالات، هؤلاء الذي يُسمون نجومها، سواء كانوا فنانين أو مذيعين أو محللين سياسيين.
التلفزيون، والحال تلك، جهاز يخاصم العمق، ويُظهر غير ما يُبطن، وفق ما يكشف اختبار الزبد المتدفق من شاشته. وأذكر أن الصديق العراقي، فيصل الياسري، الذي يُعتبر أحد أهم رواد الإخراج الدرامي العرب، منذ ستينيات القرن الماضي، كان كلما رآني أجهد في صنع تقرير من بغداد، عن مقدمات الغزو الأميركي البريطاني عام 2003 يقول لي مازحاً؛ "متى ستقتنع يا ماجد أن التلفزيون "قشمرة"؟"، وهي كلمة متداولة في اللهجات العراقية والخليجية بمعنى "احتيال" أو "لفلفة". وأغلب الظن أن أصلها في الفصحى يعود إلى مفردة "غشمرة" التي تعني ركوب الرأس في الحق والباطل، وإتيان الأمر من غير تثبت، وفق ما تقول معاجم اللغة العربية.
لكن الإنصاف يقتضي، في المقابل، رؤية ما على الشاشة، وما خلفها، من نماذج نقيضة، تقول إن ما ينفع الناس موجود هناك أيضا، وإن مشاهدين كثيرين يلحظونه، من دون حاجةٍ إلى أن يكسروا التلفزيون، ويقدّرونه حق قدره، حتى وإن استبدت الضحالة بأعين الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.